٢٩١ - (بابُ الْبِشَارَةِ فِي الْفُتُوحِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الْبشَارَة، بِكَسْر الْبَاء من: بشرت الرجل أُبَشِّرهُ بِالضَّمِّ بشرا وبشوراً من الْبُشْرَى، وَكَذَلِكَ الإبشار والتبشير، ثَلَاث لُغَات، وَهُوَ إِدْخَال السرُور فِي قلبه، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْبشَارَة بِالْكَسْرِ وَالضَّم الإسم، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْبشَارَة بِالضَّمِّ: مَا يعْطى البشير كالعمالة لِلْعَامِلِ وبالكسر الإسم لِأَنَّهَا تظهر طلاقة الْإِنْسَان وفرحه. قَوْله: (فِي الْفتُوح) ، جمع فتح فِي الْغَزْوَة، وَفِي مَعْنَاهُ: كل مَا فِيهِ ظُهُور الْإِسْلَام وَأَهله ليسر الْمُسلمين بإعلاء الدّين ويبتهلوا إِلَى الله تَعَالَى بالشكر على مَا وهبهم من نعمه ومنَّ عَلَيْهِم من إحسانه، فقد أَمر الله تَعَالَى عبَادَة بالشكر وَوَعدهمْ الْمَزِيد بقوله: {لَئِن شكرتم لأزيدنكم} (إِبْرَاهِيم: ٧) .
٦٧٠٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى قَالَ حدَّثنا يَحْيى قالَ حدَّثني إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني قَيْسٌ قَالَ قَالَ لِي جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألَا تُرِيحُنِي منْ ذِي الخَلَصَةِ وكانَ بَيْتاً فِيهِ خَثْعَمُ يُسَمَّى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَّةِ فانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ ومِائَةٍ منْ أحْمَسَ وكانُوا أصْحَابَ خَبْلٍ فأخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنِّي لَا أثْبُتُ عَلَى الخَيْلَ فَضَرَبَ فِي صَدْرِي حتَّى رَأيْتُ أثَرَ أصَابِعِهِ فِي صَدْرِي فَقالَ اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ واجْعَلْهُ هادِياً مَهْدِياً فانْطَلقَ إلَيْهَا فكَسَرَها وحرَّقَها فأرْسَلَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُبَشِّرُهُ فَقال رسوُلُ جَرِيرٍ يَا رسُولَ الله والَّذِي بعَثَكَ بالحَقِّ مَا جِئْتُكَ حتَّى تَرَكْتُهَا كأنَّهَا جَمَلٌ أجْرَبُ فبارَكَ علَى خَيْلِ أحْمَسَ ورِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. قَالَ مُسَدَّدٌ بَيْتٌ فِي خَثْعَمَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَأرْسل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يبشره) وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي، وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم. والْحَدِيث مر فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب حرق الدّور والنخيل، عَن مُسَدّد عَن يحيى إِلَى آخِره، وَأخرج بعضه أَيْضا فِي: بَاب من لَا يثبت على الْخَيل.
قَوْله: (أجرب) ، وَفِي رِوَايَة مُسَدّد فِيمَا مضى: أجوف. قَوْله: (قَالَ مُسَدّد: بَيت فِي خثعم) أَرَادَ بِهَذَا أَن مُسَددًا رَوَاهُ عَن يحيى الْقطَّان بِالْإِسْنَادِ الَّذِي سَاقه البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن يحيى، فَقَالَ: بدل قَوْله: وَكَانَ بَيْتا فِيهِ خثعم: وَهَذِه الرِّوَايَة هِيَ الصَّوَاب.
٣٩١ - (بابُ مَا يُعْطَى لِلْبَشِيرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يعْطى للبشير، وَقد ذكرنَا أَن الَّذِي يعْطى للبشير يُسمى بِشَارَة، بِضَم الْبَاء.
وأعْطَى كَعْبُ بنُ مَالِكٍ ثَوْبَيْنِ حِينَ بُشِّرَ بالتَّوْبَةِ
كَعْب بن مَالك بن أبي كَعْب، واسْمه عَمْرو السّلمِيّ الْمدنِي الشَّاعِر، وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين تَابَ الله عَلَيْهِم، وَأنزل فيهم: {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} (التَّوْبَة: ٨١١) . وَهُوَ أحد السّبْعين الَّذين شهدُوا الْعقبَة. قَوْله: (حِين بشر بِالتَّوْبَةِ) ، أَي: بشر بِقبُول تَوْبَته لأجل تخلفه عَن غَزْوَة تَبُوك، وَكَانَ المبشر هُوَ سَلمَة بن الْأَكْوَع، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد مضى هَذَا.
٤٩١ - (بابٌ لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا هِجْرَة بعد فتح مَكَّة، وَيجوز أَن يكون المُرَاد أَعم من ذَلِك.
٧٧٠٣ - حدَّثنا آدَمُ بنُ أبِي إياسٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عنْ مَنْصُورٍ عنْ مُجَاهِدٍ عنْ طاوُوسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ لَا هِجْرَةَ ولَكِنْ جِهَادٌ ونِيَّةٌ وإذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفُرُوا. .