للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وللنساء: هَاتين، مثل: عاطين. قَوْله: قيل: وَقَالَ: إِمَّا فعلان، وَإِمَّا مصدران، فَإِذا كَانَا فعلين يكون: قيل، مَجْهُول. قَالَ الَّذِي هُوَ ماضٍ، وَالْمعْنَى على هَذَا نهي عَن فضول مَا يتحدث بِهِ المجالسون من قَوْلهم، قيل: كَذَا وَقَالَ: كَذَا، وبناؤهما على كَونهمَا فعلين محكيين متضمنين للضمير، وَالْإِعْرَاب على إجرائهما مجْرى الْأَسْمَاء خلوين من الضَّمِير. وَمِنْه قَوْلهم: الدُّنْيَا قَالَ وَقيل، وَإِدْخَال حرف التَّعْرِيف عَلَيْهِمَا لذَلِك فِي قَوْلهم: لَا تعرف القال من القيل، وَإِذا كَانَا مصدرين يكون مَعْنَاهُ: نهى عَن قيل وَقَول، يُقَال: قلت قولا وَقَالا وقيلاً. وأصل: قَالَا: قولا قلبت الْوَاو ألفا لتحركها، وانفتاح مَا قبلهَا وأصل: قيلاً قولا قلبت الْوَاو يَاء لكسرة مَا قبلهَا، وَقيل: هَذَا النَّهْي إِنَّمَا يَصح فِي قَول لَا يَصح وَلَا يعلم حَقِيقَته، فَأَما من حكى مَا صَحَّ وَيعرف حَقِيقَته وأسنده إِلَى ثِقَة صَادِق فَلَا وَجه للنَّهْي عَنهُ، وَلَا ذمّ، وَقيل: هَذَا الْكَلَام يتَضَمَّن بِعُمُومِهِ النميمة والغيبة فَإِن تَبْلِيغ الْكَلَام من أقبح الْخِصَال والإصغاء إِلَيْهِ أقبح وأفحش. قَوْله: (وَكَثْرَة السُّؤَال) فِيهِ وُجُوه: أَحدهَا: السُّؤَال عَن أُمُور النَّاس وَكَثْرَة الْبَحْث عَنْهَا. وَالثَّانِي: مَسْأَلَة النَّاس من أَمْوَالهم. وَقَالَ التوربشتي: وَلَا أَدْرِي حمله على هَذَا، فَإِن ذَلِك مَكْرُوه وَإِن لم يبلغ حد الْكَثْرَة. وَالثَّالِث: كَثْرَة السُّؤَال فِي الْعلم للإمتحان وَإِظْهَار المراء. وَالرَّابِع: كَثْرَة سُؤال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تَعَالَى: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ} (الْمَائِدَة: ١٠١) . وَقَالَ ابْن بطال: (وَكَثْرَة السُّؤَال) إِمَّا فِي العلميات وَإِمَّا فِي الْأَمْوَال. قَوْله: (وإضاعة المَال) ، قد مر تَفْسِيره فِي أول الْبَاب، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: التَّقْسِيم الحاصر فِيهِ الْحَاوِي لجَمِيع الْأَقْسَام أَن تَقول: إِن الَّذِي يصرف إِلَيْهِ المَال إِمَّا أَن يكون وَاجِبا كَالنَّفَقَةِ وَالزَّكَاة وَنَحْوهَا، وَهَذَا لَا ضيَاع فِيهِ، وَهَكَذَا إِن كَانَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ، وَإِمَّا أَن يكون حَرَامًا أَو مَكْرُوها، وَهَذَا قَلِيله وَكَثِيره إِضَاعَة وسرف، وَإِمَّا أَن يكون مُبَاحا، وَلَا إِشْكَال إلَاّ فِي هَذَا الْقسم، إِذْ كثير من الْأَمْوَال يعده بعض النَّاس من الْمُبَاحَات، وَعند التَّحْقِيق لَيْسَ كَذَلِك، كتشييد الْأَبْنِيَة وتزيينها والإسراف فِي النَّفَقَة والتوسع فِي لبس الثِّيَاب والأطعمة الشهية اللذيذة، وَأَنت تعلم أَن الْقَسْوَة وغلظة الطَّبْع تتولد من لبس الرقَاق وَأكل الشهيات، وَيدخل فِيهِ تمويه الْأَوَانِي والسقوف بِالذَّهَب وَالْفِضَّة، وَسُوء الْقيام على مَا يملكهُ من الرَّقِيق وَالدَّوَاب حَتَّى يضيع فَيهْلك، وَقِسْمَة مَا لَا ينْتَفع الشَّرِيك بِهِ: كَاللُّؤْلُؤِ وَالسيف يكسران، وَكَذَا احْتِمَال الْغبن الْفَاحِش فِي الْبياعَات، وإيتاء المَال صَاحبه وَهُوَ سَفِيه حقيق بِالْحجرِ.

٠٢ - (بابٌ العَبْدُ راعٍ فِي مَال سَيِّده ولَا يَعْمَلُ إلَاّ بإذْنِهِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ العَبْد ... إِلَى آخِره، وأصل: راعٍ: راعي، فَاعل إعلال قاضٍ، قَوْله: وَلَا يعْمل، أَي: العَبْد فِي مَال سَيّده إلَاّ بِإِذْنِهِ، إلَاّ فِيمَا كَانَ من الْمَعْرُوف الْمُعْتَاد أَن يُعْفَى عَنهُ، مثل: الصَّدَقَة بالكسرة فَلَا يحْتَاج فِيهِ إِلَيّ إِذْنه.

٩٠٤٢ - حدَّثنا أَبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي سالِمُ بنُ عبدِ الله عنْ عبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ كُلُّكُمْ راعٍ ومَسْئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ فالإمَامُ راعٍ وهْوَ مَسْئُولٌ عنْ رعِيَّتِهِ والرَّجُلُ فِي أهْلِهِ راعٍ وهْوَ مسْئُولٌ عنْ رَعِيَّتهِ والْمَرْأةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا راعِيَةٌ وهْيَ مَسْئُولَةٌ عنْ رَعِيَّتِها والخادِمُ فِي مالِ سَيِّدِهِ راعٍ وهْوَ مَسْئُولٌ عَن رَعِيَّتِهِ قَالَ فَسَمِعْتُ هاؤُلاءِ مِنْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأحْسِبُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ والرَّجُلُ فِي مالِ أبِيهِ راعٍ وهْوَ مَسْئُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ فكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عنْ رعِيَّتِهِ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَالْخَادِم فِي مَال سَيّده رَاع) ، لِأَن المُرَاد من الْخَادِم هُنَا هُوَ العَبْد، وَإِن كَانَ أَعم مِنْهُ، وَجَاء فِي النِّكَاح: وَالْعَبْد رَاع على مَال سَيّده، وَرِجَاله بِهَذَا النسق مرت مرَارًا، وَأَبُو الْيَمَان هُوَ الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ الْمدنِي.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب الْجُمُعَة فِي الْقرى والمدن، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن بشر بن مُحَمَّد عَن عبد الله عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم بن عمر ... إِلَى آخِره، قَوْله: (وَالْخَادِم فِي مَال سَيّده رَاع) كَذَا هُوَ للأكثرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وَالْخَادِم فِي مَال سَيّده، وَهُوَ مسؤول عَن رَعيته.

بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>