للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المائل عَن دينه إِلَى دين غَيره. قَوْله: (طريقك) قَالَ الْكرْمَانِي بِالنّصب وَالرَّفْع وَلم يبين وجههما. قلت: أما بِالنّصب فعلى أَنه بدل من قَوْله: (مَا هُوَ أَشد عَلَيْك مِنْهُ) ، وَأما الرّفْع فعلى أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هُوَ طريقك. قَوْله: (قاتلوك) ويروى: قاتليك، على غير الْقيَاس بِتَأْوِيل: يكونُونَ قاتليك، ويروى: قاتلتك، أَي: الطَّائِفَة القاتلون لَك؟ قَوْله: (قَالَ بِمَكَّة) أَي: قَالَ أُميَّة: إِنَّهُم قاتلوني بِمَكَّة؟ قَوْله: (أخْبرهُم) أَي: أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَصْحَابه، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. قَوْله: (أَنهم) أَي: أَن أَبَا جهل وَأَتْبَاعه قاتلي، بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: (اسْتنْفرَ) أَي: طلب الْخُرُوج من النَّاس. قَوْله: (عِيركُمْ) بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة، وَهُوَ الْإِبِل الَّتِي تحمل الْميرَة. قَوْله: (مَتى يراك النَّاس) ويروى: مَتى يَرك النَّاس، بِالْجَزْمِ. قَوْله: (أَخُوك اليثربي) أَرَادَ بِهِ سَعْدا، وَالْمرَاد الْأُخوة بَينهمَا بِحَسب المعاهدة والموالاة. قَوْله: (أَن أجوز) أَي: أنفذ، أَو: أَن أسلك. قَوْله: (حَتَّى قَتله الله) أَي: قدر الله قَتله بيد بِلَال مُؤذن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلما كَانَ أَبُو جهل هُوَ السَّبَب فِي خُرُوج أُميَّة إِلَى الْقِتَال أضيف إِلَيْهِ لِأَن الْقَتْل كَمَا يكون مُبَاشرَة يكون سَببا.

٣ - (بابُ قِصَّةِ غَزْوَةِ بَدْرٍ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قصَّة غَزْوَة بدر وَلَفظ بَاب مَا ثَبت إِلَّا فِي رِوَايَة كَرِيمَة.

وقَوْلِ الله تعالَى ولَقَدْ نَصَرَكُمْ بِبَدْرٍ وأنْتُمْ أذِلَّةٌ فاتَّقُوا الله لعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ ألَنْ يَكْفِيَكُمْ أنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ بَلَى إنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا ويأتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هاذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوَّمِينَ وَمَا جَعَلَهُ الله إلَاّ بُشْرَى لَكُمْ ولِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمُ بِهِ ومَا النَّصْرُ إلَاّ مِنْ عِنْدِ الله العَزِيزِ الحَكِيمِ لِيَقْطَعَ طَرَفَاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ. (آل عمرَان: ١٢٣ ١٢٧) .

وَقَول الله، بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: قصَّة غَزْوَة بدر، وسيقت هَذِه الْآيَات الْكَرِيمَة كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة وَفِي رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي، وَقَول الله تَعَالَى: {وَلَقَد نصركم الله ببدر وَأَنْتُم أَذِلَّة فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تشكرون} إِلَى قَوْله: {فينقلبوا خائبين} قَوْله: {وَلَقَد نصركم الله} فِي معرض الْمِنَّة حَيْثُ أعز الله الْإِسْلَام وَأَهله يَوْم بدر وَرفع فِيهِ الشّرك وَخرب مَحَله، هَذَا مَعَ قلَّة الْعدَد فِي الْمُسلمين يَوْمئِذٍ وَكَثْرَة الْعَدو وَفِي سوابغ الْحَدِيد وَالْبيض وَالْعدة الْكَامِلَة والخيول المسومة وَالْخُيَلَاء الزَّائِدَة، فأعز الله رَسُوله وَأظْهر وحيه وتنزيله، وبيض الله وَجه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقبيله، وأخزى الشَّيْطَان وجيله، وَلِهَذَا قَالَ ممتنا على عَادَة الْمُؤمنِينَ وَحزبه المفلحين الْمُتَّقِينَ {وَلَقَد نصركم الله ببدر} قَالَ الشّعبِيّ: بدر بِئْر لرجل يُسمى بدر بن الْحَارِث بن مخلد بن النَّضر بن كنَانَة، وَقيل: سميت بَدْرًا لاستدارتها كالبدر، وَقيل: لصفائها ورؤية الْبَدْر فِيهَا، وَقَالَ السُّهيْلي: احتفرها رجل من بني غفار ثمَّ من بني النجار، واسْمه بدر بن كلدة، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: ذكرت هَذَا لعبد الله بن جَعْفَر وَمُحَمّد بن صَالح فأنكراه، وَقَالا: لأي شَيْء سميت الصَّفْرَاء؟ ولأي شَيْء سمي الْجَار؟ إِنَّمَا هُوَ اسْم الْموضع. قَالَ: وَذكرت ذَلِك ليحيى بن النُّعْمَان الْغِفَارِيّ فَقَالَ: سَمِعت شُيُوخنَا من غفار يَقُولُونَ: هُوَ ماؤنا ومنزلنا وَمَا ملكه أحد قطّ قد اسْمه بدر، وَمَا هُوَ من بِلَاد جُهَيْنَة إِنَّمَا هُوَ من بِلَاد غفار، قَالَ الْوَاقِدِيّ: هُوَ الْمَعْرُوف عندنَا. وَفِي (الإكليل) : بدر مَوضِع بِأَرْض الْعَرَب يُقَال لَهَا الأثيل بِقرب يَنْبع والصفراء وَالْجَار والجحفة، وَهُوَ موسم من مواسم الْعَرَب وَمجمع من مجامعهم فِي الْجَاهِلِيَّة، وَبهَا قليب وآبار ومياه تستعذب، وَعَن الزُّهْرِيّ: كَانَ بدر متجراً يُؤْتى فِي كل عَام. وَقَالَ الْبكْرِيّ: هِيَ على مائَة وَعشْرين فرسخاً من الْمَدِينَة، وَمِنْهَا إِلَى الْجَار سِتَّة عشر ميلًا، وَبِه عينان جاريتان عَلَيْهِمَا الموز وَالنَّخْل وَالْعِنَب. قَوْله: {وَأَنْتُم أَذِلَّة} جمع ذليل، وَهُوَ جمع قلَّة وَجمع الْكَثْرَة: ذلال، وَجَاء بِجمع الْقلَّة ليدل على أَنهم على ذلتهم كَانُوا قَلِيلا وذلتهم مَا كَانَ بهم من ضعف الْحَال وَقلة السِّلَاح وَالْمَال والمركوب، وعدوهم كَثِيرُونَ مَعَ شكة وشوكة، وسنبين ذَلِك عَن قريب. قَوْله: {فَاتَّقُوا الله} أَي: مُخَالفَة أمره وعقابه، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ {فَاتَّقُوا الله} فِي الثَّبَات مَعَ رَسُوله {لَعَلَّكُمْ تشكرون} بتقواكم مَا أنعم بِهِ عَلَيْكُم، ولعلكم ينعم الله عَلَيْكُم نعْمَة أُخْرَى تشكرونها، فَوضع الشُّكْر مَوضِع الإنعام لِأَنَّهُ سَبَب

<<  <  ج: ص:  >  >>