للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ. قَوْله: (وَقَالَ إِسْمَاعِيل) صورته صُورَة التَّعْلِيق فِي النّسخ كلهَا، لَكِن الْحَافِظ الْمزي قَالَ: حَدِيث اسْتَأْذَنت هَالة ... وَذكر الحَدِيث، ثمَّ قَالَ حِينَئِذٍ فِي فضل خَدِيجَة: عَن إِسْمَاعِيل بن خَلِيل، فَهَذِهِ الْعبارَة تدل على أَنه روى عَنهُ، فتقتضي اتِّصَاله. وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن سُوَيْد بن سعيد. وَأخرجه أَبُو عوَانَة عَن مُحَمَّد بن يحيى الذهلي عَن إِسْمَاعِيل الْمَذْكُور.

قَوْله: (اسْتَأْذَنت هَالة) ، بِالْهَاءِ وَتَخْفِيف اللَّام، وَهِي أُخْت خَدِيجَة وكلتاهما بِنْتا خويلد بن أَسد، وَكَانَت زوج الرّبيع بن عبد الْعُزَّى ابْن عبد شمس وَالِد أبي الْعَاصِ زوج زَيْنَب بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذكرت فِي الصَّحَابَة، وَقد هَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة لِأَن استيذانها كَانَ بِالْمَدِينَةِ. قَوْله: (فَعرف اسْتِئْذَان خَدِيجَة) ، أَي: تذكر استئذانها لشبه صَوتهَا بِصَوْت خَدِيجَة. قَوْله: (فارتاع لذَلِك) من الروع أَي: فزع، وَلَكِن المُرَاد لَازمه وَهُوَ التَّغَيُّر، ويروى: فارتاح، بِالْحَاء الْمُهْملَة أَي: اهتز لذَلِك سُرُورًا قَوْله: (فَقَالَ: أللهم هَالة) بِالنّصب تَقْدِيره: يَا الله إجعلها هَالة، فَتكون هَالة مَنْصُوبًا على المفعولية، وَيجوز رَفعهَا على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هَذِه هَالة، وروى المستغفري من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام بِهَذَا السَّنَد. قدم ابْن لِخَدِيجَة يُقَال لَهُ هَالة، فَسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قابلته كَلَام هَالة فانتبه وَقَالَ: هَالة هَالة، ثمَّ قَالَ المستغفري: الصَّوَاب هَالة أُخْت خَدِيجَة. قَوْله: (قَالَت) ، أَي: عَائِشَة (فغرت) من الْغيرَة. (فَقلت: مَا تذكر من عَجُوز من عَجَائِز قُرَيْش؟) أَرَادَت بِهِ خَدِيجَة. قَوْله: (حَمْرَاء الشدقين) بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء، والشدق بِالْكَسْرِ جَانب الْفَم، أَرَادَت أَنَّهَا عَجُوز كَبِيرَة جدا قد سَقَطت أسنانها من الْكبر وَلم يبْق بشدها بَيَاض من الْأَسْنَان إِنَّمَا بقيت فِيهِ حمرَة اللثات. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قيل: معنى حَمْرَاء الشدقين بَيْضَاء الشدقين، وَالْعرب تطلق الْأَحْمَر على الْأَبْيَض كَرَاهَة لاسم الْبيَاض لكَونه يشبه البرص، وَفِيه نظر لَا يخفى، وَحكى ابْن التِّين أَنه رُوِيَ بِالْجِيم وَالزَّاي وَلم يذكر لَهُ معنى، وَهُوَ تَصْحِيف، قَالَه بَعضهم. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : روى كِلَاهُمَا وَلم يذكر الْمَعْنى أَيْضا. قَوْله: (خيرا مِنْهَا) ، أَي: من خَدِيجَة، وَقَالَ ابْن التِّين: فِي سكُوت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على هَذِه الْمقَالة دَلِيل على أَفضَلِيَّة عَائِشَة على خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، إلَاّ أَن يكون المُرَاد بالخيرية هُنَا حسن الصُّورَة وَصغر السن، وَقَالَ الطَّبَرِيّ وَغَيره: الْغيرَة تسَامح للنِّسَاء مَا يَقع مِنْهُنَّ وَلَا عُقُوبَة عَلَيْهِنَّ فِي تِلْكَ الْحَالة لما جبلن عَلَيْهَا، وَلِهَذَا لم يزْجر، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَائِشَة عَن ذَلِك. قلت: فعلى هَذَا سُكُوته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْمقَالة الْمَذْكُورَة لَا يدل على أَفضَلِيَّة عَائِشَة على خَدِيجَة، على أَنه جَاءَت رِوَايَة بِالرَّدِّ لهَذِهِ الْمقَالة، وَهِي مَا رَوَاهُ أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من رُوَاة ابْن أبي نجيح عَن عَائِشَة، أَنَّهَا قَالَت: قد أبدلك الله بكبيرة السن حَدِيثَة السن، فَغَضب حَتَّى قلت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أذكرها بعد هَذَا إلَاّ بِخَير.

١٢ - (بابُ ذِكْرِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ الله البَجَليِّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر جرير بن عبد الله بن جَابر، وَهُوَ الشليل، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وبلامين بَينهمَا يَاء آخر الْحُرُوف: ابْن مَالك بن نصر بن ثَعْلَبَة بن جشم بن عَوْف البَجلِيّ، نِسْبَة إِلَى بجيلة بنت صَعب بن سعد الْعَشِيرَة أم ولد أَنْمَار بن أراش أحد أجداد جرير، وكنيته أَبُو عَمْرو، نزل الْكُوفَة ثمَّ نزل قرقيسيا وَبهَا مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين، وَكَانَ سيداً مُطَاعًا مليحاً طوَالًا بديع الْجمال صَحِيح الْإِسْلَام كَبِير الْقد، قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: على وَجهه مسحة ملك. وَعَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: إِنَّه يُوسُف هَذِه الْأمة، وَلما دخل على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أكْرمه وَبسط لَهُ رِدَاءَهُ، وَقَالَ: إِذا أَتَاكُم كريم قوم فأكرموه. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي (الْأَوْسَط) من حَدِيث قيس عَنهُ، وَقَالَ أَبُو عمر: كَانَ إِسْلَامه فِي الْعَام الَّذِي توفّي فِيهِ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ جرير: أسلمت قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَفِيه نظر، لِأَنَّهُ ثَبت فِي (الصَّحِيح) : أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ لَهُ: استنصت النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع وَذَلِكَ قبل مَوته بِأَكْثَرَ من ثَمَانِينَ يَوْمًا، قيل: الصَّحِيح أَن إِسْلَامه كَانَ فِي سنة الْوُفُود سنة تسع أَو سنة عشر.

٢٢٨٣ - حدَّثنا إسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ قالَ حدَّثنا خالِدٌ عنْ بَيان عنْ قَيْسٍ قالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ جَرِيرُ بنُ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ مَا حَجَبَنِي رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أسْلَمْتُ ولَا رآنِي إلَاّ ضَحِكَ. (انْظُر الحَدِيث ٥٣٠٣ وطرفه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>