قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَابْن بطال وَآخَرُونَ: لَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي أوردهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب مَا يُطَابق التَّرْجَمَة، لِأَن الحَدِيث مُطلق فِي ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، والترجمة مَذْكُورَة بِمَا ذكره. قلت: قد أجبنا عَن هَذَا عِنْد تفسيرنا قَوْله: (ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) على أَنا قد ذكرنَا عَن قريب عَن أبي هُرَيْرَة فِي بعض طرق حَدِيثه مَا يُوَافق التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: واسْمه عبد الله بن عَمْرو الْمنْقري المقعد. الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد التَّيْمِيّ. الثَّالِث: أَبُو التياح، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: واسْمه يزِيد بن حميد الضبعِي. الرَّابِع: أَبُو عُثْمَان، هُوَ أَبُو عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ. الْخَامِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: ثَلَاثَة من الروَاة مذكورون بالكنى، وَقيل: أَبُو التياح لقب غير كنية، ويكنى أَبَا حَمَّاد. وَفِيه: أَن رُوَاته الثَّلَاثَة الأول كلهم بصريون، وَأَبُو عُثْمَان كُوفِي، وَلكنه سكن الْبَصْرَة، وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة جمَاعَة مِنْهُم أَبُو عُثْمَان لَكِن لم يَقع فِي البُخَارِيّ حَدِيث مَوْصُول من رِوَايَة أبي عُثْمَان عَن أبي هُرَيْرَة إلَاّ من رِوَايَة النَّهْدِيّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا وَآخر فِي الْأَطْعِمَة، وَوَقع عِنْد مُسلم: عَن شَيبَان عَن عبد الْوَارِث بِهَذَا الْإِسْنَاد، فَقَالَ فِيهِ: حَدثنِي أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي السّفر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن شُعْبَة عَن عَبَّاس الْجريرِي عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة، وَبَين بعض متنيه اخْتِلَاف، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى. قَوْله:(خليلي) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله:(بِثَلَاث) ، أَي: بِثَلَاث أَشْيَاء. قَوْله:(صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام) ، بِالْجَرِّ على أَنه بدل من: ثَلَاث. قَوْله:(وركعتي الْفجْر) ، عطف عَلَيْهِ. قَوْله:(وَأَن أوتر) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: بِأَن أوتر، أَي: بالوتر، أَي: بِصَلَاتِهِ قبل أَن أَنَام، أَي قبل النّوم، وَإِنَّمَا أفرده بِهَذِهِ الْوَصِيَّة لِأَنَّهُ كَانَ يُوَافقهُ فِي إِيثَار الِاشْتِغَال بِالْعبَادَة على الِاشْتِغَال بالدنيا، لِأَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يصبر على الْجُوع فِي ملازمته النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ألَا ترى كَيفَ قَالَ: أما إخْوَانِي فَكَانَ يشغلهم الصفق بالأسواق، وَكنت ألزم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.