قَالَ: الْحَبَش يدعونَ الْقَتْل الْهَرج، وَقيل، فِي ذَلِك: إِن، أصل الْهَرج فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة الِاخْتِلَاط، يُقَال: هرج النَّاس إِذا خلطوا وَاخْتلفُوا، وهرج الْقَوْم فِي حَدِيثهمْ إِذا أَكْثرُوا وخلطوا، وَأَخْطَأ من قَالَ: فنسبة تَفْسِير الْهَرج بِالْقَتْلِ للسان الْحَبَشَة وهم من بعض الروَاة وإلَاّ فَهِيَ عَرَبِيَّة صَحِيحَة، وَوجه الْخَطَأ أَنَّهَا لَا تسْتَعْمل فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة بِمَعْنى الْقَتْل، إلَاّ على طَرِيق الْمجَاز، لكَون الِاخْتِلَاط مَعَ الِاخْتِلَاف يُفْضِي كثيرا إِلَى الْقَتْل، وَكَثِيرًا مَا يسمون الشَّيْء باسم مَا يؤول إِلَيْهِ، وَكَيف يدعى على مثل أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ الْوَهم فِي تَفْسِير لَفْظَة لغوية، بل الصَّوَاب مَعَه وَاسْتِعْمَال الْعَرَب الْهَرج بِمَعْنى الْقَتْل لَا يمْنَع كَونهَا لُغَة الْحَبَشَة وَإِن ورد اسْتِعْمَالهَا فِي الِاخْتِلَاط وَالِاخْتِلَاف لحَدِيث معقل بن يسَار رَفعه: الْعِبَادَة فِي الْهَرج لهجرة إِلَيّ، أخرجه مُسلم.
٧٠٦٦ - حدّثنا مُحَمَّد، حدّثنا غُنْدَرٌ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ واصِلٍ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ عَبْدِ الله، وأحْسِبهُ رفَعَهُ قَالَ: بَيْنَ يَدَي السَّاعةِ أيَّامُ الهرْجِ يَزُول فِيها العِلْمُ ويَظْهَرُ فِيها الجَهْلُ، قَالَ أبُو مُوسَى: والهَرْجُ القَتْلُ بِلِسانِ الحَبَشَةِ.
انْظُر الحَدِيث ٧٠٦٢
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي مُوسَى أخرجه عَن مُحَمَّد وَلم ينْسبهُ أَكثر الروَاة وَنسبه أَبُو ذَر فِي رِوَايَته، وَقَالَ مُحَمَّد بن بشار: وَقَالَ الكلاباذي: مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن الْوَلِيد رووا عَن غنْدر فِي الْجَامِع قلت: يُشِير بذلك إِلَى أَن مُحَمَّدًا الَّذِي ذكر هُنَا غير مَنْسُوب يحْتَمل أَن يكون أحد الثَّلَاثَة الْمَذْكُورين، وَلَكِن أَبُو ذَر نسبه فَقَالَ: مُحَمَّد بن بشار، وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ كثيرا مَا يروي عَن غنْدر وَهُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وواصل هُوَ ابْن حبَان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف يروي عَن أبي وَائِل شَقِيق عَن عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: وَأَحْسبهُ رَفعه أَي: قَالَ أَبُو وَائِل: أَحسب عبد الله رفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي
٧٠٦٧ - وَقَالَ أبُو عَوَانَةَ، عنْ عاصِمٍ، عنْ أبي وائِلٍ، عنِ الأشْعَرِيِّ أنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الله: تَعْلَم الأيَّامَ الَّتي ذَكَرَ النبيُّ أيَّامَ الهَرْجِ نَحْوَهُ
أَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبعد الْألف نون اسْمه الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي، وَعَاصِم هُوَ ابْن أبي النجُود القارىء الْمَشْهُور يروي عَن أبي وَائِل شَقِيق عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
قَوْله: نَحوه أَي: نَحْو الحَدِيث الْمَذْكُور: بَين يَدي السَّاعَة أَيَّام الْهَرج.
قَالَ ابنُ مَسْعُودٍ: سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ مَنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وهُمْ أحْياءٌ
فِي بعض النّسخ: فَقَالَ ابْن مَسْعُود، يَعْنِي بالسند الْمَذْكُور، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا إِخْبَار عَن أَن الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ شرار الْخلق وهم حينئذٍ أَحيَاء إِذْ ذَاك، وَقَالَ ابْن بطال: وَهُوَ، وَإِن كَانَ لَفظه الْعُمُوم فَالْمُرَاد بِهِ الْخُصُوص، وَمَعْنَاهُ: أَن السَّاعَة تقوم فِي الْأَغْلَب وَالْأَكْثَر على شرار النَّاس بِدَلِيل قَوْله لَا تزَال طَائِفَة، من أمتِي على الْحق منصورة لَا يَضرهَا من ناوأها حَتَّى تقوم السَّاعَة، فَدلَّ هَذَا الْخَبَر على أَن السَّاعَة أَيْضا تقوم على قوم فضلاء وَأَنَّهُمْ فِي صبرهم على دينهم كالقابض على الْجَمْر.
٦ - (بابٌ لَا يَأْتِي زَمانٌ إلاّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا يَأْتِي زمَان ... إِلَى آخِره.
٧٠٦٨ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ، حدّثنا سُفْيانُ، عنِ الزُّبَيْرِ بنِ عَدِيَ قَالَ: أتَيْنا أنَسَ بنَ مالِكٍ فَشَكَوْنا إلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: اصْبِرُوا فإنهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمانٌ إلَاّ والّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ، سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ