مَا يقْرَأ؟ يَعْنِي فِي قَوْله: (واقرؤوا إِن شِئْتُم) ؟ قَالَ: {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} (الْبَقَرَة: ٢٧٣) الْآيَة.
٤٩ - (بابٌ: {وَأحَلَّ الله البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} (الْبَقَرَة: ٢٧٥)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} وأوله: {وَالَّذين يَأْكُلُون الرِّبَا لَا يقومُونَ} إِلَى آخر الْآيَة، وَلما ذكر الله تَعَالَى قبل هَذِه الْآيَة الْأَبْرَار المؤدين النَّفَقَات المخرجين الزكوات، شرع فِي ذكر أَكلَة الرِّبَا وأموال النَّاس بِالْبَاطِلِ وأنواع الشُّبُهَات ووصفهم بِمَا وَصفهم فِي الْآيَة الْكَرِيمَة. وَلما قَالُوا: (إِنَّمَا البيع مثل الرِّبَا) أنكر الله عَلَيْهِم تسويتهم بَين البيع والربا فَقَالَ: {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} . قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: فِيهِ دلَالَة على أَن الْقيَاس يهدمه النَّص لِأَنَّهُ جعل الدَّلِيل على بطلَان قياسهما إحلال الله وتحريمه.
المَسُّ الجُنونُ
فسر الْمس الْمَذْكُور فِي الْآيَة وَهُوَ قَوْله: {ويتخطبه الشَّيْطَان من الْمس} بالجنون. وَهَكَذَا فسره الْفراء وَمُجاهد وَالضَّحَّاك وَابْن أبي نجيح وَابْن زيد.
٤٥٤٠ - ح دَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ بنِ غَياثٍ حدَّثنا أبِي حدَّثنا الأعْمَشُ حدَّثنا مُسْلِمٌ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عائِشَةَ رضِي الله عَنْهَا قَالَتْ لَمَا نَزَلَتِ الآياتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبا قَرَأها رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَى النَّاس ثُمَّ حَرَّم التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَمُسلم هُوَ ابْن صبيح أَبُو الضُّحَى الْكُوفِي. والْحَدِيث قد مر فِي كتاب البيع فِي: بَاب أكل الرِّبَا، فَإِنَّهُ أخرجه عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن مَنْصُور عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة. قَوْله: (قَرَأَهَا) أَي الْآيَات.
٥٠ - (بابٌ: {يَمْحَقُ الله الرِّبا} يُذْهِبُهُ (الْبَقَرَة: ٢٧٦)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ قَوْله: {يمحق الله الرِّبَا} وَفسّر يمحق بقوله يذهبه. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: يذهب ببركته وَيهْلك المَال الَّذِي يدْخل فِيهِ، وَعَن ابْن مَسْعُود: الرِّبَا وَإِن كثر إلاّ وَقل. قلت: هَذَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَأحمد وَصَححهُ الْحَاكِم مَرْفُوعا.
٤٥٤١ - ح دَّثنا بِشْرُ بنُ خَالِدٍ أخْبَرنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ عنْ عَائِشَةَ أنَّها قَالَتْ لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأوَاخِرُ مِنْ سِورَةِ البَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ الله فَتَلاهُنَّ فِي المَسْجِدِ فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.
هَذَا الحَدِيث هُوَ الْمَذْكُور فِي الْبَاب السَّابِق من وَجه آخر، وَفِيه بعض زِيَادَة كَمَا نرى أخرجه عَن بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة، ابْن خَالِد أبي مُحَمَّد العسكري الْفَرَائِضِي عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر غنْدر عَن شُعْبَة عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى مُسلم بن صبيح إِلَى آخِره، وَمضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب تَحْرِيم تِجَارَة الْخمر فِي الْمَسْجِد، أخرجه عَن عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن الْأَعْمَش عَن مُسلم عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة إِلَى آخِره.
٥١ - (بابٌ: {فَأُذِنُوا بِحَرْبٍ} فَاعْلَمُو (الْبَقَرَة: ٢٧٩)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فاذنوا} وأوله: (فَإِن لم تَفعلُوا فاذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله) وَله: فاذنوا أَي: فاعلموا بهَا. من آذن بالشَّيْء إِذا أعلم بِهِ. وقرىء فآذنوا بِالْمدِّ أَي: فاعملوا بهَا غَيْركُمْ. وَهُوَ من الْإِذْن، بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ الِاسْتِمَاع لِأَنَّهُ من طَرِيق الْعلم، وَقَرَأَ الْحسن. رَحمَه الله: فَأَيْقنُوا. قَالَ ابْن عَبَّاس: فاستيقنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله. وَعَن سعيد بن جُبَير: يُقَال يَوْم الْقِيَامَة لآكل الرِّبَا: خُذ سِلَاحك للحرب، وَهَذَا تهديد شَدِيد ووعيد أكيد، وروى ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن الْحسن وَابْن سِيرِين أَنَّهُمَا قَالَا إِن هَؤُلَاءِ الصيارفة قد أكلُوا الرِّبَا وَأَنَّهُمْ أذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله، وَلَو كَانَ على النَّاس إِمَام عَادل لاستتابهم، فَإِن تَابُوا وَإِلَّا وضع فيهم السِّلَاح.