بمطابق لقَوْل أهل الْجنَّة فَإِن عَمَلهم لم يكن إِلَّا رَوَاحهمْ إِلَى جنتهم فَقَط، وَلَيْسَ فِيهِ عمل عمل من ضيع: وَأما الثَّانِي: فبالاحتمال الَّذِي لَا يقطع، وَلَكِن يُقَال فِي تصويب الَّذِي وَقع بِهِ الرِّوَايَة: أضللنا أَنْفُسنَا عَن مَكَان جنتنا يَعْنِي: هَذِه لَيست بجنتنا بل تُهنا فِي طريقها.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَالصَّرِيمِ كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ وَهُوَ أيْضا كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ وَالصَّرِيمُ أيْضا المَصْرُومُ مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ.
أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَصْبَحت كالصريم} (الْقَلَم: ٠٢) أَي: فَأَصْبَحت الْجنَّة الْمَذْكُورَة كالصريم، وَفَسرهُ بقوله: (كالصبح انصرم) أَي: انْقَطع من اللَّيْل إِلَى آخِره، ظَاهر.
مَكْظُومٌ وَكَظِيمٌ مَغْنُومٌ، تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوَ تَرْخُصُ فَيَرْخُصُونَ
هَذَا كُله للنسفي، وَلم يَقع للباقين، وَأَشَارَ بقوله: تدهن إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ودّوا لَو تدهن فيدهنون} وَفَسرهُ بقوله: (ترخص فيرخصون) (الْقَلَم: ٩) وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَعَن عَطِيَّة وَالضَّحَّاك، لَو نكفر فيكفرون. وَعَن الْكَلْبِيّ: لَو تلين لَهُم فيلينون لَك، وَعَن الْحسن: لَو تصانعهم فِي دينك فيصانعونك فِي دينهم، وَعَن الْحسن: لَو تقاربهم فيقاربونك. وَأَشَارَ بقوله: مكظوم. إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تكن كصاحب الْحُوت إِذْ نَادَى وَهُوَ مكظوم} (الْقَلَم: ٨٤) وَفَسرهُ: بقوله: {مغموم} وَأَشَارَ أَيْضا بِأَن مكظوم وكظيم، سَوَاء فِي الْمَعْنى.
١ - (بَابُ: {عُتُلٍ بَعْدَ ذالِكَ زَنِيمٍ} (الْقَلَم: ٣١)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {عتل بعد ذَلِك} أَي: مَعَ ذَلِك، والعتل الفانك الشَّديد الْمُنَافِق. قَالَه ابْن عَبَّاس: وَعَن عبيد بن عُمَيْر: العتل الأكول الشروب الْقوي الشَّديد يوضع فِي الْمِيزَان فَلَا يزن شعيرَة يدْفع الْملك من أُولَئِكَ فِي جَهَنَّم سبعين ألفا دفْعَة وَاحِدَة، هُوَ الزنيم والدعي الملحق النّسَب الملصق بالقوم وَلَيْسَ مِنْهُم، وَعَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: الزنيم الَّذِي لَا أصل لَهُ. وَقيل: هُوَ الَّذِي لَهُ زنمة كزنمة الشَّاة، وَقيل: هُوَ المرمي بالأبنة.
٧١٩٤ - حدَّثنا مَحْمُودٌ حدَّثنا عُبَيْدِ الله عَنْ إسْرَائِيلَ عَنْ أبِي حَصِينٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا عُتُلٍّ بَعْدَ ذالِكَ زَنِيمٍ قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ومحمود هُوَ ابْن غيلَان، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي مُحَمَّد، فَإِن صَحَّ فَهُوَ الذهلي، وَعبيد الله هُوَ ابْن مُوسَى من شُيُوخ البُخَارِيّ، وروى عَنهُ هُنَا بِوَاسِطَة، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَأَبُو حُصَيْن، بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد المهلمتين واسْمه عُثْمَان بن عَاصِم الْأَسدي.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان.
قَوْله: (قَالَ رجل من قُرَيْش) أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: الزنيم هُوَ رجل من قُرَيْش لَهُ زنمة مثل زنمة الشَّاة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الزنمة هِيَ الهنة من جلد الماعز تقطع فتخلى معلقَة فِي حلقها. وَقيل: الزنمة للمعز فِي حلقها كالقرط فَإِن كَانَت فِي الْأذن فَهُوَ زنمة، وَاخْتلف فِي الْمَوْصُوف بِهَذِهِ الصّفة القبيحة فَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي، وَقَالَ عَطاء وَالسُّديّ: هُوَ الْأَخْنَس بن شريق، وَقَالَ مُجَاهِد الْأسود بن عبد يَغُوث، وَعَن مُجَاهِد: كَانَت للوليد سِتّ أَصَابِع فِي كل يَد أصْبع زَائِدَة.
٨١٩٤ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَد بنِ خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ حَارِثَةَ بنَ وَهْبٍ الخُزَاعِيَّ قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ، وَكلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كلُّ عُتلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَنْكِرٍ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (كل عتل) وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، ومعبد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة