للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن زِيَاد بن أَيُّوب وَعبد الله بن أبي مليكَة روى هُنَا عَن عَائِشَة بالواسطة وَفِي الطَّرِيقَيْنِ الْأَوَّلين بِلَا وَاسِطَة، وَيحمل هَذَا على أَن ابْن أبي مليكَة حمله عَن الْقَاسِم ثمَّ سَمعه عَن عَائِشَة، وسَمعه أَولا من عَائِشَة ثمَّ استثبت الْقَاسِم، إِذْ فِي رِوَايَته زِيَادَة لَيست عِنْده، وَبِهَذَا يُجَاب عَن اسْتِدْرَاك الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا الحَدِيث لهَذَا الِاخْتِلَاف، وَعَما قَالَه الجياني: سقط من نُسْخَة أبي زيد من السَّنَد الأول ذكر ابْن أبي مليكَة وَلَا بُد مِنْهُ، ذكر ذَلِك الْقَابِسِيّ وعبدوس عَن شيخهما أبي زيد وَمِمَّا ذكره أَبُو إِسْحَاق الْمُسْتَمْلِي وَابْن الْهَيْثَم عَن الفريري، فِي السَّنَد الثَّانِي، ابْن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة وَهُوَ وهم، وَالْمَحْفُوظ فِيهِ أَيُّوب عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة لَيْسَ فِيهِ الْقَاسِم، وَأَيْضًا فَأن يحيى الْقطَّان وَعبد الله بن الْمُبَارك روياه عَن حَاتِم عَن ابْن أبي مليكَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة، وهما زادا فِيهِ وهما حَافِظَانِ ثقتان، وَزِيَادَة الْحَافِظ مَقْبُولَة. فَإِن قلت: روى أَبُو الْقَاسِم هبة الله بن الْحسن مَنْصُور الطَّبَرِيّ فِي (السّنَن) تأليفه بِإِسْنَادِهِ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة. قَالَت: لَا يُحَاسب رجل يَوْم الْقِيَامَة إلَاّ دخل الْجنَّة. قَالَ الله عز وَجل: {فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَسَوف يُحَاسب حسابا يَسِيرا} (الانشقاق: ٧، ٨) يقْرَأ عَلَيْهِ عمله فَإِذا عرفه غفر لَهُ ذَلِك لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {فَيَوْمئِذٍ لَا يسْأَل عَن ذَنبه إنس وَلَا جَان} (الرَّحْمَن: ٩٣) وَأما الْكَافِر فَقَالَ: {يعرف المجرمون بِسِيمَاهُمْ فَيَأْخُذ بالنواصي والإقدام} (الرَّحْمَن: ١٤) قلت: أُجِيب عَن ذَلِك بِأَن هَذَا وَإِن كَانَ إِسْنَاده صَحِيحا فَلَا يُقَاوم مَا فِي (صَحِيح البُخَارِيّ) ، وَمن شَرط الْمُعَارضَة التَّسَاوِي فِي الصِّحَّة وَلَئِن سلمنَا ذَلِك فَإِن عَائِشَة قد خالفها غَيرهَا فِي ذَلِك للآيات وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِك. فَإِن قلت: إِن الْحساب يُرَاد بِهِ الثَّوَاب وَالْجَزَاء، وَلَا ثَوَاب للْكَافِرِ فيجازى عَلَيْهِ بِحِسَابِهِ، وَلِأَن المحاسب لَهُ هُوَ الله تَعَالَى، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة} (الْبَقَرَة: ٤٧١) قلت: أجَاب عَن ذَلِك مُحَمَّد بن جرير بِأَن معنى لَا يكلمهم الله. أَي: بِكَلَام يحبونه، وإلَاّ فقد قَالَ عز وَجل: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} (الْمُؤْمِنُونَ: ٨٠١) قَوْله: (ذَاك الْعرض) ، هُوَ الإبداء والإبراز وَقيل: هُوَ أَن يعرف ذنُوبه لم يتَجَاوَز عَنهُ، وَحَقِيقَة الْعرض إدارك الشَّيْء بالحواس ليعلم غَايَته وحاله. قَوْله: (وَمن نُوقِشَ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من المناقشة وَهِي الِاسْتِقْصَاء فِي الْأَمر. قَوْله: (الْحساب) مَنْصُوب بِنَزْع الْخَافِض.

٢ - (بَابُ: {لتَرْكَبُنَّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ} (الانشقاق: ٩١)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {لتركبن طبقًا عَن طبق} وَلم تثبت هَذِه التَّرْجَمَة إلَاّ لأبي ذَر قَوْله: (لتركبن طبقًا عَن طبق) قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِفَتْح التَّاء وَالْبَاء وَهُوَ خطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعْنَاهُ الْآخِرَة بعد الأولى وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ فِي حَدِيث الْبَاب، وَقَرَأَ نَافِع وَأَبُو عَمْرو وَعَاصِم وَابْن عَبَّاس بِفَتْح التَّاء وَضم الْبَاء وَهُوَ خطاب لجَمِيع النَّاس، وَمَعْنَاهُ: حَالا بعد حَال، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء، وَقَرَأَ أَبُو المتَوَكل بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَرفع الْبَاء.

٠٤٩٤ - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ النَّضْرِ أخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أخْبَرَنَا أبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بنُ إيَاسٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقا عَنْ طَبَقٍ} حَالا بَعْدَ حَالٍ قَالَ هاذا نَبِيُّكُمْ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَسَعِيد بن النَّضر بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة الْبَغْدَادِيّ مر فِي أول التَّيَمُّم، وهشيم بِضَم الْهَاء ابْن بشر، وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة. والحدي من أَفْرَاده.

قَوْله: (حَالا بعد حَال) ، أَي: حَال مُطَابقَة للشَّيْء قبلهَا فِي الشدَّة، وَقيل: الطَّبَق جمع طبقَة وَهِي الْمرتبَة أَي: هِيَ طَبَقَات بَعْضهَا أَشد من بعض، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: اخْتلف فِي معنى الْآيَة. فَقَالَ أَكْثَرهم حَالا بعد حَال، وأمرا بعد أَمر، وَهُوَ مَوَاقِف الْقِيَامَة وَعَن الْكَلْبِيّ: مرّة يعْرفُونَ وَمرَّة يجهلون، وَعَن مقَاتل يَعْنِي الْمَوْت ثمَّ الْحَيَاة ثمَّ الْمَوْت ثمَّ الْحَيَاة. وَعَن عَطاء: مرّة فقر أَو مرّة غناء، وَعَن ابْن عَبَّاس: الشدائد والأهوال، الْمَوْت ثمَّ الْبَعْث ثمَّ الْعرض؟ وَالْعرب تَقول لمن وَقع فِي أَمر شَدِيد: وَقع فِي ثبات طبق وَفِي إِحْدَى ثبات طبق، وَعَن أبي عُبَيْدَة سنَن من كَانَ قبلهم وأحوالهم، وَعَن عِكْرِمَة: حَالا بعد حَال رَضِيع ثمَّ فطيم ثمَّ غُلَام ثمَّ شَاب ثمَّ شيخ.

وَقلت الْحُكَمَاء يَشْمَل الْإِنْسَان كَونه نُطْفَة إِلَى أَن يَمُوت على سَبْعَة وَثَلَاثِينَ حَالا وَسَبْعَة وَثَلَاثِينَ اسْما، نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ عظاما ثمَّ خلقا آخر ثمَّ جَنِينا

<<  <  ج: ص:  >  >>