أَيْضا وَأما حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فَأخْرجهُ أَبُو يعلى فِي مُسْنده عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قرب إِلَيْنَا الْغذَاء الْمُبَارك يَعْنِي السّحُور وأولو آكله وَلَو حسوة فَإِنَّهَا اكلة بركَة وَهُوَ فصل بَين صومكم وَصَوْم النَّصَارَى " وَفِيه مقَال وَقَالَ الذَّهَبِيّ ميسرَة الْفجْر لَهُ صُحْبَة من أَعْرَاض الْبَصْرَة " قَالَ يَا رَسُول الله مَتى كنت نَبيا " وَإِمَّا حَدِيث الصَّحَابِيّ الَّذِي لم يسم فَأخْرجهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث عبد الله بن الْحَارِث يحدث عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يتسحر فَقَالَ إِنَّهَا بركَة أَعْطَاكُم الله إِيَّاهَا فَلَا تَدعُوهُ " وَرِجَال إِسْنَاده ثِقَات قَوْله " تسحرُوا " قد ذكرنَا أَنه أَمر ندب بِالْإِجْمَاع قَوْله " فِي السّحُور " قَالَ شَيخنَا رَحمَه الله روينَا بِفَتْح السِّين وَضمّهَا وَهُوَ بِالضَّمِّ الْفِعْل وبالفتح اسْم مَا يتسحر بِهِ كَالْوضُوءِ والسعوط والحنوط وَنَحْوهَا قَوْله " بركَة " قد ذكرُوا فِيهَا معَان الأول إِنَّه يُبَارك باليسير مِنْهُ بِحَيْثُ يحصل بِهِ الْإِعَانَة على الصَّوْم وَيدل عَلَيْهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَلَو بجرعة مَاء وَلَو بتمرة " وَنَحْو ذَلِك وَيكون ذَلِك بالخاصية كَمَا بورك فِي الثَّرِيد وَالطَّعَام إِذا هدى فِي الْحَرَارَة واجتماع الْجَمَاعَة على الطَّعَام لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اجْتَمعُوا على طَعَامكُمْ يُبَارك لكم فِيهِ " الثَّانِي يُرَاد بِالْبركَةِ نفي التبعة فِيهِ وَقد ذكر صَاحب الفردوس من حَدِيث أبي هُرَيْرَة " ثَلَاثَة لَا يُحَاسب عَلَيْهَا العَبْد اكلة السّحُور وَمَا أفطر عَلَيْهِ وَمَا أكل مَعَ الإخوان " الثَّالِث يُرَاد بِالْبركَةِ الْقُوَّة عَن الصّيام وَغَيره من أَعمال النَّهَار الرَّابِع يُرَاد بِالْبركَةِ الرُّخْصَة وَالصَّدَََقَة وَهُوَ الزِّيَادَة فِي الْأكل على الْأكل عِنْد الْإِفْطَار كَمَا كَانَ أَولا ثمَّ نسخ وَاصل الْبركَة فِي اللُّغَة الزِّيَادَة والنماء وَقَالَ عِيَاض قد تكون هَذِه الْبركَة مَا يتَّفق للمتسحر من ذكر أَو صَلَاة أَو اسْتِغْفَار وَغَيره من زيادات الْأَعْمَال الَّتِي لَوْلَا الْقيام للسحور لَكَانَ الْإِنْسَان نَائِما عَنْهَا وتاركاً لَهَا وتجديد النِّيَّة للصَّوْم ليخرج من الِاخْتِلَاف وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد هَذِه الْبركَة يجوز أَن تعودوا إِلَى الْأُمُور الأخروية فَإِن اتامة السّنة توجب الْأجر وزيادته وَيحْتَمل أَن تعود إِلَى الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة كقوة الْبدن على الصَّوْم وتيسيره من غير أضرار بالصائم قَالَ وَمِمَّا يُعلل بِهِ اسْتِحْبَاب السّحُور الْمُخَالفَة لأهل الْكتاب لِأَنَّهُ مُمْتَنع عِنْدهم وَهَذَا أحد الْوُجُوه الْمُقْتَضِيَة بِالزِّيَادَةِ فِي الأجور الأخروية
بَاب إِذا نوى بِالنَّهَارِ صوما
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا نوى الْإِنْسَان بِالنَّهَارِ صوما وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره هَل يَصح أَولا وَإِنَّمَا لم يذكرُوا الْجَواب لاخْتِلَاف الْعلمَاء فِيهِ على مَا يَجِيء بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى (وَقَالَت أم الدَّرْدَاء كَانَ ابو الدَّرْدَاء يَقُول عنْدكُمْ طَعَام فَإِن قُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي صَائِم يومي هَذَا) أم الدَّرْدَاء اسْمهَا خيرة بِسُكُون الْيَاء آخِره الْحُرُوف وَاسم أبي الدَّرْدَاء عُوَيْمِر الْأنْصَارِيّ تقدما فِي فضل الْفجْر فِي جمَاعَة وَوصل هَذَا التَّعْلِيق ابْن أبي شيبَة من طَرِيق ابي قلَابَة " أم الدَّرْدَاء قَالَت كَانَ أَبُو الدَّرْدَاء يَغْدُو أَحْيَانًا ضحى فَيسْأَل الْغَدَاء فَرُبمَا لم يُوَافقهُ عندنَا فَيَقُول إِذا أَنا صَائِم "
وَفعله أَبُو طَلْحَة وَأَبُو هُرَيْرَة وَابْن الْعَبَّاس وَحُذَيْفَة رَضِي الله عَنْهُم
أَي فعل أَبُو طَلْحَة مِثْلَمَا فعل أَبُو الدَّرْدَاء وَاسم أبي طَلْحَة زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ وَوصل أَثَره عبد الرَّزَّاق ن طَرِيق قَتَادَة وَابْن أبي شيبَة من طَرِيق حميد كلهما عَن أنس وَلَفظ قَتَادَة " إِن أَبَا طَلْحَة كَانَ يَأْتِي أَهله فَيَقُول هَل من غذَاء فَإِن قَالُوا لَا صَامَ يَوْمه ذَلِك قَالَ قَتَادَة وَكَانَت معَاذ يَفْعَله " قَوْله " أَبُو هُرَيْرَة " عطف على قَوْله " أَبُو طَلْحَة " أَي وَفعله أَيْضا أَبُو هُرَيْرَة وَوصل أَثَره الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق ابْن أبي ذِئْب عَن عُثْمَان بن بن نجيح " عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة يطوف بِالسوقِ ثمَّ يَأْتِي أَهله فَيَقُول عنْدكُمْ شَيْئا فَإِن قَالُوا لَا قَالَ فانا صَائِم " قَوْله " وَابْن عَبَّاس " أَي فعله ابْن عَبَّاس فوصل اثره الطَّحَاوِيّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute