وَلَا ينكسه، لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا ركع لَا يصوب رَأسه وَلَا يقنعه.
وَفِيه: أَن السّنة أَن يُجَافِي بَطْنه عَن فَخذيهِ وَيَديه عَن جَنْبَيْهِ.
وَفِيه: بَيَان هَيْئَة الْجُلُوس، وَقد بيناها مَعَ الْخلاف فِيهَا مُسْتَوفى. وَفِيه: بَيَان تَوْجِيه أَصَابِع رجلَيْهِ نَحْو الْقبْلَة.
وَفِيه: جَوَاز وصف الرجل نَفسه بِكَوْنِهِ أعلم من غَيره أذا أَمن الْإِعْجَاب وَأَرَادَ بَيَان ذَلِك عِنْد غَيره مِمَّن سَمعه، لما فِي التَّعْلِيم وَالْأَخْذ عَن الأعلم.
وَفِيه: أَنه كَانَ يخفى على الْكثير من الصَّحَابَة بعض الْأَحْكَام المتلقاة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرُبمَا يذكرهُ بَعضهم إِذا ذكر.
وسَمِعَ اللَّيْثُ يَزِيدَ بنَ أبِي حَبيبٍ ويَزِيدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَلْحَلَةَ وابنُ حَلْحَلَةَ من ابنِ عطَاءٍ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن اللَّيْث بن سعد الْمَذْكُور فِي سَنَد الحَدِيث الْمَذْكُور الَّذِي رُوِيَ بالعنعنة عَن يزِيد بن أبي حبيب، وَيزِيد ابْن مُحَمَّد، وَقد سمع مِنْهُمَا وَأَن عنعنته سَماع. قَالَ الْكرْمَانِي: وَسمع اللَّيْث، أَي: قَالَ يحيى بن بكير شيخ البُخَارِيّ: سمع اللَّيْث. . إِلَى آخِره، ورد عَلَيْهِ بَعضهم بقوله: وَهُوَ كَلَام المُصَنّف وَوهم من جزم بِأَنَّهُ كَلَام يحيى بن بكير. قلت: الْكرْمَانِي لم يجْزم بِهَذَا قطعا. وَإِنَّمَا كَلَامه يَقْتَضِي الِاحْتِمَال وَفِي قَوْله أَيْضا: وَهُوَ كَلَام المُصَنّف، احْتِمَال لَا يخفى. قَوْله: (وَابْن حلحلة من ابْن عَطاء) أَي: سمع مُحَمَّد بن عَمْرو بن حلحلة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء.
وقالَ أبُو صالِحٍ عنِ اللَّيْثِ كْلُّ قَفَارٍ
أَبُو صَالح هَذَا هُوَ عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث بن سعد، وَقد وهم الْكرْمَانِي فِيهِ حَيْثُ قَالَ: أَبُو صَالح هُوَ عبد الْغفار الْبكْرِيّ، تقدم فِي كتاب الْوَحْي، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن أَبَا صَالح قَالَ فِي رِوَايَته عَن اللَّيْث بِإِسْنَادِهِ الثَّانِي عَن اليزيدين الْمَذْكُورين: كل قفار، بِدُونِ الْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير، وبتقديم الْقَاف على الْفَاء كَمَا فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَقد وصل هَذَا التَّعْلِيق الطَّبَرَانِيّ عَن مطلب ابْن شُعَيْب وَابْن عبد الْبر من طَرِيق الْقَاسِم بن أصبغ، كِلَاهُمَا عَن أبي صَالح الْمَذْكُور.
وَقَالَ ابنُ المبارَكُ عنْ يَحْيَى بنِ أيُّوبَ. قَالَ حدَّثني يَزِيدُ بنُ أبي حَبِيبٍ أنَّ محَمَّذَ بنَ عَمْرٍ وحدَّثَهُ كُلُّ فَقَارٍ
أَي: قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك. . إِلَى آخِره، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق الجوزقي فِي (جمعه) وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي (غَرِيبه) وجعفر الْفرْيَابِيّ فِي (صفة الصَّلَاة) كلهم من طَرِيق ابْن الْمُبَارك بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَوَقع عِنْدهم بِلَفْظ: (حَتَّى يعود كل فقار مِنْهُ) ، بِتَقْدِيم الْفَاء على الْقَاف، وَهِي نَحْو رِوَايَة يحيى بن بكير شيخ البُخَارِيّ بِتَقْدِيم الْفَاء، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: (كل فقاره) ، وَقد بَينا وَجه الِاخْتِلَاف فِيهِ فِي شرح حَدِيث الْبَاب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي وَافق أَبُو صَالح يحيى عَن اللَّيْث فِي رِوَايَة: (كل فقار) بِدُونِ الضَّمِير، وَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (كل فقاره) ، بِالْإِضَافَة إِلَى الضَّمِير، أَو بتاء التَّأْنِيث على اخْتِلَاف، والأصوب الْأَوْجه مَا ذَكرْنَاهُ.
١٤٦ - (بابُ مَن لَمْ يَرَ التَّشَهُّدَ الأولَ وَاجِبا لِأَن النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ ولَمْ يَرْجِعْ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من لم ير التَّشَهُّد الأول فِي الجلسة الأولى من الثلاثية أَو الرّبَاعِيّة، وَالْمرَاد من التَّشَهُّد تشهد الصَّلَاة، وَهُوَ التَّحِيَّات، سمي تشهدا لِأَن فِيهِ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَهُوَ تفعل من الشَّهَادَة. فَإِن قلت: فِي التَّحِيَّات أَشْيَاء غير التَّشَهُّد، فَمَا وَجه التَّخْصِيص بِلَفْظ التَّشَهُّد؟ قلت: لشرفه على غَيره من حَيْثُ إِنَّه كَلَام بِهِ يصير الشَّخْص مُؤمنا ويرتفع عَنهُ السَّيْف، وينتظم فِي سلك الْمُوَحِّدين الَّذِي بِهِ النجَاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَالْبُخَارِيّ مِمَّن يرى عدم وجود التَّشَهُّد الأول. وَفِي (التَّوْضِيح) : أجمع فُقَهَاء الْأَمْصَار، أَبُو حنيفَة وَمَالك وَالثَّوْري وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَاللَّيْث وَأَبُو ثَوْر: على أَن التَّشَهُّد الأول غير وَاجِب، حاشا أَحْمد، فَإِنَّهُ أوجبه. كَذَا نَقله ابْن الْقصار، وَنَقله ابْن التِّين أَيْضا عَن اللَّيْث وَأبي ثَوْر. وَفِي (شرح الْهِدَايَة) : قِرَاءَة التَّشَهُّد فِي الْقعدَة الأولى وَاجِبَة عِنْد أبي حنيفَة، وَهُوَ الْمُخْتَار وَالصَّحِيح، وَقيل: سنة وَهُوَ الأقيس، لكنه خلاف ظَاهر الرِّوَايَة،