امْرَأةً علَى وزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: باركَ الله لَكَ، أوْلِمْ ولوْ بِشاةٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بَارك الله لَك) يُوضح معنى قَوْله: كَيفَ يدعى للمتزوج. وَحَدِيث أنس هَذَا مُخْتَصر من حَدِيث حميد عَن أنس الَّذِي مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبل الْبَاب الْمُجَرّد، وَفِيه زِيَادَة على ذَلِك، وَهُوَ قَوْله: (بَارك الله لَك) وَهَذِه اللَّفْظَة ترد القَوْل: بالرفاء والبنين، لِأَنَّهُ من أَقْوَال الْجَاهِلِيَّة، وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره ذَلِك لموافقتهم فِيهِ، وَهَذَا هُوَ الْحِكْمَة فِي النَّهْي، وَقيل: لِأَنَّهُ لَا حمد فِيهِ وَلَا ثَنَاء، وَلَا ذكر لله عز وَجل، وَقيل: لما فِيهِ من الْإِشَارَة إِلَى بغض الْبَنَات لتخصيص الْبَنِينَ بِالذكر. قلت: فعلى هَذَا إِذا قيل: بالرفاء وَالْأَوْلَاد لَا يَنْبَغِي أَن لَا يكره. فَإِن قلت: رُوِيَ ابْن أبي شيبَة من طَرِيق عمر بن قيس الماصر قَالَ: شهِدت شريحا وَأَتَاهُ رجل من أهل الشَّام، فَقَالَ: إِنِّي تزوجت امْرَأَة، فَقَالَ: بالرفاء والبنين: قلت: هَذَا مَحْمُول على أَن شريحا لم يبلغهُ النَّهْي عَن ذَلِك.
٧٥ - (بابُ الدُّعاءِ لِلنِّساءِ الَّلاتِي يَهْدِينَ العَرُوسَ ولِلْعَرُوسِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء للنِّسَاء إِلَى آخِره. قَوْله: للنِّسَاء، رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: للنسوة. قَوْله: (يهدين) بِفَتْح الْيَاء من هديت الطَّرِيق، ويروي بِضَم الْيَاء من الإهداء، (والعروس) على وزن فعول قَالَ ابْن الْأَثِير: يُقَال للرجل عروس كَمَا يُقَال للْمَرْأَة. وَهُوَ اسْم لَهما عِنْد دُخُول أَحدهمَا بِالْآخرِ. قَوْله: (وللعروس) أَي وَالدُّعَاء أَيْضا للعروس، هَذَا ظَاهر الْمَعْنى، وَسَيَجِيءُ أَيْضا مَا قيل فِيهِ.
٦٥١٥ - حدَّثنا فَرْوَةَ حَدثنَا عَليٌّ بنُ مُسْهِرٍ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، رضيَ الله عَنْهَا: تَزَوَّجَنِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأتَتْنِي أُمِّي فأدْخَلَتْنِي الدَّارَ فإِذَا نِسْوَةٌ منَ الأنْصارِ فِي البَيْتِ فَقُلْنَ: علَى الخَيْرِ والبَرَكةِ، وعلَى خَيْرٍ طائرٍ..
قيل: ظَاهر الحَدِيث مُخَالف للتَّرْجَمَة لِأَن النسْوَة فِي الحَدِيث هن الداعيات، وَفِي التَّرْجَمَة: هن الْمَدْعُو لَهُنَّ، وَأجَاب صَاحب التَّوْضِيح بقوله: لَعَلَّه أَرَادَ صفة دعائهن للعروس، لِأَنَّهُ قَالَ: (فَقُلْنَ على الْخَيْر) إِلَى آخِره. قلت: نقل هَذَا عَن ابْن التِّين وَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن ظَاهر اللَّفْظ يُخَالِفهُ وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْأُم هِيَ الهادية للعروس المجهزة لأمرها فهن دعون لَهَا وَلمن مَعهَا، وللعروس حَيْثُ (قُلْنَ: على الْخَيْر) ، أَي: جئتن عَلَيْهِ أَو قدمتن، وَنَحْو هَذَا. فَإِن قلت: لِمَ لَا تكون اللَّام للنسوة للاختصاص. يَعْنِي: الدُّعَاء الْمُخْتَص بالنسوة والهاديات للْغَيْر؟ قلت: يلْزم الْمُخَالفَة بَين اللامين اللَّام الَّتِي فِي الْعَرُوس لِأَنَّهَا بِمَعْنى الْمَدْعُو لَهَا، وَالَّتِي فِي النسْوَة لِأَنَّهَا بِمَعْنى الداعية، وَفِي جَوَاز مثله خلاف. انْتهى كَلَامه. وَنقل بَعضهم كَلَام الْكرْمَانِي هَذَا برمتِهِ مَعَ تَغْيِير عِبَارَته، ثمَّ قَالَ: وَالْجَوَاب الأول أحسن مَا يُوَجه بِهِ التَّرْجَمَة، ثمَّ قَالَ: وَحَاصِله أَن مُرَاد البُخَارِيّ بالنسوة من يهدي الْعَرُوس سَوَاء كن قَلِيلا أَو كثيرا وَأَن من حضر ذَلِك يَدْعُو لمن أحضر الْعَرُوس، وَلم يرد الدُّعَاء للنسوة الحاضرات فِي الْبَيْت قبل أَن يَأْتِي الْعَرُوس، وَيحْتَمل أَن تكون اللَّام بِمَعْنى الْبَاء على حذف، أَي: الْمُخْتَص بالنسوة وَيحْتَمل أَن يكون بِمَعْنى: من، أَي: الدُّعَاء الصَّادِر من النسْوَة. انْتهى كَلَامه. قلت: هَذَا كُله تعسفات فِي تصرفهم، وَأكْثر كَلَامهم خَارج عَن القانون، فالترجمة مَوْضُوعَة على الصِّحَّة وَبَينهَا وَبَين الحَدِيث مُطَابقَة لِأَن الْألف وَاللَّام فِي قَوْله: بَاب الدُّعَاء، بدل من الْمُضَاف إِلَيْهِ فتقديره: بَاب دُعَاء النسْوَة الداعيات للنسوة اللَّاتِي يهدين الْعَرُوس، فَالْمُرَاد بالنسوة الداعيات هِيَ النسْوَة من الْأَنْصَار اللَّاتِي كن فِي بَيت النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، قبل مَجِيء الْعَرُوس، وَالْمرَاد بالنسوة الهاديات هِيَ أم عَائِشَة وَمن مَعهَا من النِّسَاء، لِأَن الْعَادة أَن أم الْعَرُوس إِذا أَتَت بالعروس إِلَى بَيت زَوجهَا يكون مَعهَا نسَاء قليلات كن أَو كثيرات، فَأم عَائِشَة وَمن مَعهَا والعروس هن مدعُو لَهُنَّ، والنسوة من الْأَنْصَار اللَّاتِي كن فِي الْبَيْت هن الداعيات، لقَوْله فِيهِ: (فَقُلْنَ: على الْخَيْر) إِلَى آخِره. وَقَول بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون اللَّام بِمَعْنى الْبَاء أَو بِمَعْنى من غير صَحِيح، لأَنهم ذكرُوا أَن اللَّام الجارة تَأتي لاثْنَيْنِ وَعشْرين معنى. وَلَيْسَ فِيهَا مجيئها بِمَعْنى الْبَاء وَلَا بِمَعْنى من، نعم ذكرُوا أَنَّهَا تَجِيء بِمَعْنى: عَن ونسبوه لِابْنِ الْحَاجِب، ورد عَلَيْهِ ابْن مَالك وَغَيره.
ثمَّ الْكَلَام فِي الحَدِيث، فَنَقُول: فَرْوَة، بِفَتْح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute