وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن عَمْرو بن عَليّ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن بشر بن هِلَال.
قَوْله: (أضرّ) وَذَلِكَ أَن الْمَرْأَة نَاقِصَة الْعقل وَالدّين، وغالبا ترغب زَوجهَا عَن طلب الدّين، وَأي فَسَاد أضرّ من ذَلِك؟ وَرُوِيَ عَنهُ، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، قَالُوا: يَا رَسُول الله! وَمَا فتنتهن؟ قَالَ: إِذا لبس ربط الشَّام وحلل الْعرَاق وَعصب الْيمن وملن كَمَا تميل أسنمة البخت، فَإِذا فعلن ذَلِك كلفن الْغَيْر مَا لَيْسَ عِنْده. وَقد أخرج مُسلم من حَدِيث أبي سعيد فِي إثناء حَدِيث: وَاتَّقوا النِّسَاء فَإِن أول فتْنَة بني إِسْرَائِيل كَانَت من النِّسَاء.
٨١ - (بابُ الحُرَّةِ تَحْتَ العَبْدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَون الْمَرْأَة الْحرَّة تَحت العَبْد، يَعْنِي: تَحت عقده، وَالْمعْنَى: بَاب فِي بَيَان جَوَاز نِكَاح العَبْد الْحرَّة، إِذا رضيت بِهِ.
٧٩٠٥ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرَنا مالِك عنْ رَبِيعَةَ بنِ أبي عبْدِ الرَّحْمانِ عنِ القاسمِ ابنِ مُحَمَّدٍ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: كانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ عُتِقَتْ فخُيِّرَتْ، وَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ، ودَخَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وبُرْمَةٌ علَى النَّارِ فقُرِّبَ إلَيْهِ خُبْز وأُدْمِ البَيْتِ؟ فَقَالَ: ألَمْ أرَ البُرْمَةَ؟ فَقيلَ: لحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ علَى بَرِيرة وأنْتَ لَا تأكُلُ الصَّدَقَةَ، قَالَ: هُوَ عليْها صدَقَةٌ ولَنا هَدِيَّةٌ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن زوجٍ بَرِيرَة كَانَ عبدا. وَفِي التَّلْوِيح: وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِكَوْن زَوجهَا عبدا وَلَا غَيره، وَقد تجاذبت فِيهِ الرِّوَايَات، فَقَائِل: كَانَ حرا وَقَائِل: كَانَ عبدا، فَلَا يتمحض للْبُخَارِيّ استدلاله وَلم يَأْتِ فِي حَدِيثه بِشَيْء من ذَلِك. وَلَا يُقَال: ترجح عِنْده كَونه عبدا لِأَن أَبَا حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْجَانِب الآخر يرجح كَونه حرا عِنْده، وَلَيْسَ قَول أَحدهمَا بِأولى من الآخر إلَاّ بترجيح نقلي من خَارج انْتهى. قلت: هَذَا الَّذِي ذكره لَا يدْفع وَجه الْمُطَابقَة لِأَنَّهُ وضع هَذِه التَّرْجَمَة وسَاق لَهَا الحَدِيث الْمَذْكُور بِنَاء على ترجح عِنْده، وَأما تَرْجِيح أحد الْقَوْلَيْنِ على الآخر بِالنَّقْلِ من خَارج فَلَا دخل لَهُ هَهُنَا فِي وَجه الْمُطَابقَة. فَافْهَم.
وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن الْمَشْهُور بربيعة الرَّأْي، وَاسم أبي عبد الرَّحْمَن فروخ مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله وَفِي الْأَطْعِمَة عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة وَفِي الْعتْق عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق عَن مُحَمَّد بن سَلمَة.
قَوْله: (فِي بَرِيرَة) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الرَّاء الأولى. اسْم جَارِيَة اشترتها عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فأعتقتها وَكَانَت مولاة لبَعض بني هِلَال فكاتبوهم باعوها لعَائِشَة. قَوْله: (ثَلَاث سِنِين) أَي: ثَلَاث طرق أحكاما شَرْعِيَّة، بَعْضهَا مر فِي كتاب الْكِتَابَة. قَوْله: (عتقت) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: أعتقتها عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (فخيرت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، أَيْضا أَي: خَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، هَذَا أول السّنَن الثَّلَاث وَهُوَ أَن الْأمة الَّتِي تَحت العَبْد إِذا أعتقت لَهَا الْخِيَار فِي فسخ نِكَاحهَا، وَرُوِيَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات: أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن عَطاء عَن دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عَامر الشّعبِيّ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لبريرة لما أعتقت: قد عتق بضعك مَعَك فاختاري، وَهَذَا مُرْسل.
وَاخْتلفُوا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، فَقَالَ الشّعبِيّ والنخي وَالثَّوْري وَمُحَمّد بن سِيرِين وطاووس وَمُجاهد وَحَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَالْحسن بن مُسلم وَأَبُو قلَابَة وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَالْحسن بن صَالح وَأَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَأَبُو ثَوْر: الْأمة إِذا أعتقت لَهَا الْخِيَار فِي نَفسهَا سَوَاء كَانَ زَوجهَا حرا أَو عبدا، وَهُوَ مَذْهَب أهل الظَّاهِر أَيْضا. وَقَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح وَسَعِيد بن الْمسيب وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَابْن أبي ليلى وَالْأَوْزَاعِيّ وَالزهْرِيّ وَاللَّيْث بن سعد وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق إِن كَانَ زَوجهَا عبدا فلهَا الْخِيَار، وَإِن كَانَ حرا فَلَا خِيَار لَهَا.
وَاخْتلفُوا فِي زوج بَرِيرَة: هَل كَانَ حرا أَو عبدا فَروِيَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه، من