مُلُوك، وَقَالَ أَبُو عمر: أَرَادَ وَالله أعلم أَنه رأى الْغُزَاة فِي الْبَحْر من أمته ملوكاً على الأسرة فِي الْجنَّة، ورؤياه وَحي. قَوْله: (شكّ إِسْحَاق) هُوَ الرَّاوِي عَن أنس. قَوْله: (زمَان مُعَاوِيَة) يَعْنِي: فِي إمارته وَلَيْسَ فِي زمن ولَايَته الْكُبْرَى، وَقَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَت هَذِه الْغَزْوَة لمعاوية سنة ثَمَان وَعشْرين.
٤٢ - (بابُ الجُلُوسِ كَيْفَما تَيَسَّر)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الْجُلُوس كَيْفَمَا تيَسّر، وَيسْتَثْنى مِنْهُ مَا نهى عَنهُ فِي حَدِيث الْبَاب على مَا يَأْتِي الْآن، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر لفظ: بَاب.
٦٢٨٤ - حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطاءِ بنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عنْ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نَهاى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ لِبْسَتَيْنِ وعنْ بَيْعَتَيْنِ: اشْتِمالِ الصَّمَّاءِ والاحْتِباءِ فِي ثَوْب واحِدٍ لَيْسَ عَلى فَرْجِ الإنْسانِ مِنْهُ شَيْءٌ، والمُلامَسَةِ والمُنابَذَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خص النَّهْي بحالتين، فمفهومه أَن مَا عداهما لَيْسَ مَنْهِيّا عَنهُ، لِأَن الأَصْل عدم النَّهْي وَالْأَصْل الْجَوَاز فِيمَا تيَسّر من الهيئات والملابس إِذا ستر الْعَوْرَة. وَعَن طَاوُوس أَنه كَانَ يكره التربع وَيَقُول: هُوَ جلْسَة مهلكة.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.
والْحَدِيث قد مر فِي الْبيُوع عَن عَيَّاش عَن عبد الْأَعْلَى عَن معمر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.
قَوْله: (لبستين) بِكَسْر اللَّام إِحْدَاهمَا: اشْتِمَال الصماء بتَشْديد الْمِيم وَالْمدّ وَهُوَ أَن يَجْعَل على أحد عَاتِقيهِ فيبدو أحد شقيه لَيْسَ عَلَيْهِ ثوب، وَالْأُخْرَى: احتباؤه بِثَوْبِهِ وَهُوَ جَالس لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شَيْء. قَوْله: (وَالْمُلَامَسَة) لمس الرجل ثوب الآخر بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ (والمنابذة) : ينْبذ الرجل إِلَى الرجل ثَوْبه وينبذ الآخر ثَوْبه وَيكون ذَلِك بيعهمَا من غير نظر.
تابَعَهُ مَعْمَرٌ ومُحَمَّدُ بنُ أبي حَفْصَةَ وَعَبْدُ الله بنُ بُدَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ
أَي: تَابع سُفْيَان فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ معمر بن رَاشد وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة الْبَصْرِيّ، مر فِي كتاب الْمَوَاقِيت، وَعبد الله ابْن بديل بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الدَّال مصغر بدل الْخُزَاعِيّ الْمَكِّيّ.
٤٣ - (بابُ مَنْ ناجاى بَيْنَ يَدَي النَّاسِ، ومَنْ لَمْ يُخْبِرْ بسِرِّ صاحِبِهِ فَإِذا ماتَ أخْبَرَ بِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من ناجى أَي: خَاطب غَيره وَحدث مَعَه سرا بَين يَدي جمَاعَة يُقَال: ناجاه يناجيه مُنَاجَاة فَهُوَ مناج. قَوْله: وَمن لم يخبر، أَي: وَفِي بَيَان من لم يخبر بسر صَاحبه فِي حَيَاة صَاحبه (فَإِذا مَاتَ صَاحبه أخبر بِهِ) للْغَيْر، وَالْحَاصِل أَن هَذِه التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على شَيْئَيْنِ لم يُوضح الحكم فيهمَا اكْتِفَاء بِمَا فِي الحَدِيث. أما الأول: فَحكمه جَوَاز مساررة الْوَاحِدَة بِحَضْرَة الْجَمَاعَة وَلَيْسَ ذَلِك من نَهْيه عَن مُنَاجَاة الْإِثْنَيْنِ دون الْوَاحِد، لِأَن الْمَعْنى الَّذِي يخَاف من ترك الْوَاحِد لَا يخَاف من ترك الْجَمَاعَة، وَذَلِكَ أَن الْوَاحِد إِذا تساروا دونه وَقع بِنَفسِهِ أَنَّهُمَا يتكلمان فِيهِ بالسوء، وَلَا يتَّفق ذَلِك فِي الْجَمَاعَة. وَأما الثَّانِي: فَحكمه أَنه لَا يَنْبَغِي إفشاء السِّرّ إِذا كَانَت فِيهِ مضرَّة على المسر، لِأَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنهُ لَو أخْبرت بِمَا أسر إِلَيْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك الْوَقْت يَعْنِي: فِي مرض مَوته من قرب أَجله لحزنت نساؤه بذلك حزنا شَدِيدا، وَكَذَلِكَ لَو أخبرتهن بِأَنَّهَا سيدة نسَاء الْمُؤمنِينَ لعظم ذَلِك عَلَيْهِنَّ وَاشْتَدَّ حزنهن، وَلما أمنت فَاطِمَة بعد موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبرت بذلك، وَهَذَا حَاصِل معنى التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة وَبِه يَتَّضِح أَيْضا معنى الحَدِيث.
٦٢٨٥ - ح دَّثنا مُوساى عَنْ أبي عَوانَةَ حَدثنَا فِراسٌ عَنْ عامِرٍ عَنْ مَسْروق حدَّثَتْني عائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ قالَتْ: إنَّا كُنَّا أزْواجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عِنْدَهُ جَميعاً لَمْ تُغادَرْ مِنَّا واحِدَةٌ، فأقْبَلَتْ فاطِمَةُ،