إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَعبد بن حميد وَعَن ابْن أبي شيبَة عَن عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان وَعَن أبي كريب وَعَبدَة بن سُلَيْمَان وَعبد الله ابْن نمير وَأبي مُعَاوِيَة وَعَن ابْن أبي عَمْرو عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخراج عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وَمُحَمّد ابْن أَحْمد كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من الْأسد) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، قَالَ التَّيْمِيّ: الاسد والأزد يتعاقبان. قَالَ الرشاطي: الْأَسدي بِسُكُون السِّين فِي كهلان هُوَ الْأسد بن الْغَوْث بن نبت بن ملكان بن زيد بن كهلان، وَقَالَ أَيْضا: الْأَزْدِيّ فِي كهلان ينْسب إِلَى الأزد بن الْغَوْث. ثمَّ قَالَ: يُقَال لَهُ الأزد، بالزاي، والاسد بِالسِّين. قَوْله:(يدعى ابْن اللتيبة) ، بِضَم اللَّام وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق بعْدهَا الْبَاء الْمُوَحدَة: واسْمه عبد الله وَكَانَ من بني لتب، حَيّ من الأزد. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: قيل: إِن اللتيبة كَانَت أمه فَعرف بهَا، وَقيل: اللتيبة، بِفَتْح اللَّام. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَيُقَال لَهُ: ابْن الأتيبة.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: اتّفق الْعلمَاء على أَن الْعلمَاء على الصَّدقَات هم السعاة المتولون فِي قبض الصَّدقَات، وَأَنَّهُمْ لَا يسْتَحقُّونَ على قبضهَا جزأ مِنْهَا مَعْلُوما: سبعا أَو ثمنا، وَإِنَّمَا لَهُ أجر عمله على حسب احتهاد الإِمَام. وَفِيه: من الْفِقْه جَوَاز محاسبة المؤتمن، وَأَن المحاسبة تصحح أَمَانَته، وَهُوَ أصل فعل عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي محاسبة الْعمَّال، وَإِنَّمَا فعل ذَلِك لما رأى مَا قَالُوهُ من كَثْرَة الأرباح، وَعلم أَن ذَلِك من أجل سلطانهم، وسلطانهم إِنَّمَا كَانَ بِالْمُسْلِمين، فَرَأى مقاسمة أَمْوَالهم واقتدى بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(أَفلا جلس فِي بَيت أَبِيه وَأمه فَيرى أيهدى لَهُ شَيْء أم لَا؟) . وَمَعْنَاهُ: لَوْلَا الْإِمَارَة لم يهدَ لَهُ شَيْء، وَهَذَا اجْتِهَاد من عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَإِنَّمَا أَخذ مِنْهُم مَا أَخذ لبيت مَال الْمُسلمين لَا لنَفسِهِ. وَفِيه: أَيْضا: أَن الْعَالم إِذا رأى متأولاً أَخطَأ فِي تَأْوِيله يعم النَّاس ضَرَره أَن يعلم النَّاس كَافَّة بِموضع خطئه، ويعرفهم بِالْحجَّةِ القاطعة لتأويله كَمَا فعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِابْن اللتيبة فِي خطبَته للنَّاس. وَفِيه: توبيخ المخطىء وَتَقْدِيم الأدنون إِلَى الْإِمَارَة وَالْأَمَانَة وَالْعَمَل، وَثمّ من هُوَ أَعلَى مِنْهُ وأفقه، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدم ابْن اللتيبة وثمة من صحابته من هُوَ أفضل مِنْهُ. قَالَ ابْن بطال: وَفِيه: أَن لمن شغل بِشَيْء من أَعمال الْمُسلمين أَخذ الرزق على عمله.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِعْمَال إبل الصَّدَقَة وَاسْتِعْمَال أَلْبَانهَا، وَالْمرَاد من اسْتِعْمَال أَلْبَانهَا شربهَا، وكلا الاستعمالين لأبناء السَّبِيل. قَالَ ابْن بطال: غَرَض البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب إِثْبَات وضع الصَّدَقَة فِي صنف وَاحِد من الْأَصْنَاف الثَّمَانِية خلافًا للشَّافِعِيّ الَّذِي لَا يجوز الْقِسْمَة إلَاّ على الثَّمَانِية، وَالْحجّة قَاطِعَة لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفرد أَبنَاء السَّبِيل بِالِانْتِفَاعِ بِإِبِل الصَّدَقَة وَأَلْبَانهَا دون غَيرهم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَيْسَ حجَّة قَاطِعَة وَلَا غير قَاطِعَة إِذْ الصَّدَقَة لم تكن منحصرة عَلَيْهَا بِالِانْتِفَاعِ، إِذْ الرَّقَبَة تكون لغَيرهم، وَلَا الِانْتِفَاع بِتِلْكَ الْمدَّة وَنَحْوهَا. قلت: لَا وَجه لدفع كَلَام ابْن بطال لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أفرد هَؤُلَاءِ العرنيين بِالِانْتِفَاعِ بِإِبِل الصَّدَقَة وَشرب أَلْبَانهَا فقد أفرد صنفا وَاحِدًا من الثَّمَانِية. فَدلَّ على جَوَاز الِاقْتِصَار على صنف وَاحِد. وَقَالَ بَعضهم عقيب كَلَام ابْن بطال: وَفِيمَا قَالَه نظر لاحْتِمَال أَن يكون مَا أَبَاحَ لَهُم من الِانْتِفَاع إلَاّ بِمَا هُوَ قدر حصتهم. قلت: سُبْحَانَ الله، هَذَا نظر عَجِيب، هَل كَانَت هَهُنَا قسْمَة بَين هَؤُلَاءِ وَغَيرهم من الْأَصْنَاف الثَّمَانِية حَتَّى أَبَاحَ لَهُم مَا يخصهم؟
١٠٥١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى عنْ شُعْبَةَ قَالَ حدَّثنا قَتَادَةُ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ نَاسا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا المَدِينَةَ فرَخَّصَ لَهُمْ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يأتُوا إبِلَ الصَّدَقَةِ فيَشْرَبُوا مِنْ ألْبَانِهَ وَأبْوَالِهَا فقَتَلُوا الرَّاعِي وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ فأرْسَلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأُتِيَ بِهِمْ فقَطَّعَ أيْدِيَهُمْ وِأرّجُلَهُمْ وسَمَرَ أعْيُنَهُمْ وتَرَكَهُمْ بِالحَرَّةِ يَعَضُّونَ الحِجَارَةَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رخص لَهُم من شرب ألبان إبل الصَّدَقَة وَأَبْوَالهَا، والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بَاب أَبْوَال الْإِبِل وَالدَّوَاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن