للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن الْإِشَارَة تنزل منزلَة التَّصْرِيح إِذا كَانَت مُعينَة للمشار إِلَيْهِ، مُمَيزَة عَن غَيره. أَلا ترى أَن الْأَخْرَس إِذا طلق امْرَأَته بِالْإِشَارَةِ المفهمة، يَقع طَلَاقه بِحَسب الْإِشَارَة، وَكَذَا سَائِر تَصَرُّفَاته.

٦ - (بابٌ الصَلَوَاتُ الخَمْسُ كَفَّارَةٌ)

بَاب منون، تَقْدِيره: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة، وَهَكَذَا وَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات. وَفِي بعض الرِّوَايَات التَّرْجَمَة سَقَطت، وَعَلِيهِ مَشى ابْن بطال وَمن تبعه. وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (بَاب الصَّلَوَات الْخمس كَفَّارَة للخطايا إِذا صَلَّاهُنَّ لوقتهن فِي الْجَمَاعَة وَغَيرهَا) . وَقَوله: الصَّلَوَات مُبْتَدأ، و: الْخمس، صفته، و: كَفَّارَة، خَبره. وَقد مر تَفْسِير الْكَفَّارَة.

والخطايا جمع خَطِيئَة، وَهِي الْإِثْم. يُقَال: خطأ يخطأ خطأ وخطأة، على وزن: فعلة بِكَسْر الْفَاء، والخطيئة على وزن فعيلة: الْإِثْم. وَلَك أَن تشدد الْيَاء لِأَن كل يَاء سَاكِنة قبلهَا كسرة أَو: وَاو، سَاكِنة قبلهَا ضمة وهما زائدتان للمد لَا للإلحاق، وَلَا هما من نفس الْكَلِمَة، فَإنَّك تقلب الْهمزَة بعد الْوَاو واوا، وَبعد الْيَاء يَاء، وتدغم. وَتقول فِي مقروء: مقروٍّ وَفِي خَطِيئَة: خطية، وأصل الْخَطَايَا: خطائي، على وزن فعائل، فَلَمَّا اجْتمعت الهمزتان قلبت الثَّانِيَة: يَاء، لِأَن قبلهَا كسرة، ثمَّ استثقلت، وَالْجمع، ثقيل، وَهُوَ معتل مَعَ ذَلِك، فقلبت الْيَاء ألفا، ثمَّ قلبت الْهمزَة الأولى يَاء لخفائها بَين الْأَلفَيْنِ.

٥٢٨ - حدَّثنا إبْرَاهيمُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثني ابنُ أبي حازِمٍ وَالدَّرَاوَرْديُّ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ ابنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ أرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرا بِبابِ أحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ قالُوا لَا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئا قَالَ فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو الله بِهِ الخَطَايَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَالْبَاب الَّذِي قبل الْبَاب الَّذِي قبله أَعم من هَذِه التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ يتَنَاوَل الصَّلَوَات الْخمس وَغَيرهَا من أَنْوَاع الصَّلَاة.

ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن حَمْزَة، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي كتاب الايمان. الثَّانِي: عبد الْعَزِيز ابْن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، وَقد مر فِي بَاب نوم الرِّجَال. الثَّالِث: عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي، نِسْبَة إِلَى دراورد، بِفَتْح الدَّال وَالرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ ثمَّ ألف ثمَّ وَاو مَفْتُوحَة ثمَّ رَاء سَاكِنة ثمَّ دَال مُهْملَة: وَهِي قَرْيَة بخراسان. وَقَالَ أَكْثَرهم مَنْسُوب إِلَى دَار بجرد، مَدِينَة بِفَارِس وَهِي من شواذ النّسَب. الرَّابِع: يزِيد، من الزِّيَادَة: ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد اللَّيْثِيّ الْأَعْرَج، مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. الْخَامِس: مُحَمَّد بن ابراهيم التَّيْمِيّ، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة. السَّادِس: أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، سَمَّاهُ البُخَارِيّ: عبد الله، وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ: لَا يعرف لَهُ اسْم.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْجمع فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع. وَفِيه: اثْنَان اسْم كل مِنْهُمَا: عبد الْعَزِيز، وَفِيه: ثَلَاثَة تابعيون وهم: يزِيد وَهُوَ تَابِعِيّ صَغِير، وَمُحَمّد، وَأَبُو سَلمَة. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مدنيون. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.

ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة: عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث وَبكر بن مُضر عَن ابْن الْهَاد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَمْثَال عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ، فِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَحده بِهِ. .

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: (أَرَأَيْتُم) الْهمزَة للاستفهام على سَبِيل التَّقْرِير، وَالتَّاء للخطاب،، وَمَعْنَاهُ: أخبروني، ويوري: (أَرَأَيْتكُم) ، بِالْكَاف وَالْمِيم، لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب. قَوْله: (لَو أَن نَهرا) قَالَ الطَّيِّبِيّ: لفظ: لَو، يَقْتَضِي أَن يدْخل على الْفِعْل وَأَن يُجَاب، لكنه وضع الِاسْتِفْهَام مَوْضِعه تَأْكِيدًا أَو تقريرا، وَالتَّقْدِير، لَو ثَبت نهر صفته كَذَا لما بَقِي كَذَا، وَالنّهر، بِفَتْح الْهَاء وسكونها: مَا بَين جنبيّ الْوَادي، سمي بذلك لسعته، وَكَذَلِكَ سمي النَّهَار لسعة ضوئه. قَوْله: (مَا تَقول) أَي: أَيهَا السَّامع، وَفِي رِوَايَة مُسلم: (مَا تَقولُونَ) . قَوْله: (ذَلِك) ، إِشَارَة إِلَى الِاغْتِسَال، وَقَالَ ابْن مَالك: فِيهِ شَاهد على إِجْرَاء فعل القَوْل مجْرى فعل الظَّن، وَالشّرط فِيهِ أَن يكون فعلا مضارعا مُسْندًا إِلَى الْمُخَاطب مُتَّصِلا بالاستفهام، كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث. ولغة سليم إِجْرَاء فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>