(بابُ الصلَاةِ عَلى الخُمْرَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّلَاة على الْخمْرَة: يَعْنِي تجوز.
فَإِن قلت: قد ذكر ذَلِك فِي حَدِيث مَيْمُونَة فِي الْبَاب الَّذِي قبل بَاب الصَّلَاة على الْحَصِير، فَمَا فَائِدَة إِعَادَته؟ قلت: لِأَنَّهُ رُوِيَ هُنَاكَ عَن مُسَدّد مطولا، وَهَهُنَا رُوِيَ عَن أبي الْوَلِيد مُخْتَصرا، فَأَعَادَهُ مُوَافقَة لَهُ، وَقد مر تَفْسِير الْخمْرَة عَن قريب.
١٨٣٧٤ - ح دّثنا أبُو الوَلِيدِ قَالَ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدّثنا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ عنْ عَبْدِ اللَّهِ ابنِ شَدَّادٍ عنْ مَيْمُونَةَ قالَتْ كانَ النبيُّ يُصَلِّي عَلى الخُمْرَةِ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث مَيْمُونَة، وَالطَّرِيق الأول ذكره فِي بَاب: إِذا أصَاب ثوب الْمُصَلِّي امْرَأَته إِذا سجد، لَكِن هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن خَالِد عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ، وَهَهُنَا عَن أبي الْوَلِيد: هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ، عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ.
وَفَائِدَة تكراره اخْتِلَاف بعض رجال الْإِسْنَاد كَمَا ترى، وَبَيَان مقصد شَيْخه عِنْد نَقله الحَدِيث، وَاخْتِلَاف اسْتِخْرَاج الْأَحْكَام مِنْهُ، وَلكُل من مشايخه مَقْصُود غير مَقْصُود الآخر.
٢٢ - (بابُ الصَّلَاةِ عَلى الفِرَاشِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الصَّلَاة على الْفراش، يَعْنِي: تجوز، والفراش هُنَا اسْم لما يفترش من أَي نوع كَانَ من أَنْوَاع مَا يبسط، وَيجمع على: فرش، وَيَجِيء مصدرا من: فرشت الشَّيْء أفرشه فراشا: بسطته. وَهُوَ من بَاب: نصر ينصر.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.
وَصَلَّى أنسٌ على فِراشِهِ.
هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة وَسَعِيد بن مَنْصُور، كِلَاهُمَا عَن ابْن الْمُبَارك عَن حميد قَالَ: كَانَ أنس يُصَلِّي على فرَاشه.
وَقَالَ أنَسٌ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النبيِّ فَيَسْجُدُ أحَدُنَا على ثَوْبِهِ.
هَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ أَيْضا فِيمَا بعد فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ. قَوْله: (أَحَدنَا) أَي: بَعْضنَا. قَوْله: (على ثَوْبه) ، يحْتَمل أَن يكون المُرَاد مِنْهُ بعض ثَوْبه الَّذِي كَانَ لابسه، نَحْو الْفَاضِل من كمه أَو ذيله، وَيحْتَمل أَن يكون ثَوْبه الَّذِي يقلعه من جِسْمه فَيسْجد عَلَيْهِ، وَحَدِيثه الْمسند يُصَرح بِأَن المُرَاد مِنْهُ بعض ثَوْبه حَيْثُ قَالَ فِيهِ: فَيَضَع أَحَدنَا طرف الثَّوْب من شدَّة الْحر فِي مَكَان السُّجُود، على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ اتعالى.
وَوجه مُنَاسبَة هَذِه الْأَثر للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهُوَ أَنه إِذا سجد على ثَوْبه يكون سَاجِدا على الْفراش، لِأَنَّهُ اسْم لما يبسط كَمَا ذكرنَا.
٢٨٣ - ح دّثنا إسْماعِيلُ قَالَ حدّثني مالِكٌ عَنْ أبي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبيْدِ اللَّهِ عنْ أبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عنْ عائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ أنَّهَا قالَتْ كُنْتُ أنامُ بَيْن يَدَيْ رسولِ الله وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْليَّ فإِذَا قامَ بَسَطْتُهُما قالَتْ والبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ. (الحَدِيث ٢٨٣ أَطْرَافه فِي: ٣٨٣، ٤٨٣، ٨٠٥، ١١٥، ٢١٥، ٣١٥، ٤١٥، ٥١٥، ٩١٥، ٧٩٩، ٩٠٢١، ٦٧٢٦) .
وَجه مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْلهَا: (كنت أَنَام) ، لِأَن نومها كَانَ على الْفراش، وَقد صرحت فِي حَدِيثهَا الآخر بقولِهَا: (على الْفراش) الَّذِي ينامان عَلَيْهِ.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: إِسْمَاعِيل بن عبد ابْن أبي أويس الْمدنِي ابْن أُخْت مَالك بن أنس، وَأَبُو النَّضر، بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة: اسْمه سَالم مولى عمر، بِدُونِ الْوَاو: ابْن عبيد االتيمي، وَأَبُو سَلمَة عبد ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْإِفْرَاد فِي آخر. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل. وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن القعْنبِي وَعبد ابْن يُوسُف كِلَاهُمَا عَن مَالك. وَأخرجه مُسلم