فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ ثُمَّ أَتَانِي الدَّاعِي لأجَبْتُهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ. وَعبد الله هُوَ ابْن مُحَمَّد بن أَسمَاء بن عبيد الضبعِي سمع عَمه جوَيْرِية بن أَسمَاء وهما اسمان علمَان مشتركان بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث، وَأَبُو عبيد بِالضَّمِّ اسْمه سعد بن عبيد مولى عبد الرحمان بن الْأَزْهَر بن عَوْف.
والْحَدِيث مضى فِي التَّفْسِير وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء بِهَذَا السَّنَد.
قَوْله: مَا لبث أَي: مُدَّة لبثه. قَوْله: ثمَّ أَتَانِي الدَّاعِي أَي: من الْملك يدعوني إِلَيْهِ لَأَسْرَعت فِي الْإِجَابَة ولبادرت إِلَيْهِ وَلَا اشْترطت شرطا لإخراجي، وَقد كَانَ يُوسُف لما أَتَاهُ الدَّاعِي يَدعُوهُ إِلَى الْملك قَالَ: ارْجع إِلَى رَبك فَاسْأَلْهُ مَا بَال النسْوَة اللَّاتِي قطعن أَيْدِيهنَّ، وَلَا يلْزم من ذَلِك تَفْضِيل يُوسُف على النَّبِي لِأَنَّهُ قَالَ ذَلِك تواضعاً أَو بَيَانا للْمصْلحَة، إِذْ لَعَلَّ فِي الْخُرُوج مصَالح الْإِسْرَاع بهَا أولى.
١٠ - (بابُ مَنْ رأى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المَنامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَمر من رأى النَّبِي فِي مَنَامه.
٦٩٩٣ - حدّثنا عَبْدانُ أخبرنَا عَبْدُ الله، عنْ يُونُسَ، عنِ الزُّهْرِيِّ، حدّثني أبُو سَلَمَة أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقُولُ مَنْ رَآنِي فِي المَنامِ فَسَيَراني فِي اليَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطانُ بِي
قَالَ أبُو عَبْدِ الله: قَالَ ابنُ سيرينَ: إِذا رآهُ فِي صُورَتِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يوضحها أَن رُؤْيَة النَّبِي فِي الْمَنَام صَحِيحَة لَا تنكر وَلَيْسَت بأضغاث أَحْلَام وَلَا من تشبيهات الشَّيْطَان يُؤَيّدهُ قَوْله فقد رأى الْحق أَي: الرُّؤْيَا الصَّحِيحَة. وَذكر أَبُو الْحسن عَن عَليّ بن أبي طَالب فِي مدخله الْكَبِير رُؤْيَة سيدنَا رَسُول الله تدل على الخصب والأمطار وَكَثْرَة الرَّحْمَة وَنصر الْمُجَاهدين وَظُهُور الدّين وظفر الْغُزَاة والمقاتلين ودمار الْكفَّار وظفر الْمُسلمين بهم وَصِحَّة الدّين إِذْ رئي فِي الصِّفَات المحمودة، وَرُبمَا دلّ على الْحَوَادِث فِي الدّين وَظُهُور الْفِتَن والبدع إِذا رئي فِي الصِّفَات الْمَكْرُوهَة.
وعبدان شيخ البُخَارِيّ لقب عبد الله بن عُثْمَان الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرحمان بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّعْبِير عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن أَحْمد بن صَالح.
قَوْله: فسيراني فِي الْيَقَظَة زَاد مُسلم من هَذَا الْوَجْه أَو فَكَمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَة، هَكَذَا بِالشَّكِّ، وَمعنى لفظ البُخَارِيّ أَن المُرَاد أهل عصره أَي: من رَآهُ فِي الْمَنَام وَفقه الله لِلْهِجْرَةِ إِلَيْهِ والتشرف بلقائه أَو يرى تَصْدِيق تِلْكَ الرُّؤْيَا فِي الدَّار الْآخِرَة، أَو يرَاهُ فِيهَا رُؤْيَة خَاصَّة فِي الْقرب مِنْهُ والشفاعة. قَوْله: وَلَا يتَمَثَّل الشَّيْطَان بِي أَي: لَا يحصل لَهُ مِثَال صُورَتي وَلَا يتشبه بِي قَالُوا: كَمَا منع الله الشَّيْطَان أَن يتَصَوَّر بصورته فِي الْيَقَظَة كَذَلِك مَنعه فِي الْمَنَام لِئَلَّا يشْتَبه الْحق بِالْبَاطِلِ.
قَوْله: قَالَ أَبُو عبد الله إِلَى آخِره، لم يثبت للنسفي وَلأبي ذَر، وَثَبت عِنْد غَيرهمَا، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: إِذا رَآهُ فِي صورته أَرَادَ أَن رُؤْيَته إِيَّاه لَا تعْتَبر إلَاّ إِذا رَآهُ على صفته الَّتِي وصف بهَا وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق القَاضِي عَن سُلَيْمَان بن حَرْب من شُيُوخ البُخَارِيّ عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب، قَالَ: كَانَ مُحَمَّد يَعْنِي ابْن سِيرِين إِذا قصّ عَلَيْهِ رجل أَنه رأى النَّبِي قَالَ: صف الَّذِي رَأَيْته، فَإِن وصف لَهُ بِصفة لَا يعرفهَا قَالَ: لم يره، وَهَذَا سَنَد صَحِيح. فَإِن قلت: يُعَارضهُ مَا أخرجه ابْن أبي عَاصِم من وَجه آخر عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله من رَآنِي فِي الْمَنَام فقد رَآنِي فَإِنِّي أرى فِي كل صُورَة. قلت: فِي سَنَده صَالح مولى التَّوْأَمَة وَهُوَ ضَعِيف لاختلاطه، وَهُوَ من رِوَايَة من سمع مِنْهُ بعد الِاخْتِلَاط.
٦٩٩٤ - حدّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ، حدّثنا عبْدُ العَزِيزِ بنُ مُخْتار، حدّثنا ثابِتٍ البُنانِيُّ، عنْ أنس