بِسَجْدَة ويركع رَكْعَتي الْفجْر) ، فَتلك ثَلَاث عشرَة رَكْعَة. وَأما رِوَايَة سبع وتسع فَهِيَ فِي حَالَة كبره، كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَأما مِقْدَار مَا يجمعه من الرَّكْعَات بِتَسْلِيمِهِ فَفِي رِوَايَة: كَانَ يسلم بَين رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة، وَفِي رِوَايَة: (يُوتر من ذَلِك بِخمْس لَا يجلس فِي شَيْء إلَاّ فِي آخرهَا) ، وَفِي رِوَايَة: (يُصَلِّي تسع رَكْعَات لَا يجلس فِيهَا إلَاّ فِي الثَّامِنَة) ، وَالْجمع بَين هَذَا الِاخْتِلَاف أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل جَمِيع ذَلِك فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة. وَمِنْهَا: أَنه اخْتلفت أَيْضا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي هَذَا الْبَاب فِي عدد صلَاته، فَفِي حَدِيث زيد بن خَالِد وَابْن عَبَّاس وَجَابِر وَأم سَلمَة: ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، وَفِي حَدِيث الْفضل وَصَفوَان بن الْمُعَطل وَمُعَاوِيَة ابْن الحكم وَابْن عمر وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس: إِحْدَى عشرَة، وَفِي حَدِيث أنس: ثَمَان رَكْعَات، وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة: سبع رَكْعَات، وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب: أَربع رَكْعَات، وَكَذَلِكَ فِي بعض طرق حَدِيث حُذَيْفَة، وَأكْثر مَا فِيهَا حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سِتّ عشرَة رَكْعَة. الْجَواب: بِأَن ذَلِك بِحَسب مَا شَاهد الروَاة كَذَلِك، فَرُبمَا زَاد وَرُبمَا نقص، وَرُبمَا فرق قيام اللَّيْل مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، وَمن عد ذَلِك تسعا أسقط رَكْعَة الْوتر، وم زَاد على ثَلَاث عشرَة رَكْعَة فَيكون قد عد سنة الْعشَاء أَو رَكْعَتي الْفجْر أَو عدهما جَمِيعًا، وَعَلِيهِ يحمل مَا رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك فِي (الزّهْد وَالرَّقَائِق) فِي حَدِيث مُرْسل: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل سبع عشرَة رَكْعَة.
٨٤١١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّي قَالَ حَدثنَا يَحْيى بنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبرنِي أبي عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ مَا رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاةِ اللَّيْلِ جالِسا حَتَّى إذَا كَبِرَ قرَأ جالِسا فإذَا بَقِيَ عَلَيْهِ منَ السُّورَةِ ثَلَاثُونَ أوْ أرْبَعُونَ آيَة قامَ فَقَرَأَهُنَّ ثُمَّ رَكَعَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من صَلَاة اللَّيْل) ، وَهِي: قيام اللَّيْل الَّذِي سَمَّاهُ فِي التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: مُحَمَّد بن الْمثنى بن عبيد، يعرف بالزمن. الثَّانِي: يحيى بن سعيد الْقطَّان الْأَحول. الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. الْخَامِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.
ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه وَشَيخ شَيْخه بصريان وَهِشَام وَأَبوهُ مدنيان.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا عَن زُهَيْر بن حَرْب عَن يحيى بن سعيد بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (جَالِسا) نصب على الْحَال فِي موضِعين. قَوْله: (كبر) ، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: أسن، وَكَانَ ذَلِك قبل مَوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعام، وَأما: كبر، بِضَم الْبَاء فَهُوَ بِمَعْنى: عظم. قَوْله: (أَو أَرْبَعُونَ) شكّ من الرَّاوِي.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: فِي قَوْله: (حَتَّى إِذا بَقِي عَلَيْهِ) إِلَى آخِره، رد على من اشْترط على من افْتتح النَّفْل قَاعِدا أَن يرْكَع قَاعِدا، وَإِذا افْتتح قَائِما أَن يرْكَع قَائِما، وَهُوَ محكي عَن أَشهب الْمَالِكِي. وَفِيه: جَوَاز النَّافِلَة جَالِسا، وَاخْتلف فِي كيفيته، فَعَن أبي حنيفَة: يقْعد فِي حَال الْقِرَاءَة كَمَا يقْعد فِي سَائِر الصَّلَاة، وَإِن شَاءَ تربع وَإِن شَاءَ احتبى، وَعَن أبي يُوسُف: يحتبي، وَعنهُ: يتربع إِن شَاءَ، وَعَن مُحَمَّد: يتربع وَعَن زفر: يقْعد كَمَا فِي التَّشَهُّد، وَعَن أبي حنيفَة، فِي صَلَاة اللَّيْل: يتربع من أول الصَّلَاة إِلَى آخرهَا، وَعَن أبي يُوسُف: إِذا جَاءَ وَقت الرُّكُوع وَالسُّجُود يقْعد كَمَا يقْعد فِي تشهد الْمَكْتُوبَة، وَعنهُ: يرْكَع متربعا. قَالَ فِي (الْمُغنِي) : الْأَمْرَانِ جائزان، جَاءَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا روته عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، والإقعاء مَكْرُوه والافتراض عِنْد الشَّافِعِيَّة أفضل من التربع على أظهر الْأَقْوَال، وَفِي رِوَايَة: ينصب ركبته اليمني كالقارىء بَين يَدي المقرىء، وَعند مَالك: يتربع، ذكره الْقَرَافِيّ فِي (الذَّخِيرَة) وَفِي (الْمُغنِي) : عِنْد أَحْمد يقْعد متربعا فِي حَال الْقيام، ويثني رجلَيْهِ فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود. وَقَالَ: الْقعُود فِي حق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كالقيام فِي حَالَة الْقُدْرَة، تَشْرِيفًا لَهُ وتخصيصا.
٧١ - (بابُ فَضْلِ الطُّهُورِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وفَضْلِ الصَّلاةِ بعْدَ الوُضُوءِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَانه فَضِيلَة الطّهُور، وَهُوَ الْوضُوء بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: بَاب فضل الطّهُور بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار وَفضل الصَّلَاة عِنْد الطّهُور بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار، وَفِي بعض النّسخ: بعد الْوضُوء، مَوضِع: عِنْد الطّهُور، وَفِي بَعْضهَا: بَاب