٦٢٦٩ - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدثنِي مالِكٌ عَنْ نافِع عَنِ ابْن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ. (انْظُر الحَدِيث ٩١١ وطرفه) .
التَّرْجَمَة هِيَ الحَدِيث. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس. والْحَدِيث فِي (الْمُوَطَّأ) من رِوَايَة ابْن وهب وَمُحَمّد بن الْحسن، وَقد مضى فِي الْجُمُعَة فِي: بَاب لَا يُقيم الرجل أَخَاهُ يَوْم الْجُمُعَة وَيقْعد فِي مَكَانَهُ، من حَدِيث ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر: نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُقيم الرجل أَخَاهُ من مَقْعَده وَيجْلس فِيهِ. قلت لنافع: الْجُمُعَة؟ قَالَ: الْجُمُعَة وَغَيرهَا.
٣٢ - (بابُ { (٨٥) إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا ... . انشزوا فانشزوا} (المجادلة: ١١)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله عز وَجل: {إِذا قيل لكم} . الْآيَة. وَفِي رِوَايَة أبي ذَر. {إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا فِي الْمجْلس فافسحوا} ... الْآيَة. وَفِي رِوَايَة غَيره إِلَى قَوْله: {فانشزوا} ... الْآيَة. وَاخْتلفُوا فِي معنى الْآيَة، فَقَالَ ابْن بطال: قَالَ بَعضهم: هُوَ مجْلِس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة، كَذَا قَالَه مُجَاهِد وَقَتَادَة، وَقَالَ الطَّبَرِيّ عَن قَتَادَة: كَانُوا يتنافسون فِي مجْلِس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا رَأَوْهُ مُقبلا ضيقوا مجلسهم فَأَمرهمْ الله تَعَالَى أَن يُوسع بَعضهم لبَعض، وروى ابْن أبي حَاتِم عَن مقَاتل بن حَيَّان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، قَالَ: نزلت يَوْم جُمُعَة، أقبل جمَاعَة من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من أهل بدر فَلم يَجدوا مَكَانا، فَأَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاسا مِمَّن تَأَخّر إسْلَامهمْ وأجلسهم فِي أماكنهم، فشق ذَلِك عَلَيْهِم وَتكلم المُنَافِقُونَ فِي ذَلِك، فَأنْزل الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قيل لكم تَفَسَّحُوا فِي الْمجْلس فأفسحوا} وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: فِي الْغَزْو خَاصَّة، وَقَالَ يزِيد بن أبي حبيب: أَي أثبتوا فِي الْحَرْب، وَهَذَا من مكيدة الْحَرْب، وَقيل: هُوَ عَام. قَوْله: (يفسح الله لكم) أَي: توسعوا يُوسع الله عَلَيْكُم مَنَازِلكُمْ فِي الْجنَّة. قَوْله: {فانشزوا} أَي إِذا قيل لكم ارتفعوا فَارْتَفعُوا وَقومُوا إِلَى قتال عَدو أَو صَلَاة أَو عمل خير، وَقَالَ الْحسن: انهزوا إِلَى الْحَرْب، وَقَالَ قَتَادَة وَمُجاهد: تفَرقُوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقومُوا، وَقَالَ ابْن زيد: انشزوا عَنهُ فِي بَيته، فَإِن لَهُ حوائج. وَقَالَ صَاحب (الْأَفْعَال) : نشز الْقَوْم عَن مجلسهم قَامُوا مِنْهُ.
٦٢٧٠ - حدَّثنا خَلاّدُ بنُ يَحْياى حَدثنَا سُفْيانُ عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ نافِع عَنِ ابنِ عُمَرَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ نَهاى أنْ يُقامُ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ويجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، ولاكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا.
وكانَ ابنُ عُمَرَ يَكْرَهُ أنْ يَقُومَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلِسَ مَكانَهُ. (انْظُر الحَدِيث ٩١١ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (تَفَسَّحُوا) وخلاد بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام ابْن يحيى بن صَفْوَان السّلمِيّ الْكُوفِي، سكن مَكَّة وَمَات بهَا قَرِيبا من سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعبيد الله هُوَ الْعمريّ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (وَيجْلس فِيهِ آخر) أَي: وَأَن يجلس فِيهِ شخص آخر. وَاخْتلف فِي تَأْوِيل نَهْيه عَن أَن يُقَام الرجل من مَجْلِسه وَيجْلس فِيهِ آخر، فتأوله قوم على النّدب، وَقَالُوا: هُوَ من بَاب الْأَدَب لِأَن الْمَكَان غير متملك لَهُ، وتأوله قوم على الْوُجُوب، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث معمر عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: إِذا قَامَ أحدكُم من مَجْلِسه ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَق بِهِ. وَقَالَ مُحَمَّد بن مُسلم: معنى قَوْله: فَهُوَ أَحَق بِهِ إِذا جلس فِي مجْلِس الْقَائِم فَهُوَ أولى بِهِ إِذا قَامَ لحَاجَة، فَأَما إِذا قَامَ تَارِكًا فَهُوَ لَيْسَ أولى بِهِ من غَيره، وَقيل: إِذا قَامَ ليرْجع كَانَ أَحَق، وَقيل: إِن رَجَعَ عَن قرب كَانَ أَحَق. قَوْله: (تَفَسَّحُوا) أَمر وَوجه كَونه استدراكاً من الْخَبَر بِتَقْدِير لفظ: قَالَ، بعد: لَكِن، أَو يُقَال: نهى أَن يُقيم، فِي تَقْدِير: لَا يقيمن، وَيحْتَمل أَن يكون من كَلَام ابْن عمر، وَلَا يكون من تَتِمَّة الحَدِيث.
قَوْله: (وَكَانَ ابْن عمر) هُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور، وَقد روى هَذَا عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، أخرجه أَبُو دَاوُد من طَرِيق أبي الخصيب بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر الْمُهْملَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، واسْمه زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عمر: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَامَ لَهُ رجل عَن مَجْلِسه، فَذهب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute