وَالنِّسَاء ومنهن صنف خطابات يخطبن للرِّجَال نسَاء لَهَا أَزوَاج بفتن يوقعنها بَينهم وَغير ذَلِك من الْأَصْنَاف الْكَثِيرَة الْخَارِجَة عَن قَوَاعِد الشَّرِيعَة فَانْظُر إِلَى مَا قَالَت الصديقة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا من قَوْلهَا لَو أدْرك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أحدثت النِّسَاء وَلَيْسَ بَين هَذَا القَوْل وَبَين وَفَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا مُدَّة يسيرَة على أَن نسَاء ذَلِك الزَّمَان مَا أحدثن جزأ من ألف جُزْء مِمَّا أحدثت نسَاء هَذَا الزَّمَان قَوْله " كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل " يحْتَمل أَن تكون شريعتهم الْمَنْع وَيحْتَمل أَن يكون منعن بعد الْإِبَاحَة وَيحْتَمل غير ذَلِك مِمَّا لَا طَرِيق لنا إِلَى مَعْرفَته إِلَّا بالْخبر قَوْله " قلت لعمرة " الْقَائِل يحيى بن سعيد قَوْله " أَو منعن " بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام وواو الْعَطف وَفعل الْمَجْهُول وَالضَّمِير الَّذِي فِيهِ يعود إِلَى نسَاء بني إِسْرَائِيل قَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) من أَيْن علمت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا هَذِه الْمُلَازمَة وَالْحكم بِالْمَنْعِ وَعَدَمه لَيْسَ إِلَّا الله تَعَالَى (قلت) مِمَّا شاهدت من الْقَوَاعِد الدِّينِيَّة الْمُقْتَضِيَة لحسم مواد الْفساد وَالْأولَى فِي هَذَا الْبَاب أَن ينظر إِلَى مَا يخْشَى مِنْهُ الْفساد فيجتنب لإشارته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى ذَلِك بِمَنْع الطّيب والتزين لما روى مُسلم من حَدِيث زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود " إِذا شهِدت إحداكن الْمَسْجِد فَلَا تمس طيبا " وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ " لَا تمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله وَلَكِن ليخرجن وَهن تفلات " وَكَذَلِكَ قيد ذَلِك فِي بعض الْمَوَاضِع بِاللَّيْلِ ليتَحَقَّق الْأَمْن فِيهِ من الْفِتْنَة وَالْفساد وَبِهَذَا يمْنَع اسْتِدْلَال بَعضهم فِي الْمَنْع مُطلقًا فِي قَول عَائِشَة لِأَنَّهَا علقته على شَرط لم يُوجد فَقَالَت لَو رأى لمنع فَيُقَال عَلَيْهِ لم ير وَلم يمْنَع على أَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لم تصرح بِالْمَنْعِ وَإِن كَانَ ظَاهر كَلَامهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا ترى الْمَنْع وَأَيْضًا فالإحداث لم يَقع من الْكل بل من بَعضهم فَإِن تعين الْمَنْع فَيكون فِي حق من أحدثت لَا فِي حق الْكل وَقَالَ التَّيْمِيّ فِيهِ دَلِيل على أَنه لَا يَنْبَغِي للنِّسَاء أَن يخْرجن من الْمَسَاجِد إِذا حدث فِي النِّسَاء الْفساد انْتهى (قلت) الَّذِي يعول عَلَيْهِ مَا قُلْنَاهُ وَلم يحدث الْفساد فِي الْكل قَوْله (تفلات) جمع تفلة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْفَاء من التفل وَهُوَ سوء الرَّائِحَة يُقَال امْرَأَة تفلة إِذا لم تطيب وَيُقَال رجل تفل وَامْرَأَة تفلة ومتفال (فَإِن قلت) لم قَالَ " لَا تمنعوا إِمَاء الله " وَلم يقل لَا تمنوا نساءكم (قلت) لِأَنَّهُ لما قَالَ مَسَاجِد الله رَاعى الْمُنَاسبَة فَقَالَ (إِمَاء الله) وَهُوَ أوقع فِي النَّفس من لفظ النِّسَاء -
١٦٤ - (بابُ صَلَاةِ النِّسَاءِ خَلْفَ الرِّجَالِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن صَلَاة النِّسَاء خلف صُفُوف الرِّجَال، لِأَن مبْنى أمرهن على السّتْر وتأخرهن عَن الرِّجَال أستر لَهُنَّ.
٨٧٥ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ قَزَعَةَ قَالَ حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ هِنْدٍ بِنْتِ الحَارِثِ عنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا سَلَّمَ قامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ ويَمْكُثُ هُوَ فِي مَقَامِهِ يَسِيرا قَبْلَ أنْ يَقُومَ. قَالَ نَرَي وَالله أعْلَمُ أنَّ ذَلِكَ كانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أنْ يُدْرِكَهُنَّ مِنَ الرِّجَالِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن صف النِّسَاء لَو كَانَ أَمَام الرِّجَال أَو بَعضهم للَزِمَ من انصرافهن قبل أَن يتخطينهم، وَذَلِكَ مَنْهِيّ عَنهُ. قلت: هَذَا على مَذْهَبهم، وَأما على مَذْهَب الْحَنَفِيَّة إِذا تقدم صف من النِّسَاء على صف من الرِّجَال يفْسد ذَلِك صَلَاة هَؤُلَاءِ الصَّفّ بِتَمَامِهِ، كَمَا علم من مَذْهَبهم فِي حكم الْمُحَاذَاة، وَهَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه مضى فِي: بَاب التَّسْلِيم، أخرجه هُنَاكَ: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، وَهَهُنَا: عَن يحيى بن قزعة، بِالْقَافِ وَالزَّاي وَالْعين الْمُهْملَة المفتوحات، وَقد تسكن الزَّاي: الْمَكِّيّ الْمُؤَذّن عَن إِبْرَاهِيم بن سعد. قَوْله: (قَالَ نرى) أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ، وَهَذَا إدراج مِنْهُ. قَوْله: (قبل أَن يدركهن من الرِّجَال) ، ويروى: (قبل أَن يدركهن أحد من الرِّجَال) .
٢٥٢ - (حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة عَن إِسْحَاق عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَيت أم سليم فَقُمْت ويتيم خَلفه وَأم سليم خلفنا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute