همامٌ، على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ: هُوَ ابْن مُنَبّه، أَخُو وهب بن مُنَبّه، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد فِي: بَاب من أَخذ بالركاب، بِلَفْظ: وتميط الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة. قَوْله: (تميط) ، تَقْدِيره: أَن تميط، وَإِن، مَصْدَرِيَّة، أَي: إماطتك الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة كَمَا تقدر، كَذَا فِي قَوْلهم: تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ أَي: أَن تسمع، أَي: سماعك، وَقيل: هَذَا من قَول أبي هُرَيْرَة، وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا القَوْل لَيْسَ من أبي هُرَيْرَة، لِأَن الْفَضَائِل لَا تدْرك بِالْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذ توقيفاً من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: وَقد أسْند مَالك مَعْنَاهُ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: بَيْنَمَا رجل يمشي إِذا وجد غُصْن شوك على الطَّرِيق، فَأخْرجهُ فَشكر الله لَهُ فغفر لَهُ، يَأْتِي هَذَا الحَدِيث عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. فَإِن قلت: كَيفَ تكون إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق صَدَقَة؟ قلت: معنى الصَّدَقَة إِيصَال النَّفْع إِلَى الْمُتَصَدّق عَلَيْهِ، وَالَّذِي أماط الْأَذَى عَن الطَّرِيق قد تصدق عَلَيْهِ بالسلامة، فَكَانَ لَهُ أجر الصَّدَقَة.
٥٢ - (بابُ الغُرْفَةِ والْعِلِّيَّةِ الِمُشْرِفَةِ وغيْرِ الْمُشْرِفَةِ فِي السُّطُوحِ وغيْرِهَا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز اسْتِعْمَال الغرفة، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْفَاء. قَالَ الْجَوْهَرِي: الغرفة الْعلية وَالْجمع: غرفات وغرفات وغرفات وغرف. قَوْله: (والعلية) ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَضمّهَا وَكسر اللَّام الْمُشَدّدَة وبالياء آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة، وَهِي الغرفة على تَفْسِير الْجَوْهَرِي، لِأَنَّهُ فسر الغرفة بالعلية فِي: بَاب الغرف، ثمَّ فسر الْعلية بالغرفة فِي: بَاب علا، ثمَّ قَالَ: وَالْجمع العلالي: وَقَالَ: وَهِي فعيلة مثل مزيفة وَأَصلهَا: عليوة، فأبدلت الْوَاو يَاء وأدغمت وَهِي من: علوات، وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الْعلية، بِالْكَسْرِ على فعيلة، وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا من المضاعف ووزنها: فعلية، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَام فعلية. انْتهى كَلَامه. وَاعْترض عَلَيْهِ فِي قَوْله: وَبَعْضهمْ يَجْعَلهَا من المضاعف ووزنها فعلية، بِأَنَّهُ لَا يَصح، لِأَن الْعلية: من: (ع ل و) ، وَلَيْسَت من: (ع ل ل) ، وَقَوله: لَيْسَ فِي الْكَلَام فعلية سَهْو، لِأَنَّهُ قد ذكر: مزيفة، وَإِذا كَانَ كَذَلِك يكون عطف الْعلية على الغرفة عطفا تفسيرياً. قَوْله: (المشرفة) ، بِضَم الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: من الإشراف على الشَّيْء، وَهُوَ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ. قَوْله: (فِي السطوح) ، أَي: سَوَاء كَانَت الْعلية المشرفة على مَكَان أَو غير المشرفة كائنة على سطح، أَو مُنْفَرِدَة قَائِمَة مُرْتَفعَة من غير أَن تكون على سطح، فيفهم من كَلَامه أَنَّهَا على أَرْبَعَة أَقسَام: الأول: علية مشرفة على مَكَان على سطح. الثَّانِي: مشرفة على مَكَان على غير سطح. الثَّالِث: غير مشرفة على مَكَان على سطح. الرَّابِع: غير مشرفة على مَكَان على غير سطح. وَقَالَ ابْن بطال: الغرفة على السطوح مُبَاحَة مَا لم يطلع مِنْهَا على حُرْمَة أحد. قلت: الَّذِي ذكره هِيَ الْعلية على السَّطْح غير المشرفة، فيفهم مِنْهُ أَنَّهَا إِذا كَانَت مشرفة على مَكَان فَهِيَ غير مُبَاحَة، وَكَذَلِكَ إِذا كَانَت على غير سطح، وَكَانَت مشرفة، وَلم أر أحدا من شرَّاح البُخَارِيّ حقق هَذَا الْموضع.
٧٦٤٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ محمَّدٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُرْوَةَ عنْ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ أشْرَفَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم علَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أراى إنِّي أرى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أشرف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أَطَم من آطام الْمَدِينَة) ، لِأَن الأطم، بِضَمَّتَيْنِ: بِنَاء مُرْتَفع، قَالَه ابْن الْأَثِير، وَهُوَ كالعلية المشرفة لِأَنَّهَا أَيْضا بِنَاء مُرْتَفع، غير أَنه تَارَة تبنى على غير سطح، وَقَالَ غَيره: الأطم، بِضَم الْهمزَة والطاء وسكونها وَالْجمع: آطام، وَهِي: حصون لأهل الْمَدِينَة، والواحدة: أطمة، مثل: أكمة، وَقيل: الأطم: حصن مَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ. وَعبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي، وَابْن عُيَيْنَة، بِضَم الْعين وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف الأولى وَسُكُون الثَّانِيَة وبالنون الْمَفْتُوحَة: هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي أَوَاخِر كتاب الْحَج فِي: بَاب آطام الْمَدِينَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان ... إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (مواقع) ، مَنْصُوب بدل: عَمَّا أرى، وَهَذَا إِخْبَار بِكَثْرَة الْفِتَن فِي الْمَدِينَة، وَقد وَقع كَمَا أخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute