٢٨٦ - حدّثنا أَبُو نَعِيمٍ قالَ حدّثنا هِشَامٌ وَشيبانُ عَنْ يِحْيى اعَنْ أبي سَلَمَةَ قالَ سألتُ عائِشَةَ أكانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبُ قالَتْ نَعَمْ وَيَتَوَضَأُ..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، قيل: أَشَارَ المُصَنّف بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى تَضْعِيف مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَرْفُوعا [حم (إِن الْمَلَائِكَة لَا تدخل بَيْتا فِيهِ كلب وَلَا صُورَة وَلَا جنب) [/ حم. قلت: هَذَا بعيد، لِأَن المُرَاد من هَذَا الْجنب الَّذِي يتهاون بالاغتسال ويتخذه عَادَة حت تفوته صَلَاة أَو أَكثر، وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ من يُؤَخِّرهُ ليفعله، أَو يكون المُرَاد مِنْهُ من لم يرفع حَدثهُ كُله أَو بعضه، لِأَنَّهُ إِذا تَوَضَّأ ارْتَفع بعض الْحَدث عَنهُ، والْحَدِيث الْمَذْكُور صَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم، وَالَّذِي ضعفه قَالَ: فِي إِسْنَاده نجي الْحَضْرَمِيّ، بِضَم النُّون وَفتح الْجِيم، لم يرو عَنهُ غير ابْنه عبد الله، فَهُوَ مَجْهُول، لَكِن وَثَّقَهُ الْعجلِيّ.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: أَبُو نعيم، بِضَم النُّون الْفضل بن دُكَيْن، وَهِشَام الدستوَائي، وشيبان بن عبد الرَّحْمَن النَّحْوِيّ الْمُؤَدب صَاحب حُرُوف وقراآت، وَيحيى بن أبي كثير، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، تقدمُوا بِهَذَا التَّرْتِيب فِي كتاب الْعلم إلَاّ هشاماً فَإِنَّهُ مر فِي بَاب زِيَادَة الْإِيمَان.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: السُّؤَال. وَفِيه: رِوَايَة ابْن أبي شيبَة بتحديث أبي سَلمَة وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى عَن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن ابْن عمر، رَوَاهُ النَّسَائِيّ.
ذكر إعرابه قَوْله:(أَكَانَ) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام. قَوْله:(وَهُوَ جنب) جملَة إسمية وَقعت حَالا من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله:(وَيتَوَضَّأ) عطف على مَحْذُوف تَقْدِيره، نعم يرقد وَيتَوَضَّأ. فَإِن قلت: هَل كَانَ يتَوَضَّأ بعد الرقاد؟ قلت: الْوَاو لَا تدل على التَّرْتِيب، وَالْمعْنَى أَنه يجمع بَين الْوضُوء والرقاد، وَلمُسلم من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة، كَانَ إِذا أَرَادَ أَن ينَام وَهُوَ جنب يتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة، وَهَذَا وَاضح لما قَررنَا، فآل معنى رِوَايَة البُخَارِيّ نعم إِذا أَرَادَ النّوم يقوم وَيتَوَضَّأ ثمَّ يرقد، ويوضح هَذَا أَيْضا حَدِيث ابْن عمر الَّذِي ذكره البُخَارِيّ عقيب هَذَا الحَدِيث على مَا يَأْتِي عَن قريب.
مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة من جِهَة أَن رقاد الْجنب فِي الْبَيْت يَقْتَضِي جَوَاز كينونته فِيهِ، وَمعنى التَّرْجَمَة هَذَا. وَفِي بعض النّسخ، قبل هَذَا الحَدِيث، بَاب نوم الْجنب: حَدثنَا قُتَيْبَة إِلَى آخِره، وَهَذَا وَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَلَا حَاجَة إِلَى هَذَا لحُصُول الِاسْتِغْنَاء عَنهُ بِالْبَابِ الَّذِي يَأْتِي عَقِيبه، وَقَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون ترْجم على الْإِطْلَاق وعَلى التَّقْيِيد فَلَا تكون زَائِدَة. قلت: لَا يخرج عَن كَونه زَائِدا لِأَن الْمَعْنى الْحَاصِل فيهمَا وَاحِد وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَة فَائِدَة، فَلَا حَاجَة إِلَى ذكره وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا الْإِسْنَاد بِهَذَا التَّرْتِيب تقدم فِي آخر كتاب الْعلم. قلت: نعم، كَذَا ذكره فِي بَاب ذكر الْعلم والفتيا فِي الْمَسْجِد، حَيْثُ قَالَ: حدّثنا قُتَيْبَة بن سعيد حدّثنا اللَّيْث بن سعد، قَالَ: حَدثنَا نَافِع مولى عبد الله بن عمر بن الْخطاب بن عبد الله بن عمر أَن رجلا قَامَ فِي الْمَسْجِد الحَدِيث، فالإسنادان سَوَاء، غير أَن هُنَاكَ نسب الروَاة، وَهَهُنَا اكْتفى بأساميهم وَأَن الَّذِي هُنَاكَ يُوضح الَّذِي هَاهُنَا، وَمَعَ هَذَا لكل وَاحِد مِنْهُمَا متن خلاف متن الآخر. فَإِن قلت: هَذَا الحَدِيث يعد من مُسْند عمر بن الْخطاب أَو من مُسْند ابْنه عبد الله؟ قلت: ظَاهره أَن ابْن عمر حضر سُؤال أَبِيه عمر، فَيكون الحَدِيث من مُسْنده، وَهُوَ من رِوَايَة نَافِع وروى عَن ايوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر أَنه قَالَ يَا رَسُول الله اخرجه النَّسَائِيّ وعَلى هَذَا مَشْهُور من رِوَايَة مُسْند عمر، وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق يحيى الْقطَّان عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا لَا يقْدَح فِي صِحَة الحَدِيث. قَوْله:(أيرقد) ؟ الْهمزَة للاستفهام عَن حكم الرقاد لَا عَن تعْيين الْوُقُوع،