مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَبَين الحَدِيث الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة. لِأَن قَوْله: وَلَا أحرمهُ يدل على الْإِبَاحَة.
وَعبد الْعَزِيز بن مُسلم بِكَسْر اللَّام الْخَفِيفَة الْمروزِي.
والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَهَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي الْإِبَاحَة وَعلل بالعيافة، وَهَذَا الضَّب جَاءَ أَنه أهدته خَالَة ابْن عَبَّاس أم حفيدة، وَفِي لفظ: حفيدة بنت الْحَارِث أُخْت مَيْمُونَة، وَكَانَت بِنَجْد تَحت رجل من بني جَعْفَر. وَفِي لفظ: كلوا فَإِنَّهُ حَلَال، وَفِي لفظ: لَا بَأْس بِهِ، وَفِي لفظ: لَا آكله وَلَا أنهى عَنهُ، وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ: كنت فِي بَيت مَيْمُونَة فَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ خَالِد. فجاؤا بضبين مشويين فَتَبَزَّقَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لَهُ خَالِد: إخالك تقذره يَا رَسُول الله؟ قَالَ: أجل وروى مُسلم من حَدِيث أبي سعيد مَرْفُوعا: إِن الله غضب على سبط من بني إِسْرَائِيل فمسخهم دَوَاب يدبون فِي الأَرْض، فَلَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا مِنْهَا، فلست آكلها وَلَا أنهى عَنْهَا. قَالَ أَبُو سعيد: فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك، قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِن الله عز وَجل لينفع بِهِ غير وَاحِد، وَإنَّهُ لطعام عَامَّة الرُّعَاة، وَلَو كَانَ عِنْدِي لطعمته، وَإِنَّمَا عافه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث كَثِيرَة بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة عَن رجال شَتَّى من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، لم يصحح أحد مِنْهُم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تَحْرِيمهَا، وَأكْثر من روى أَنه أمسك عَن أكلهَا عيافة، وَقد وضع الطَّحَاوِيّ بَابا للضباب فروى أَولا حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة، قَالَ: نزلنَا أَرضًا كَثِيرَة الضباب فأصابتنا مجاعَة فطبخنا مِنْهَا، وَإِن الْقُدُور لتغلي بهَا إِذْ جَاءَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْنَا: ضباب أصبناها فَقَالَ: إِن أمة من بني إِسْرَائِيل مسخت دَوَاب فِي الأَرْض وَإِنِّي أخْشَى أَن تكون هَذِه وَإِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ، وَقَالَ ابْن حزم: حَدِيث صَحِيح إلَاّ أَنه مَنْسُوخ بِلَا شكّ. ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: ذهب قوم إِلَى تَحْرِيم لُحُوم الضباب، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الحَدِيث. قلت: أَرَادَ بالقوم هَؤُلَاءِ الْأَعْمَش وَزيد بن وهب وَآخَرين. ثمَّ قَالَ: وَخَالفهُم فِي ذَلِك آخَرُونَ فَلم يرَوا بهَا بَأْسا. قلت: أَرَادَ بالآخرين هَؤُلَاءِ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى وَسَعِيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ ومالكا وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، وَبِه قَالَت الظَّاهِرِيَّة، ثمَّ قَالَ: وَقد كره قوم أكل الضَّب مِنْهُم أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد. ثمَّ قَالَ: الْأَصَح عِنْد أَصْحَابنَا أَن الْكَرَاهَة كَرَاهَة تَنْزِيه لَا كَرَاهَة تَحْرِيم لتظاهر الْأَحَادِيث الصِّحَاح بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحرَام.
٥٥٣٧ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَن ابنِ شِهابٍ عَنْ أبِي أمامَةَ بنِ سَهْلِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ الله عَنْهُما، عَنْ خَالِدِ بنِ الوَلِيدِ أنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُودٍ فَأهْوَى إلَيْهِ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِيَدِهِ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ: أخْبِرُوا رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِمَا يُرِيدُ أنْ يَأكُلَ. فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ الله {فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ الله} فَقَالَ: لَا وَلاكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأرْضِ قَوْمِي فَأجِدُنِي أعافُهُ. قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأكَلْتُهُ وَرَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَنْظُرُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن مسلمة بِفَتْح الميمين القعني، وَأَبُو أُمَامَة بِضَم الْهمزَة أسعد بن سهل الْأنْصَارِيّ وَله رِوَايَة ولأبيه سهل بن حنيف صُحْبَة.
وَفِيه: رِوَايَة صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ، وَاخْتلف فِيهِ على الزُّهْرِيّ، هَل هُوَ من مُسْند ابْن عَبَّاس أَو من مُسْند خَالِد بن الْوَلِيد، وَكَذَا اخْتلف فِيهِ على مَالك فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: عَن ابْن عَبَّاس عَن خَالِد، وَقَالَ يحيى ابْن بكير فِي (الْمُوَطَّأ) وَطَائِفَة عَن مَالك بِسَنَدِهِ عَن ابْن عَبَّاس وخَالِد أَنَّهُمَا دخلا وَقَالَ يحيى بن يحيى عَن مَالك بِلَفْظ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخلت أَنا وخَالِد على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخرجه مُسلم عَنهُ.
والْحَدِيث مضى فِي الْأَطْعِمَة فِي: بَاب مَا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يَأْكُل حَتَّى يُسمى لَهُ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن مقَاتل، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (بَيت مَيْمُونَة) ، هِيَ خَالَة خَالِد بن الْوَلِيد. قَوْله: (محنوذ) ، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي: مشوي. قَوْله: (فَأَهوى إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ) ، أَي: أمال يَده إِلَيْهِ ليأخذه، وَقيل: قصد بِيَدِهِ إِلَيْهِ. قَوْله: (فأجدني) ، أَي: فأجد نَفسِي أعافه أَي: أكرهه. قَوْله: (ينظر) ، زَاد يُونُس فِي رِوَايَته إليّ.
٢٤ - (بَابٌ: {إذَا وَقَعَتِ الفَأرَةُ فِي السَّمْنِ الجَامِدِ أوِ الذَّائِبِ} )