٦١ - (بابُ الكِبْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذمّ الْكبر، بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ ثَمَرَة الْعجب، وَقد هلك بهَا كثير من الْعلمَاء والعباد والزهاد، وَالْكبر والتكبر والاستكبار مُتَقَارب، والتكبر هُوَ الْحَالة الَّتِي يتخصص بهَا الْإِنْسَان من إعجابه بِنَفسِهِ، وَذَلِكَ أَن يرى نَفسه أكبر من غَيره وَأعظم، ذَلِك أَن يتكبر على ربه بِأَن يمْتَنع من قبُول الْحق والإذعان لَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالطَّاعَة.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: {ثَانِي عطفه} (الْحَج: ٩) (مستكبر فِي نَفسه عطفه رقبته) ، وَمن طَرِيق السدى: {ثَانِي عطفه} أَي: معرض من العظمة. وَعَن مُجَاهِد: أَنَّهَا نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث.
٦٠٧١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ أخْبرنا سُفْيانُ حَدثنَا مَعْبَدُ بنُ خالِد القَيْسِيُّ عَنْ حارِثَةَ بنِ وَهْب الخُزَاعِيِّ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضاعِفٍ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ، ألَا أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ النَّار؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ. (انْظُر الحَدِيث ٤٩٨٨ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث. وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، ومعبد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن خَالِد الجدلي الْقَيْسِي الْكُوفِي القَاضِي، مَاتَ فِي نسة ثَمَان عشرَة وَمِائَة فِي ولَايَة خَالِد بن عبد الله، وحارثة بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن وهب الْخُزَاعِيّ نِسْبَة إِلَى خُزَاعَة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الزَّاي وبالعين الْمُهْملَة وَهِي حييّ من الأزد.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة نون، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (كل ضَعِيف) مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ كل ضَعِيف متضاعف، المُرَاد بالضعيف ضَعِيف الْحَال لَا ضَعِيف الْبدن، والمتضاعف بِمَعْنى المتواضع، ويروى: متضعف ومستضعف أَيْضا، وَالْكل يرجع إِلَى معنى وَاحِد هُوَ الَّذِي يستضعفه النَّاس وَيَحْتَقِرُونَهُ لضعف حَاله فِي الدُّنْيَا أَو متواضع متذلل خامل الذّكر وَلَو أقسم يَمِينا طَمَعا فِي كرم الله بإبراره ولأبره، وَقيل: لَو دَعَاهُ لأجابه. قَوْله: (عتل) هُوَ الغليظ الشَّديد العنف. والجواظ، بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد الْوَاو وبالظاء الْمُعْجَمَة: المنوع أَو المختال فِي مشيته، وَالْمرَاد أَن أغلب أهل الْجنَّة وأغلب أهل النَّار، وَلَيْسَ المُرَاد الإستيعاب فِي الطَّرفَيْنِ.
٦٠٧٢ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عِيسَى: حَدثنَا هُشَيْمٌ أخبرنَا حُمَيْدٌ الطوِيلُ حَدثنَا أنَسُ بنُ مالِكٍ قَالَ: كانَتِ الأمَةُ مِنْ إماءِ أهْلِ المَدِينَةِ لِتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شاءَتْ.
مُحَمَّد بن عِيسَى بن الطباع بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالعين الْمُهْملَة أَبُو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ نزل أُذُنه بِفَتْح الْهمزَة والذال الْمُعْجَمَة وَالنُّون، وَهِي بَلْدَة بِالْقربِ من طرسوس، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ يحفظ نَحْو أَرْبَعِينَ ألف حَدِيث، مَاتَ سنة أَربع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ، وَقَالَ بَعضهم: لم أر لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْموضع. قلت: قَالَ الَّذِي جمع (رجال الصَّحِيحَيْنِ) : روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي آخر الْحَج وَالْأَدب، وَقَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: قَالَ مُحَمَّد بن عِيسَى، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَهَذَا يشبه أَن يكون البُخَارِيّ أَخذه عَن شَيْخه مُحَمَّد بن عِيسَى مذاكرة. وَقَالَ أَبُو جَعْفَر بن حمدَان النَّيْسَابُورِي: كل مَا قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ لي فلَان، فَهُوَ عرض ومناولة، وَقَالَ بعض المغاربة: يَقُول البُخَارِيّ: قَالَ لي، وَقَالَ لنا: مَا علم لَهُ إِسْنَاد لم يذكرهُ للاحتجاج بِهِ، وَإِنَّمَا ذكره للاستشهاد بِهِ، وَكَثِيرًا مَا يعبر المحدثون بِهَذَا اللَّفْظ مِمَّا جرى بَينهم فِي المذاكرات والمناظرات، وَأَحَادِيث المذاكرة قَلما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute