للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من بصر الْقلب وَالله تَعَالَى إِنَّمَا خلق الْأُنْثَى للذّكر وَلم يخلق الذّكر للذّكر وَلَا الْأُنْثَى للْأُنْثَى. وَقيل: وَأَنْتُم تبصرون أَي: يبصر بَعْضكُم بَعْضًا لأَنهم كَانُوا فِي ناديهم يرتكبونها مجاهرين بهَا لَا يستترون عتواً مِنْهُم وتمرداً وخلاعة ومجانة. قَوْله: (أئنكم لتأتون الرِّجَال؟) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار. قَوْله: (شهورة) أَي: لأجل الشَّهْوَة. قَوْله: (تجهلون) أَي: عَاقِبَة الْعِصْيَان وَيَوْم الْجَزَاء وَقيل: تجهلون مَوضِع قَضَاء الشَّهْوَة، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: فَإِن قلت: فسرت: تبصرون، بِالْعلمِ وَبعده: بل أَنْتُم قوم تجهلون، فَكيف يكونُونَ عُلَمَاء جهلاء؟ قلت: أَرَادَ: تَفْعَلُونَ فعل الْجَاهِلين بِأَنَّهَا فَاحِشَة مَعَ علمكُم بذلك، وَاجْتمعت الْغَيْبَة والمخاطبة فِي قَوْله تَعَالَى: {بل أَنْتُم قوم تجهلون} فَغلبَتْ المخاطبة، فَقيل: تجهلون، لِأَن المخاطبة أقوى وأرسخ أصلا من الْغَيْبَة. قَوْله: (فَمَا كَانَ جَوَاب قومه) أَي: قوم لوط إلَاّ أَن قَالُوا، كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: إلَاّ قَوْلهم. قَوْله: (يتطهرون) من أدبار الرِّجَال يَقُولُونَهُ استهزاء بهم وتهكما. قَوْله: (فأنجيناه) ، أَي: أنجينا لوطاً من الْعَذَاب وأنجينا أَهله إلَاّ امْرَأَته قدرناها أَي: جعلناها بتقديرنا وقضائنا عَلَيْهَا من الغابرين أَي: البَاقِينَ فِي الْعَذَاب. قَوْله: (وأمطرنا عَلَيْهِم مَطَرا) أَي: الْحِجَارَة، فسَاء مطر الْمُنْذرين الَّذين أنذروا بِالْعَذَابِ، وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَيْنَمَا كَانَ الْمَطَر فِي كتاب الله فَهُوَ الْعقَاب، وَالْمَذْكُور فِي التَّفْسِير أَنه يُقَال: أمطر فِي الْعَذَاب، ومطر فِي الرَّحْمَة، وَأهل اللُّغَة يَقُولُونَ: مطرَت السَّمَاء وأمطرت.

٥٧٣٣ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حدَّثنا أبُو الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَغْفِرُ الله لِلُوطٍ إنْ كانَ لَيأوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون: عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز، وَهَؤُلَاء على هَذَا النسق مروا مرَارًا كَثِيرَة. والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب قَوْله عز وَجل {ونبِّئهم عَن ضيف إِبْرَاهِيم} (الْحجر: ١٥) . قَوْله: (إِن كَانَ) كلمة: إِن، هَذِه مُخَفّفَة من المثقلة أَي: إِنَّه كَانَ. قَوْله: (إِلَى ركن شَدِيد) أَي: إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَيُشِير بذلك إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لَو أَن لي بكم قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} (الْحجر:) . أَي: إِلَى عشريته لكنه لم يأوِ إلِيهم وَلكنه آوى إِلَى الله، وَقَالَ النَّوَوِيّ: يجوز أَنه لما اندهش بِحَال الأضياف قَالَ ذَلِك، أَو أَنه التجأ إِلَى الله تَعَالَى فِي بَاطِنه، وَأظْهر هَذَا القَوْل للأضياف إعتذاراً وسمى الْعَشِيرَة ركنا لِأَن الرُّكْن يسْتَند إِلَيْهِ وَيمْتَنع بِهِ فشبههم بالركن من الْجَبَل لشدتهم ومنعتهم.

٨١ - (بابٌ {فَلَمَّا جاءَ آلُ لُوطٍ المُرْسَلُونَ قَالَ إنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} (الْحجر: ٢٦) .)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَ} (الْحجر: ٢٦) . إِلَى آخِره، وفاعل جَاءَ هُوَ قَوْله: المُرْسَلُونَ، وهم الْمَلَائِكَة المُرْسَلُونَ من عِنْد الله لهلاك قوم لوط. قَوْله: (آل لوط) بِالنّصب مفعول: جَاءَ. قَوْله: (قَالَ) أَي: لوط، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله: (إِنَّكُم قوم منكرون) أَي: لَا أعرفكُم، قَالُوا: بل جئْنَاك بِالْحَقِّ، أَي: الْيَقِين، وَإِنَّا لصادقون فِي قَوْلنَا، ثمَّ حكى الله تَعَالَى بَقِيَّة الْقِصَّة، بقوله: فأسرِ بأهلك ... إِلَى آخرهَا.

بِرُكْنِهِ بِمَنْ مَعَهُ لأِنَّهُمْ قُوَّتُهُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَتَوَلّى بركنه وَقَالَ ساحراً أَو مَجْنُون} . وَأول الْآيَة {وَفِي مُوسَى إِذْ أرسلناه إِلَى فِرْعَوْن بسُلْطَان مُبين فَتَوَلّى بركته} . قَوْله: (وَفِي مُوسَى) عطف على قَوْله: {وَفِي الأَرْض آيَات} قَوْله: (بركنه) يَعْنِي: بقَوْمه وَمن مَعَه يَعْنِي: المنعة والعشير، وَقَالَ المُورج بجانبه وَجَمِيع بدنه وَهُوَ كِنَايَة عَن الْمُبَالغَة عَن الْإِعْرَاض وَالْإِنْكَار، والركن مَا ركن إِلَيْهِ الْإِنْسَان من مَال وجند وَقُوَّة. قَوْله: {وَقَالَ سَاحر أَو مَجْنُون} . أَي: وَقَالَ فِرْعَوْن: مُوسَى سَاحر أَو مَجْنُون. وَهَذَا الَّذِي ذكره البُخَارِيّ هَهُنَا لَا وَجه لَهُ، لِأَنَّهُ فِي قصَّة مُوسَى، والترجمة فِي قصَّة لوط، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَمَعَ هَذَا أَن التفاسير الَّتِي ذكرهَا هُنَا لم تُوجد إلَاّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده.

تَرْكَنُوا تَمِيلُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>