للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا حَضَرَ أنَسَ بنَ مالِكٍ الوَفاةُ أوْصاى أنْ يُجْعَلَ فِي حَنُوطِهِ مِنْ ذالِكَ السُّكِّ، قَالَ: فَجُعِلَ فِي حَنُوطِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَمُحَمّد بن عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس الْأنْصَارِيّ، وَالْبُخَارِيّ يروي عَنهُ كثيرا بِدُونِ الْوَاسِطَة، وثمامة بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم ابْن عبد الله بن أنس يروي عَن جده أنس بن مَالك. والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (أم سليم) ، هِيَ: أم أنس بن مَالك وَهِي بنت ملْحَان بن خَالِد بن زيد الْأَنْصَارِيَّة وَاسْمهَا الغميصاء، وَقيل: الرميصاء، وَقيل: غير ذَلِك، وَقَالَ الدَّاودِيّ: كَانَت أم سليم وَأم حرَام وأخوهما حرَام أخوال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة، وَقَالَ ابْن وهب: أم حرَام خَالَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلم يقل: من الرضَاعَة. قَوْله: (نطعاً) فِيهِ أَربع لُغَات: كسر النُّون مَعَ فتح الطَّاء وسكونها، وَفتح النُّون والطاء، وَفتحهَا وَسُكُون الطَّاء. وَالْجمع نطوع وانطاع. قَوْله: (فيقيل) . من القيلولة. قَوْله: (فِي سك) بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَشدَّة الْكَاف وَهُوَ نوع من الطّيب يُضَاف إِلَى غَيره من الطّيب وَيسْتَعْمل، فَإِن قلت: كَيفَ كَانَت أم سليم تَأْخُذ من شعر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ نَائِم؟ قلت: لَيْسَ مَعْنَاهُ مَا تبادر الذِّهْن، بل هِيَ كَانَت تجمع من شعره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا كَانَ يَتَنَاثَر عِنْد التَّرَجُّل وتجمعه مَعَ عرقه فِي السك، وَأحسن من هَذَا مِمَّا يزِيل هَذَا اللّبْس هُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن سعد بِسَنَد صَحِيح عَن ثَابت عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما حلق شعره بمنى أَخذ أَبُو طَلْحَة شعره فَأتى بِهِ أم سليم فَجَعَلته فِي سكها، وَقيل: ذكر الشّعْر فِي هَذَا الحَدِيث غَرِيب، وَلِهَذَا لم يذكرهُ مُسلم. قَوْله: (فِي حنوطه) ، بِفَتْح الْحَاء وَحكي ضمهَا وَضم النُّون وَهُوَ طيب يصنع للْمَيت خَاصَّة وَفِيه الكافور والصندل وَنَحْو ذَلِك، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الحنوط والحناط وَاحِد وَهُوَ مَا يخلط من الطّيب لأكفان الْمَوْتَى وأجسامهم خَاصَّة.

وَفِيه: جَوَاز القائلة للإجمام والرئيس والعالم عِنْد معارفه وثقاة إخوانه، وَأَن ذَلِك مِمَّا يثبت الْمَوَدَّة ويؤكد الْمحبَّة. وَفِيه: طَهَارَة شعر ابْن آدم، وَإِنَّمَا أخذت أم سليم شعره وعرفه تبركاً بِهِ وَجَعَلته مَعَ السك لِئَلَّا يذهب إِذا كَانَ الْعرق وَحده، وَجعله أنس فِي حنوطه تعوذاً بِهِ من المكاره.

٦٢٨٣ - ح دَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدثنِي مالِكٌ عَنْ إسْحااقَ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبي طَلْحَةَ عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ أنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا ذَهَبَ إِلَى قباءٍ يَدْخُلُ عَلى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحانَ فَتُطْعِمُهُ وكانَتْ تَحْتَ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ يَوْماً فأطْعَمَتْهُ فَنامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ، قالَتْ: فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ الله؟ فَقَالَ: ناسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرُضُوا عَلَيَّ غُزاة فِي سَبِيلِ الله يَرْكَبُونَ ثَبجَ هَذَا البَحْرِ مُلُوكاً على الأسِرَّةِ أوْ قَالَ: مِثْلُ المُلُوكِ عَلى الأسِرَّةِ شَكَّ إسْحاقُ. قُلْتُ: ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: ناسٌ مِنْ أمَّتي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ الله يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هاذا البَحْرِ مُلُوكاً عَلى الأسَرَّةِ أوْ مِثْلَ المُلُوكِ عَلى الأسِرَّةِ فَقُلْتُ: ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ، فَرَكِبَتِ البَحْرَ زَمانَ مُعاوِيَةَ فَصُرِعَتْ عَنْ دابَّتها حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ فَهَلَكَتْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي مَوَاضِع فِي: بَاب فضل من يصرع فِي سَبِيل الله، وَفِي: بَاب غَزْو الْمَرْأَة فِي الْبَحْر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (قبَاء) ، منون مَصْرُوف مَمْدُود على الْأَفْصَح. قَوْله: (أم حرَام) ضد الْحَلَال بنت ملْحَان بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وَهِي خَالَة أنس بن مَالك. قَوْله: (يضْحك) حَال وَكَذَا قَوْله. (عزاهُ) وَهُوَ جمع غاز. قَوْله: (ثبج هَذَا الْبَحْر) بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة وبالجيم أَي: وَسطه، وَيُقَال: ظَهره وَالْمعْنَى مُتَقَارب. قَوْله: (ملوكاً على الأسرة) جمع السرير وملوكاً مَنْصُوب فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر مَرْفُوع، وَوجه النصب بِنَزْع الْخَافِض أَي: مثل مُلُوك، وَوجه الرّفْع على أَنه خبر لمبتدأ مَحْذُوف تَقْدِيره. يركبون ثبج هَذَا الْبَحْر، هم مُلُوك. يَعْنِي: كَأَنَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>