للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَرْبعا ثمَّ خمْسا ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، وَجَاء فِي مَوضِع من البُخَارِيّ: (فَكَانَت صلَاته ثَلَاث عشرَة رَكْعَة) . وَجَاء فِي بَاب قِرَاءَة الْقُرْآن أَنَّهَا كَانَت ثَلَاث عشرَة رَكْعَة غير رَكْعَتي الْفجْر، فَإِن فِيهِ: (فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أوتر. ثمَّ اضْطجع حَتَّى أَتَاهُ الْمُؤَذّن فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ خرج فصلى الصُّبْح) . وَهَذَا هُوَ الْأَكْثَر فِي الرِّوَايَات، وَيجمع بَينهمَا بِأَن من روى إِحْدَى عشرَة أسقط الْأَوليين وركعتي الْفجْر، وَمن أثبت الْأَوليين عدهَا ثَلَاث عشرَة. وَقد وَقع هَذَا الِاخْتِلَاف فِي (صَحِيح مُسلم) من حَدِيث وَاصل وَغَيره. وَأجَاب القَاضِي فِي الْجمع بِمثلِهِ، وَقد استدرك الدَّارَقُطْنِيّ حَدِيث وَاصل على مُسلم لِكَثْرَة اختلافه. وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَكثر الرِّوَايَات أَنه لم يصل قبل النّوم وَأَنه صلى بعده ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، فَيحْتَمل أَن نوم ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ وقوعا، فَذكر ذَلِك بعض من سَمعه. قلت: الْمَشْهُور أَنَّهَا كَانَت وَاقعَة وَاحِدَة. قَوْله: (ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ) قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا فَائِدَة الْفَصْل بَينه وَبَين الْخمس ولِمَ مَا جمع بَينهمَا بِأَن يُقَال: فصلى سبع رَكْعَات؟ قلت: إِمَّا لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الْخمس بِسَلام والركعتين بِسَلام، وَأَن الْخمس باقتداء ابْن عَبَّاس بِهِ، والركعتين بعد اقتدائه. وَقَالَ بَعضهم: أغرب الْكرْمَانِي فِي هَذَا وَكَأَنَّهُ ظن أَن الرَّكْعَتَيْنِ من جملَة صَلَاة اللَّيْل وَهُوَ مُحْتَمل، لَكِن حملهَا على سنة الْفجْر أولى ليحصل الْخَتْم بالوتر. قلت: قطّ مَا ظن هُوَ أَن الرَّكْعَتَيْنِ من صَلَاة اللَّيْل. غَايَة مَا فِي الْبَاب وَقع السُّؤَال عَن تَفْصِيل ابْن عَبَّاس فِي أخباره حَيْثُ لم يجمل، وَجَوَابه عَن وَجه ذَلِك. وَلَئِن سلمنَا أَنه ظن أَن الرَّكْعَتَيْنِ من صَلَاة اللَّيْل فَفِيهِ أَيْضا الْخَتْم بالوتر حَاصِل. قَوْله: (ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة) هَذَا من خَصَائِص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذْ نَومه مضجعا لَا ينْقض الْوضُوء لِأَن عَيْنَيْهِ تنامان وَلَا ينَام قلبه، فَلَو خرج حدث لأحس بِهِ، بِخِلَاف غَيره من النَّاس. وَفِي بعض الرِّوَايَات فِي الصَّحِيح: (ثمَّ اضْطجع فَنَامَ حَتَّى نفخ فَخرج فصلى الصُّبْح وَلم يتَوَضَّأ) . قَالَ الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون فِيهِ مَحْذُوف أَي: ثمَّ تَوَضَّأ، ثمَّ خرج قلت: قَوْله فِي الصَّحِيح: وَلم يتَوَضَّأ يرد هَذَا الِاحْتِمَال.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: وَهُوَ على وُجُوه. الأول: فِيهِ من فضل ابْن عَبَّاس وحذقه على صغر سنه حَيْثُ أرصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طول ليلته. وَقيل: إِن الْعَبَّاس أوصاه بمراعاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليطلع على عمله بِاللَّيْلِ. الثَّانِي: قَالَ محيي السّنة: فِيهِ جَوَاز الْجَمَاعَة فِي النَّافِلَة. الثَّالِث: فِيهِ جَوَاز الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة. الرَّابِع: فِيهِ جَوَاز الصَّلَاة خلف من لم ينْو الْإِمَامَة. الْخَامِس: فِيهِ جَوَاز بيتوتة الْأَطْفَال عِنْد الْمَحَارِم، وَإِن كَانَت عِنْد زَوجهَا. السَّادِس: فِيهِ الْإِشْعَار بقسمه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين زَوْجَاته. السَّابِع: فِيهِ جَوَاز التصغير على وَجه الشَّفَقَة، وَالذكر بِالصّفةِ حَيْثُ لم يقل: نَام عبد الله. الثَّامِن: فِيهِ أَن موقف الْمَأْمُوم الْوَاحِد عَن يَمِين الإِمَام، فَإِذا وقف عَن يسَاره يحوله إِلَى يَمِينه. التَّاسِع: فِيهِ أَن صَلَاة الصَّبِي صَحِيحَة. الْعَاشِر: فِيهِ أَن صَلَاة اللَّيْل إِحْدَى عشرَة رَكْعَة. قَالَ الْكرْمَانِي: قلت: يَنْبَغِي أَن يكون تسع رَكْعَات، فَإِن الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ سنة الصُّبْح، والست مِنْهَا نَافِلَة، وختمها بالوتر ثَلَاث رَكْعَات. الْحَادِي عشر: فِيهِ جَوَاز نوم الرجل مَعَ امْرَأَته من غير مواقعة بِحَضْرَة بعض محارمها وَإِن كَانَ مُمَيّزا، وَجَاء فِي بعض الرِّوَايَات: إِنَّهَا كَانَت حَائِضًا وَلم يكن ابْن عَبَّاس ليطلب الْمبيت فِي لَيْلَة فِيهَا حَاجَة، إِلَى أَهله، وَلَا يُرْسِلهُ أَبوهُ الْعَبَّاس. الثَّانِي عشر: فِيهِ أَن نَومه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُضْطَجعا غير نَاقض للْوُضُوء، لِأَن قلبه لَا ينَام بِخِلَاف عَيْنَيْهِ، وَكَذَا سَائِر الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام. كَمَا أخرجه البُخَارِيّ فِي حَدِيث الْإِسْرَاء. وَأما نَومه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي الْوَادي إِلَى أَن طلعت الشَّمْس فَلَا يُنَافِي هَذَا، لِأَن الْفجْر وَالشَّمْس إِنَّمَا يدركان بِالْعينِ لَا بِالْقَلْبِ. وَأبْعد من قَالَ إِنَّه كَانَ فِي وَقت ينَام قلبه فصادف ذَلِك. الثَّالِث عشر: فِيهِ جَوَاز الرِّوَايَة عِنْد الشَّك فِي كلمة بِشَرْط التَّنْبِيه عَلَيْهِ.

٤٢ - (بابُ حِفْظِ العِلْمِ)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان حفظ الْعلم.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن من يسمر بِالْعلمِ فَمَا يسمر لأجل الْحِفْظ غَالِبا، وَذكر هَذَا الْبَاب عقيب ذَلِك مُنَاسِب.

١١٨ - حدّثنا عَبْدُ العَزِيز بنُ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: حدّثني مَالِكٌ عَن ابنِ شِهَابٍ عَن الأَعْرَج

<<  <  ج: ص:  >  >>