قامَ فصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذالِكَ ثُمَّ قامَ فقالَ إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدَ ولَا لِحَيَاتِهِ ولاكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آياتِ الله يُرِيهِمَا عِبَادَهُ فإذَا رَأيْتُمْ ذالِكَ فافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ معمر بن رَاشد. قَوْله: (وَهِشَام ابْن عُرْوَة) ، بِالْجَرِّ عطفا على الزُّهْرِيّ.
٤١ - (بابُ الذِّكْرِ فِي الكسوفِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الذّكر عِنْد كسوف الشَّمْس.
رَوَاهُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
أَي: روى الذّكر فِي الْكُسُوف عبد الله بن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد تقدم فِي حَدِيثه فِي: بَاب صَلَاة الْكُسُوف جمَاعَة، وَفِيه: (فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فاذكروا الله) .
٩٥٠١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ العَلَاءِ قَالَ حدَّثنا أبُو أسامَةَ عنْ بُرَيْدِ بنِ عَبْدِ الله عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبِي مُوسى ا. قَالَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَزَعا يَخْشَى أنْ تكُونَ السَّاعَةُ فَأتى المَسْجِدَ فَصَلَّى بِأطْوَلِ قِيَامٍ ورُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأيْتُهُ قَط يَفْعَلُهُ وَقَالَ هاذِهِ الآياتُ الَّتِي يُرْسِلُ الله عَزَّ وَجَلَّ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلاكِنْ يُخَوِّفُ الله بهِ عِبَادَهُ فإذَا رَأيْتُمْ شَيْئا مِنْ ذالِكَ فافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ الله وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فافزعوا إِلَى ذكر الله) .
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن الْعَلَاء بن كريب الْهَمدَانِي الْكُوفِي. الثَّانِي: أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن زيد الْقرشِي الكوفى. الثَّالِث: بريد، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء: ابْن عبد الله ابْن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْكُوفِي. الرَّابِع: جده أَبُو بردة اسْمه الْحَارِث بن أبي مُوسَى، وَيُقَال: عَامر بن أبي مُوسَى، وَيُقَال: اسْمه كنيته. الْخَامِس: عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رجال إِسْنَاده كوفيون. وَفِيه: ثَلَاثَة مكيون، وَفِيه: رِوَايَة الرجل عَن جده وجده عَن أَبِيه.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا عَن عبد الله بن براد وَأبي كريب، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (فَزعًا) بِكَسْر الزَّاي صفة مشبهة، وَيجوز أَن يكون بِفَتْح الزَّاي وَيكون مصدرا بِمَعْنى الصّفة. قَوْله: (يخْشَى) جملَة فِي مَحل النصب على الْحَال. قَوْله: (أَن يكون) ، فِي مَحل النصب على أَنه مفعول: يخْشَى. قَوْله: (السَّاعَة) ، بِالنّصب وَالرَّفْع، أما النصب فعلى أَن يكون خبر: يكون نَاقِصَة، وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يرجع إِلَى الْخَسْف الَّذِي يدل عَلَيْهِ: (خسفت) ، وَأما الرّفْع فعلى أَن يكون تكون تَامَّة، قَالَ الْكرْمَانِي، وَهَذَا تَمْثِيل من الرَّاوِي كَأَنَّهُ قَالَ: فَزعًا كالخاشي، أَن تكون الْقِيَامَة، وإلاّ فَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَالما بِأَن السَّاعَة لَا تقوم، وَهُوَ بَين أظهرهم، وَقد وعده الله إعلاء دينه على الْأَدْيَان كلهَا، وَلم يبلغ الْكتاب أَجله. وَقَالَ النَّوَوِيّ: قد يسْتَشْكل هَذَا من حَدِيث أَن السَّاعَة لَهَا مُقَدمَات كَثِيرَة لَا بُد من وُقُوعهَا: كطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا، وَخُرُوج الدَّابَّة والدجال وَغَيرهَا، وَكَيف الخشية من قِيَامهَا حِينَئِذٍ، وَيُجَاب بِأَنَّهُ: لَعَلَّ هَذَا الْكُسُوف كَانَ قبل إِعْلَامه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذِهِ العلامات، أَو لَعَلَّه خشِي أَن تكون بعض مقدماتها أَو أَن الرَّاوِي ظن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خشِي أَن تكون السَّاعَة، وَلَيْسَ يلْزم من ظَنّه أَن يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خشِي حَقِيقَة، بل رُبمَا خَافَ وُقُوع عَذَاب الْأمة، فَظن الرَّاوِي ذَلِك. قلت: كل وَاحِد من هَذِه الْأَجْوِبَة لَا يَخْلُو عَن نظر، إِذا تَأمله النَّاظر، وَالْأَوْجه فِي ذَلِك مَا قَالَه الْكرْمَانِي، أَو أَنه