عنهُما أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ حَمَلَ علَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ الله فوَجَدَهُ يُباعُ فأرادَ أنْ يَبْتَاعَهُ فَسَأَلَ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقال لَا تَبْتَعْهُ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ..
٣٠٠٣ - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني مالِكٌ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَقولُ حَمَلْتُ علَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ الله فابْتَاعَهُ أوْ فأضَاعَهُ الَّذِي كانَ عِنْدَهُ فأرَدْتُ أنْ أشْتَرِيَهُ وظَنَنْتُ أنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ فَسألْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا تَشْتَرِهِ وإنْ بِدِرْهَمٍ فإنَّ العَائِدَ فِي هِبَتِهِ كالْكَلْبِ يَعودُ فِي قَيْئِهِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَفِيه بَيَان مَا أبهمه فِي التَّرْجَمَة والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة فِي: بَاب هَل يَشْتَرِي صدقته؟ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر تصدق بفرس ذكره فِي هَذَا الْبَاب عَن يحيى بن بكير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن سَالم، وَذكره هَهُنَا عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر حمل على فرس ... الحَدِيث، وَمضى فِي الْهِبَة أَيْضا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (ابتاعه أَو أضاعه) شكّ من الرَّاوِي، وَلَا معنى لقَوْله: ابتاعه إلَاّ إِذا كَانَ بِمَعْنى: بَاعه، وَلَعَلَّ الابتياع جَاءَ بِمَعْنى البيع، كَمَا جَاءَ: اشْترى، بِمَعْنى: بَاعَ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله: {بئْسَمَا مَا اشْتَروا بِهِ أنفسهم} (الْبَقَرَة: ٢٠١) . ان اشْتَروا بمعني: باوا، وَكَأَنَّهُ قَالَ: اتخذ البيع لنَفسِهِ كَمَا يُقَال فِي اكْتسب وَنَحْوه. وَقيل: لَعَلَّ الرَّاوِي صحفه وَهُوَ: أباعه؟ أَي: عرضه للْبيع. قَوْله: (وَإِن بدرهم) أَي: وَإِن كَانَ بدرهم، فَحذف فعل الشَّرْط، والحذف عِنْد الْقَرِينَة، جَائِز.
٨٣١ - (بابُ الجِهَادِ بإذْنِ الأبَوَيْنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الْجِهَاد بِإِذن الْأَبَوَيْنِ، كَذَا أطلق، وَلَكِن فِيهِ خلاف وتفصيل، فَلذَلِك أبهم فَقَالَ أَكثر أهل الْعلم، مِنْهُم الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: إِنَّه لَا يخرج إِلَى الْغَزْو إلَاّ بِإِذن وَالِديهِ مَا لم تقع ضَرُورَة وَقُوَّة الْعَدو، فَإِذا كَانَ كَذَلِك تعين الْفَرْض على الْجَمِيع وَزَالَ الِاخْتِيَار وَوَجَب الْجِهَاد على الْكل، فَلَا حَاجَة إِلَى الْإِذْن من وَالِد وَسيد. وَقَالَ ابْن حزم فِي (مَرَاتِب الْإِجْمَاع) : إِن كَانَ أَبَوَاهُ يضيعان بِخُرُوجِهِ ففرضه سَاقِط عَنهُ إِجْمَاعًا وإلَاّ فالجمهور يوقفه على الاستيذان، والأجداد كالآباء والجدات كالأمهات، وَعند الْمُنْذِرِيّ: هَذَا فِي التَّطَوُّع، أما إِذا وَجب عَلَيْهِ فَلَا حَاجَة إِلَى إذنهما، وَإِن منعاه عصاهما، هَذَا إِذا كَانَا مُسلمين، فَإِن كَانَا كَافِرين فَلَا سَبِيل لَهما إِلَى مَنعه وَلَو نفلا، وطاعتهما حِينَئِذٍ مَعْصِيّة. وَعَن الثَّوْريّ: هما كالمسلمين، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون هَذَا كُله بعد الْفَتْح وَسُقُوط فرض الْهِجْرَة وَالْجهَاد وَظُهُور الدّين، وَأَن يكون ذَلِك من الْأَعْرَاب وَغير من تجب عَلَيْهِ الْهِجْرَة، فرجح بر الْوَالِدين على الْجِهَاد. فَإِن قلت: هَل ينْدَرج فِي هَذَا الْمديَان؟ قلت: قَالَ الشَّافِعِي، فِيمَا ذكره ابْن المناصف: لَيْسَ لَهُ أَن يَغْزُو إلَاّ بِإِذْنِهِ سَوَاء كَانَ مُسلما أَو غَيره، وَفرق مَالك بَين أَن يجد قَضَاء وَبَين أَن لَا يجد، فَإِن كَانَ عديماً فَلَا يرى بجهاده بَأْسا، وَإِن لم يسْتَأْذن غَرِيمه، فَإِن كَانَ مَلِيًّا وَأوصى بِدِينِهِ إِذا حل أعْطى دينه وَلَا يَسْتَأْذِنهُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: لَا يتَوَقَّف على الْإِذْن مُطلقًا، وَالله أعلم.
٤٠٠٣ - حدَّثنا آدَمُ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدَّثنا حَبِيبُ بنُ أبِي ثابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أبَا العَبَّاسِ الشَّاعِرِ وكانَ لَا يُتَّهَمْ فِي حَدِيثِهِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ عَمْرٍ وَرَضي الله تَعَالَى عنهُما يَقُولُ جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسْتأذَنَهُ فِي الجِهادِ فَقَالَ أحُرٌّ والِدَاكَ قالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيهِمَا فَجاهِدْ.
(الحَدِيث ٤٠٠٣ طرفه فِي: ٢٧٩٥) .
قيل: لَا مُطَابقَة للتَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِئْذَان وَلَا غَيره. قلت: تُؤْخَذ الْمُطَابقَة من قَوْله: (ففيهما فَجَاهد) ، بطرِيق الاستنباط لِأَن أمره بالمجاهدة فيهمَا يَقْتَضِي رضاهما عَلَيْهِ، وَمن رضاهما الْإِذْن لَهُ عِنْد الاسْتِئْذَان فِي الْجِهَاد.
وحبِيب بن أبي ثَابت، واسْمه قيس بن دِينَار أَبُو يحيى الْأَسدي الْكُوفِي وَقد مر فِي الصَّوْم. وَأَبُو الْعَبَّاس، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: