للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْآكِل لما يخْشَى من النسْيَان. فَإِن قلت: قَالَ أَبُو عمر: مِمَّا يدل على بطلَان قَول من قَالَ: إِن ذَلِك كَانَ قبل نزُول: {وَلَا تَأْكُلُوا} (الْأَنْعَام: ١٢١) . إِن هَذَا الحَدِيث كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَن أهل باديتها هم الَّذين أُشير إِلَيْهِم بِالذكر فِي الحَدِيث، وَلَا يخْتَلف الْعلمَاء أَن الْآيَة نزلت فِي الْأَنْعَام بِمَكَّة. والأنعام مَكِّيَّة. قلت: ذكر أَبُو الْعَبَّاس الضَّرِير فِي كِتَابه (مقامات التَّنْزِيل) والثعلبي وَغَيرهمَا: أَن فِي الْأَنْعَام آيَات سِتّ مدنيات نَزَلْنَ بهَا. فإطلاق أبي عمر كَلَامه بِأَن كلهَا مَكِّيَّة غير صَحِيح، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ، سموا أَنْتُم وكلوا، لَيْسَ معنى أَنه يجزىء عَمَّا لم يسم عَلَيْهِ، وَلَكِن لِأَن التَّسْمِيَة على الطَّعَام سنة. وَقَالَ ابْن التِّين: إِقْرَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذَا السُّؤَال وَجَوَابه لَهُم بِمَا جَاءَ بهم يدل على اعْتِبَار التَّسْمِيَة فِي الذَّبَائِح، وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.

٦ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وإذَا رَأوْا تِجَارَةً أوْ لَهْوا انْفَضُّوا إلَيْهَا} (الْجُمُعَة: ١١) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سَبَب نزُول قَول الله عز وَجل: {وَإِذا رَأَوْا. .} (الْجُمُعَة: ٠١) . الْآيَة. وَقد ذكر هَذِه الْآيَة فِي أول كتاب الْبيُوع فِي: بَاب مَا جَاءَ فِي قَول الله عز وَجل: {فَإِذا قضيت الصَّلَاة ... } (الْجُمُعَة: ٠١) . الْآيَة. وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى وَكَانَ قَصده من إِعَادَتهَا هُنَا إِشَارَة بِأَن التِّجَارَة، وَإِن كَانَت فِي نَفسهَا ممدوحة بِاعْتِبَار كَونهَا من المكاسب الْحَلَال، فَإِنَّهَا قد تذم إِذا مَا قدمت على مَا يجب تَقْدِيمه عَلَيْهَا، وَكَانَ من الْوَاجِب الْمُقدم عَلَيْهَا إثباتهم مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين كَانَ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة إِلَى أَن يفرغ من الصَّلَاة، فَلَمَّا تفَرقُوا حِين أَقبلت العير، وَلم يبْق مَعَه غير اثْنَي عشر رجلا، أنزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، وفيهَا عتب عَلَيْهِم، وإنكار، وَأخْبر بِأَن كَونهم مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ خيرا لَهُم من التِّجَارَة.

٧ - (بابُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ حَيْثُ كَسَبَ المَالَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَال من لم يبال من حَيْثُ كسب المَال، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى ذمّ من لم يبالِ فِي مكاسبه من أَيْن يكْسب.

٩٥٠٢ - حدَّثنا آدمُ قَالَ حَدثنَا ابنُ أبِي ذِئبٍ قَالَ حَدثنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يأتِي عَلَى النَّاسِ زَمانٌ لَا يُبَالِي المَرْءُ مَا أخذَ مِنْهُ أمِنَ الحَلالِ أم مِنَ الحَلالِ. (الحَدِيث ٩٥٠٢ طرفه فِي: ٣٨٠٢) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَا يُبَالِي الْمَرْء مَا أَخذ مِنْهُ: أَمن الْحَلَال أم من الْحَرَام؟) وآدَم هُوَ ابْن إِيَاس، وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الْبيُوع عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا بن دِينَار.

قَوْله: (يَأْتِي على النَّاس) وَفِي رِوَايَة أَحْمد عَن يزِيد عَن ابْن أبي ذِئْب بِسَنَدِهِ: (ليَأْتِيَن على النَّاس زمَان) . وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ من وَجه آخر: (يَأْتِي على

<<  <  ج: ص:  >  >>