مَا رَوَاهُ عَن مَالك إِلَّا أَبُو قُتَيْبَة، وَلَا عَنهُ إِلَّا الْمُنْذر.
قَوْله: (يُعْطي زَكَاة رَمَضَان) أَرَادَ بهَا: صَدَقَة الْفطر. قَوْله: (الْمَدّ الأول) صفة لَازِمَة لَهُ وَأَرَادَ نَافِع بذلك أَنه كَانَ لَا يُعْطي بِالْمدِّ الَّذِي أحدثه هِشَام بن الْحَارِث، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمَدّ الأول هُوَ مد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما الثَّانِي فَهُوَ الْمَزِيد فِيهِ الْعمريّ. قَوْله: (فِي كَفَّارَة الْيَمين) أَي: يُعْطي فِي كَفَّارَة الْيَمين. قَوْله: (وَقَالَ لي ذَلِك) أَي: قَالَ أَبُو قُتَيْبَة: قَالَ لي مَالك بن أنس، وَهُوَ مَوْصُول بالسند الأول. قَوْله: (لَو جَاءَكُم أَمِير)
إِلَى آخِره، أرادبه مَالك إِلْزَام خَصمه بِأَنَّهُ لَا مرجع إلَاّ إِلَى مد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
٤١٧٦ - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسَفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ إسْحاقَ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبي طَلْحَةَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ: أنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (اللَّهُمَّ بارِكْ لَهُمْ فِي مِكيالِهِمْ وصاعِهِمْ ومُدِّهِمْ) . (انْظُر الحَدِيث ٠٣١٢ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن القعْنبِي.
وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ كِلَاهُمَا فِي الْمَنَاسِك عَن قُتَيْبَة.
قَوْله: (لَهُم) أَي: لأهل الْمَدِينَة. قَوْله: (فِي مكيالهم) بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ مَا يُكَال بِهِ. قيل: يحْتَمل أَن تخْتَص هَذِه الدعْوَة بِالْمدِّ الَّذِي كَانَ حينئذٍ حَتَّى لَا يدْخل الْمَدّ الْحَادِث بعده، وَيحْتَمل أَن تعم كل مكيال لأهل الْمَدِينَة إِلَى الْأَبَد. وَالظَّاهِر هُوَ الثَّانِي، وَلَكِن كَلَام مَالك الَّذِي سبق الْآن يُؤَيّد الأول وَعَلِيهِ الْعُمْدَة.
٦ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {أَو تَحْرِير رَقَبَة} (الْمَائِدَة: ٩٨) وأيُّ الرِّقابِ أزْكَى)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله تَعَالَى: {أَو تَحْرِير رَقَبَة} ذكر هَذَا الْجُزْء من الْآيَة وَاقْتصر عَلَيْهِ اعْتِمَادًا على المستنبط، فَإِن تَحْرِير الرَّقَبَة على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: فِي كَفَّارَة الْيَمين وَهِي مُطلقَة فِيهَا وَالْآخر: فِي كَفَّارَة الْقَتْل وَهِي مُقَيّدَة بِالْإِيمَان، وَمن هُنَا اخْتلف الْفُقَهَاء: (فَذهب) الْأَوْزَاعِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق إِلَى أَن الْمُطلق يحمل على الْمُقَيد. (وَذهب) أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَأَبُو ثَوْر وَابْن الْمُنْذر إِلَى جَوَاز تَحْرِير الْكَافِرَة، وَبَقِيَّة الْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب فِي كتب الْأُصُول وَالْفُرُوع قَوْله: وَأي الرّقاب أزكى أَي: أفضل، وَالْأَفْضَل فِيهَا أَعْلَاهَا ثمنا وأنفسها عِنْد أَهلهَا، وَقد مر فِي أَوَائِل الْعتْق عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ، وَفِيه: فَقلت: فَأَي الرّقاب أفضل؟ قَالَ: أغلاها ثمنا. وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن البُخَارِيّ جنح إِلَى قَول الْحَنَفِيَّة، لِأَن أفعل التَّفْضِيل يستدعى الِاشْتِرَاك فِي أصل التَّفْضِيل. فَإِن قلت: لم لَا يجوز أَن يكون مُرَاده من قَوْله: أزكى الْإِسْلَام، وَبِه أَشَارَ الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ قَوْله: مسلمة، إِشَارَة إِلَى بَيَان أزكى الرّقاب، فَلَا تجوز الرَّقَبَة الْكَافِرَة.
قلت: حَدِيث أبي ذَر يحكم عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُطلق، وَقد فسر الْأَفْضَلِيَّة بغلاء الثّمن والنفاسة عِنْد أَهلهَا.
٥١٧٦ - حدّثنا مُحَمدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حدّثنا داوُدُ بنُ رُشَيْدٍ حَدثنَا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ عنْ أبي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بنِ مُطَرِّفٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ عنْ سَعِيدٍ بنِ مَرْجانَةَ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أعْتَقَ الله بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْواً مِنَ النّارِ، حتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ) . (انْظُر الحَدِيث ٧١٥٢) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي (رَقَبَة) وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم هُوَ الْمَعْرُوف بصاعقة وَهُوَ من أَفْرَاده، وَدَاوُد بن رشيد مصغر الرشد بالراء والشين الْمُعْجَمَة وبالدال الْمُهْملَة الْبَغْدَادِيّ مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، والوليد بن مُسلم الْقرشِي الْأمَوِي الدِّمَشْقِي، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة وبالنون كنية مُحَمَّد بن مطرف على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من التطريف بِالطَّاءِ الْمُهْملَة، وَزيد بن أسلم مولى عمر بن الْخطاب أَبُو أُسَامَة الْعَدوي، وَعلي بن حُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. الْمَشْهُور بزين العابدين، وَسَعِيد بن مرْجَانَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وبالجيم وَالنُّون وَهِي اسْم أمه، وَأما أَبوهُ فَهُوَ عبد الله العامري.
وَفِي هَذَا السَّنَد ثَلَاثَة من التَّابِعين فِي نسق وَاحِد: زيد وَعلي وَسَعِيد، وَالثَّلَاثَة مدنيون.
والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَائِل الْعتْق من وَجه آخر عَن سعيد بن مرْجَانَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
وَقد أخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث عَن دَاوُد بن رشيد شيخ شيخ