(أتجمع ضعفا واقتدارا على الْهوى ... أَلَيْسَ عجيبا ضعفها واقتدارها)
٧٨١٥ - حدَّثنا أبُو نعَيْمٍ حَدثنَا سُفْيانُ عنْ عبْدِ الله بنِ دِينارٍ عنِ ابنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: كُنّا نَتَّقِي الكَلَامَ والإنْبِساطَ إِلَى نِسائِنا علَى عَهْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَيْبَةَ أنْ يَنْزِلَ فِينا شَيْءٌ، فلَمّا تُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَكَلْمنا وانْبَسَطْنا.
قيل: لَا مُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة وَبَين هَذَا الحَدِيث لِأَن فِيهِ الْأَخْبَار بِأَنَّهُم كَانُوا يَتَّقُونَ الْخَوْض فِي الْكَلَام والانبساط إِلَى النِّسَاء فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يتَعَلَّق بالترجمة. قلت: يُمكن أَن تُؤْخَذ الْمُطَابقَة من قَوْله: (وانبسطنا) لِأَن الانبساط إلَيْهِنَّ من جملَة الْوِصَايَة بِهن.
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ.
والْحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجَنَائِز فِي: بَاب ذكره وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مُحَمَّد بن بشار.
قَوْله: (كُنَّا نتقي) أَي: نجتنب الْكَلَام الَّذِي يخْشَى مِنْهُ سوء الْعَاقِبَة. قَوْله: (والانبساط) أَي: ونتقي أَيْضا الانبساط إِلَى نسائنا، وَأَرَادَ بِهِ التَّقْصِير فِي حقهن وَترك الرِّفْق بِهن. قَوْله: (هَيْبَة) مفعول لَهُ. لقَوْله: (تتقي) أَي: نتقي لخوف (أَن ينزل فِينَا) أَي فِي شَأْننَا شَيْء من الْوَحْي، وَكلمَة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: خوف النُّزُول. قَوْله: (تكلمنا وانبسطنا) يُرِيد بِهِ تغبير شَأْنهمْ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا عقيب الحَدِيث الْمَذْكُور من حَدِيث أبي بن كَعْب، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا وجهنا وَاحِد، قبض نَظرنَا هَكَذَا وَهَكَذَا، وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث أنس بن مَالك، قَالَ: لما كُنَّا الْيَوْم الَّذِي دخل فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة أَضَاء مِنْهَا كل شَيْء، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ أظلم مِنْهَا كل شَيْء، وَمَا نفضنا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَيْدِي حَتَّى أَنْكَرْنَا فلوبنا.
١٨ - (بابٌ {قُوا أنْفُسَكُمْ وأهْلِيكُمْ نارَا} (التَّحْرِيم: ٦)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قوا أَنفسكُم} (التَّحْرِيم: ٦) يَعْنِي: احْفَظُوا أَنفسكُم بترك الْمعاصِي وَفعل الْخيرَات والطاعات، وقو أَمر من: وقى يقي، أَصله: أوقيوا، لِأَنَّك تَقول: أوقِ أوقيا أوقيوا، واستثقلت الضمة على الْيَاء فنقلت إِلَى مَا قبلهَا بعد سلب حركتها فحذفت فَصَارَ: أوقوا، وحذفت الْوَاو تبعا لفعله الَّذِي أَخذ مِنْهُ أَعنِي: يقي، لِأَن أَصله: يوقي، فحذفت الْوَاو لوقوعها بَين الْيَاء والكسرة واستغنت عَن الْهمزَة فَصَارَ، قوا، على وزن: عوا، لِأَن الْمَحْذُوف مِنْهُ، فَاء الْفِعْل ولامه، فَافْهَم. قَوْله: {وأهليكم نَارا} (التَّحْرِيم: ٦) يَعْنِي: مُرُوهُمْ بِالْخَيرِ وانهوهم عَن الشَّرّ وعلموهم وأدبوهم، وَقيل: وأهليكم بِأَن تأخذوهم بِمَا تأخذون بِهِ أَنفسكُم تقوهم بذلك {نَارا وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة} (التَّحْرِيم: ٦) .
٨٨١٥ - حدَّثنا أبُو النُّعْمانِ حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ عنْ عبدِ الله قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ، فالإمامُ راعٍ وهْوَ مَسْؤُولٌ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِهِ وهْوَ مَسْؤُولٌ، والمَرْأةُ راعِيَةٌ علَى بَيْتِ زَوْجِها وهْيَ مَسْؤُولَةُ، والعَبْدُ راعٍ علَى مَال سَيِّدِهِ وهْوَ مَسْؤُولٌ ألَا فكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالرجل رَاع على أَهله) لِأَن أهل الرجل من جملَة رَعيته، وَقَالَ زيد بن أسلم: لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالُوا: يَا رَسُول الله {هَذَا وقينا أَنْفُسنَا، فَكيف بأهلينا؟ قَالَ: تأمرونهم بِطَاعَة الله تَعَالَى وتنهونهم عَن معاصي الله. وَرُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَيُطلق الْأَهْل على زَوْجَة الرجل كَقَوْل أُسَامَة فِي حَدِيث الْإِفْك: أهلك يَا رَسُول الله} والأهل إنم يُطلق على تلْزمهُ نَفَقَته شرعا كَقَوْل نوح (إِن ابْني من أَهلِي) وَكَقَوْلِه فِي قصَّة أَيُّوب (وَوَهَبْنَا لَهُ أَهله) وَكَانُوا زَوجته وَولده والأهل يُطلق على العَبْد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: سلمَان منا أهل الْبَيْت.
وَأخرج الحَدِيث أَولا فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الْجُمُعَة فِي الْقرى والمدن عَن بشر بن مُحَمَّد، وَأخرجه أَيْضا فِي الاستقراض وَالْعِتْق وَغَيرهَا، وَهَهُنَا أخرجه عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع بن عبد الله بن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ غير