الْمقَام من الْأَنْوَار الإلهية والأسرار الربانية والعنايات المحمدية أَن كل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا بِالنَّصِّ، وَأَنه لَو صلى فِي بَيته كَانَ يحصل لَهُ ثَوَاب عشر صلوَات، وَكَذَا لَو صلىَّ فِي سوقه كَانَ لكل صَلَاة عشر، ثمَّ أَنه إِذا صلى بِالْجَمَاعَة يُضَاعف لَهُ مثله فَيصير ثَوَاب عشْرين صَلَاة، أَو زِيَادَة الْخمس فَلِأَنَّهُ أدّى فرضا من الْفُرُوض الْخَمْسَة، فأنعم اعليه ثَوَاب خمس صلوَات أُخْرَى نَظِير عدد الْفُرُوض الْخَمْسَة زِيَادَة عشْرين إنعاماً وفضلاً مِنْهُ عَلَيْهِ، فَتَصِير الْجُمْلَة خَمْسَة وَعشْرين. وَجَوَاب آخر، وَهُوَ: إِن مَرَاتِب الْأَعْدَاد آحَاد وعشرات ومآت وألوف، والمآت من الأوساط، وَخير الْأُمُور أوسطها، والخمسة وَالْعشْرُونَ ربع الْمِائَة، وللربع حكم الْكل. وَأما زِيَادَة السَّبع، فَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يكون ذَلِك لمناسبة أعداد رَكْعَات الْيَوْم وَاللَّيْلَة إِذْ الْفَرَائِض سَبْعَة عشر والرواتب الْمُؤَكّدَة عشرَة. انْتهى. قلت: الرَّوَاتِب الْمَذْكُورَة اثْنَي عشر، لحَدِيث المثابرة فَتَصِير: تِسْعَة وَعشْرين، فَلَا يُطَابق الْوَاقِع، فَنَقُول: يُمكن أَن يُقَال: إِن أَيَّام الْعُمر سَبْعَة، فَإِذا صلى بِالْجَمَاعَة يُزَاد لَهُ على الْعشْرين ثَوَاب سبع صلوَات، كل صَلَاة من صلوَات كل يَوْم وَلَيْلَة من الْأَيَّام السَّبْعَة. وَأما الْوتر فَلَعَلَّهُ شرع بعد ذَلِك، ثمَّ الْعلمَاء اخْتلفُوا: هَل هَذَا الْفضل لأجل الْجَمَاعَة فَقَط حَيْثُ كَانَت؟ أَو أَن ذَلِك إِنَّمَا يكون ذَلِك فِي الْجَمَاعَة الَّتِي تكون فِي الْمَسْجِد لما يلْزم ذَلِك من أَفعَال تخْتَص بالمساجد؟ قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَالظَّاهِر الأول، لِأَن الْجَمَاعَة هُوَ الْوَصْف الَّذِي علق عَلَيْهِ الحكم. وَا أعلم. ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ قَالَ ابْن بطال: فِيهِ: أَن الصَّلَاة فِيهِ للمنفرد دَرَجَة من خمس وَعشْرين دَرَجَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لم يقل يُسَاوِي صلَاته مُنْفَردا خمْسا وَعشْرين حَتَّى يكون لَهُ دَرَجَة مِنْهَا، بل قَالَ: تزيد، فَلَيْسَ للمنفرد من الْخَمْسَة وَالْعِشْرين شَيْء قلت: قَالَ ذَلِك بِالنّظرِ فِي الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة فِي الْبَاب، فَلَو كَانَ وقف على الرِّوَايَات الَّتِي ذَكرنَاهَا لما قَالَ ذَلِك كَذَلِك. وَفِيه: الدّلَالَة على فَضِيلَة الْجَمَاعَة. وَفِيه: جَوَاز اتِّخَاذ الْمَسَاجِد فِي الْبيُوت والأسواق. وَفِيه: مَا اسْتدلَّ بِهِ بعض الْمَالِكِيَّة على أَن صَلَاة الْجَمَاعَة لَا يفضل بَعْضهَا على بعض بِكَثْرَة الْجَمَاعَة، ورد هَذَا بِمَا ذكرنَا عَن ابْن حبَان، وَمَا كثر فَهُوَ أحب إِلَى اتعالى، وَإِلَى مطلوبية الْكَثْرَة ذهب الشَّافِعِي وَابْن حبيب الْمَالِكِي.
٨٨ - (بَاب تَشْبِيكِ الأصَابِعِ فِي المَسْجِدِ وغَيْرِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز تشبيك الْأَصَابِع، سَوَاء كَانَ فِي الْمَسْجِد أَو غَيره، وَالْمَوْجُود فِي غَالب النّسخ فِي هَذَا الْبَاب حديثان: أَحدهمَا: حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَالْآخر: حَدِيث أبي هُرَيْرَة. وَفِي بعض النّسخ حَدِيث آخر عَن ابْن عمر، رَضِي اتعالى عَنْهُمَا، وجد ذَلِك بِخَط البرزالي وَلم يَسْتَخْرِجهُ الحافظان الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نعيم، وَلَا ذكره ابْن بطال أَيْضا، وَإِنَّمَا حكى أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي (كتاب الْأَطْرَاف) أَنه رَآهُ فِي كتاب أبي رُمَيْح عَن الْفربرِي وَحَمَّاد بن شَاكر عَن البُخَارِيّ، وَهُوَ هَذَا.
٨٧٤٧٣١ - ح دّثنا حامِدُ بنُ عُمَرَ عنْ بَشْرٍ قَالَ حدّثنا عاصِمٌ قَالَ حدّثنا واقِدٌ عَنْ أبِيهِ عنِ ابنِ عُمَرَ أوِ ابنِ عَمْروٍ قَالَ شَبَّكَ النبيُّ أصَابِعَهُ. وَقَالَ عاصِمُ بنُ عَلِيٍ حدّثنا عاصِمُ بنُ مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ هَذَا الحدِيثَ منْ أبي فَلَمْ أحْفَظْهُ فَقَوَّمَهُ لِي وَاقِدٌ عَنْ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أبي وَهُوَ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ ااِ قَالَ رسولُ اللَّهِ يَا عَبْدَ ابنَ عَمْروٍ كَيْفَ بِكَ إذَا بَقِيت فِي حُثَالَةٍ مِنَ الناسِ بِهَذَا وَلَفْظُهُ فِي جَمْعِ الحُمَيْدِيّ فِي مْسْنَدِ ابنِ عُمَرَ شَبَّك النَّبِي أصَابِعَهُ وَقَالَ كَيْفَ أنْتَ يَا عَبْدَ ااِ إذَا بَقِيْتَ فِي حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهُمْ وأمانَاتُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَصَاروا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أصابِعِهِ قَالَ فَكَيْفَ أفْعَلُ يَا رَسولَ ااِ قَالَ تأخذُ مَا تَعْرِفُ وَتَدَعُ مَا تُنكِرُ وتُقْبِلُ على خاصِتَّكَ وتَدَعُهُمْ وَعَوَامَّهُمْ. (انظرالحديث ٩٧٤) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute