الْمقْبرَة. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (مصلية) ، أَي: مشوية. قَالَ بَعضهم: من الصَّلَاة بِالْكَسْرِ وَالْمدّ وَهُوَ الشي، قلت: الصَّلَاة الشواء وَلَيْسَ بالشي، يُقَال: صليت اللَّحْم أصليه صليا: شويته، وصليته بِالتَّشْدِيدِ وأصليته: أَلقيته فِي النَّار.
٥٤١٥ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ أبِي الأسْوَدِ حدَّثنا مُعاذٌ حدَّثني أبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ. قَالَ: مَا أكَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَلَى خِوانٍ وَلا فِي سكُرُّجَةٍ وَلا خُبِزَ لَهُ مُرَقّقٌ.
قُلْتُ لِقَتَادَةَ: عَلَى مَا يَأْكُلُونَ؟ قَالَ: عَلى السُّفَرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن أبي الْأسود هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي الْأسود، وَاسم أبي الْأسود حميد بن الْأسود أَبُو بكر بن أُخْت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الْبَصْرِيّ الْحَافِظ. مَاتَ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ ومعاذ بِضَم الْمِيم ابْن هِشَام الدستوَائي يروي عَن أَبِيه هِشَام، وَيُونُس هُوَ ابْن أبي الْفُرَات الْقرشِي مَوْلَاهُم الْبَصْرِيّ الإسكاف. كَانَ سمع قَتَادَة، روى عَنهُ هِشَام الدستوَائي فِي الْأَطْعِمَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ من أَفْرَاده.
والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَطْعِمَة عَن مُحَمَّد بن بشار، وَقَالَ: غَرِيب، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّقَائِق عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الْوَلِيمَة عَن عَمْرو بن عَليّ وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى والْحَدِيث مضى فِي: بَاب الْخبز المرقق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن معَاذ إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٥٤١٦ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْها، قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ مِنْ طَعامِ البُرِّ ثَلاثَ لَيَالٍ تِباعا حَتَّى قُبِضَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَالْأسود هُوَ ابْن يزِيد النَّخعِيّ، خَال إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي الرقَاق عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَأخرجه مُسلم فِي أَوَاخِر الْكتاب عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَلِيمَة عَن مُحَمَّد بن قدامَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَطْعِمَة عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي.
قَوْله: (من طَعَام الْبر) ، من إِضَافَة الْعَام إِلَى الْخَاص أَو من بَاب الْإِضَافَة البيانية نَحْو: شجر الْأَرَاك إِن أُرِيد بِالطَّعَامِ الْبر خَاصَّة. قَوْله: (تباعا) ، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة من تابعته على كَذَا مُتَابعَة وتباعا، والتباع الْوَلَاء الْمَعْنى ثَلَاث لَيَال متتابعة مُتَوَالِيَة. قَوْله: (حَتَّى قبض) ، أَي: إِلَى أَن قبض، وعَلى إِيثَار الْجُوع وَقلة الشِّبَع مَعَ وجود السَّبِيل إِلَيْهِ مرّة وَعَدَمه أُخْرَى مضى الأخيار من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. وروى أَسد بن مُوسَى من حَدِيث عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه قَالَ: أكلت ثريدة من لحم سمين فَأتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنا أتجشؤ. فَقَالَ: أكفف عَلَيْك من جشائك أَبَا جُحَيْفَة. فَإِن أَكثر النَّاس شبعا فِي الدُّنْيَا أطولهم جوعا يَوْم الْقِيَامَة فَمَا أكل أَبُو جُحَيْفَة بملء بَطْنه حَتَّى فَارق الدُّنْيَا. كَانَ إِذا تغدى لَا يتعشى، وَإِذا تعشى لَا يتغدى، وَرُوِيَ عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر قَالَ: لَقِيَنِي عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَعِي لحم اشْتَرَيْته بدرهم، فَقَالَ عمر: مَا هَذَا؟ فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اشْتَرَيْته للصبيان وَالنِّسَاء. فَقَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لَا يَشْتَهِي أحدكُم شَيْئا إلَاّ وَقع فِيهِ أَو لَا يطوي أحدكُم بَطْنه لجاره وَابْن عَمه أَيْن تذْهب عَنْكُم هَذِه الْآيَة. {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} (الْأَحْقَاف: ٢) وَقَالَ هشيم: عَن مَنْصُور عَن ابْن سِيرِين أَن رجلا قَالَ لِابْنِ عمر: اجْعَل جوارشنا. قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: شَيْء إِذا لضك الطَّعَام فَأَصَبْت مِنْهُ سهل عَلَيْك، قَالَ ابْن عمر: مَا شبعت مُنْذُ أَرْبَعَة أشهر، وَمَا ذَاك أَن لَا أكون لَهُ واجدا. وَلَكِن عهِدت قوما يشبعون مرّة ويجوعون مرّة. قَوْله: (إِذا لضك الطَّعَام) ، أَي: إِذا امْتَلَأت وأثقلك.
٢٤ - (بَابُ: {التَّلْبِينَةِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التلبينة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْبَاء آخر الْحُرُوف وبالنون، وَهِي طَعَام يتَّخذ من دَقِيق أَو نخالة وَرُبمَا يَجْعَل فِيهِ عسل، سميت بذلك لشبهها بِاللَّبنِ فِي بياضها والرقة، والنافع مِنْهَا مَا كَانَ رَقِيقا نضيجا لَا غليظا نيا وَيُقَال: التلبينة حساء من دَقِيق أَو نخالة، وَيُقَال التلبين أَيْضا لِأَنَّهُ يشبه اللَّبن فِي بياضه