(الفخار) ، بِفَتْح الْفَاء وَتَشْديد الْخَاء، وَهُوَ ضرب من الخزف يعْمل مِنْهُ الجرار والكيزان وَغَيرهَا.
ويُقَالُ مُنْتِنٌ يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ كَما يُقالُ صَرَّ البابُ وصَرْصَرَ عِنْدَ الإغْلَاقِ مِثْلُ كَبْكَبَتُهُ يَعْنِي كَبَبْتُهُ
أَرَادَ بِهَذَا أَنه جَاءَ فِي اللُّغَة: صلصال، بِمَعْنى: منتن، وَمِنْه: صل اللَّحْم يصل صلولاً أَي: انتن، مطبوخاً كَانَ أَو نياً. وَأَشَارَ بقوله: يُرِيدُونَ بِهِ صَلَّ، إِلَى أَن أصل: صلصل، الَّذِي هُوَ الْمَاضِي: صل، فضوعف فَاء الْفِعْل فَصَارَ صلصل، كَمَا يُقَال: صر الْبَاب إِذا صَوت عِنْد الإغلاق، فضوعف فِيهِ كَذَلِك، فَقيل: صَرْصَر كَمَا يُقَال: كبكبته فِي كببته بِتَضْعِيف الْكَاف، يُقَال كبيت الْإِنَاء أَي: قلبته.
فَمَرَّتْ بِهِ اسْتَمَرَّ بِها الحَمْلُ فأتَمَّتْهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا تغشاها حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ} (الْأَعْرَاف: ٩٨١) . وفسرها بقوله: اسْتمرّ بهَا الْحمل حَتَّى وَضعته. وَالضَّمِير فِي قَوْله: فمرت بِهِ، يرجع إِلَى حَوَّاء، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَسَيَأْتِي هَذَا فِي تَفْسِير سُورَة الْأَعْرَاف.
أنْ لَا تَسْجُدَ أنْ تَسْجُدَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا مَنعك ألَاّ تَسجد} (الْأَعْرَاف: ٢١) . ثمَّ نبه على أَن كلمة: لَا، صلَة كَذَلِك فسره بقوله: أَن تسْجد، وَقيل: فِيهِ حذف تَقْدِيره: مَا مَنعك من السُّجُود فأحوجك أَن لَا تسْجد إِذا أَمرتك.
٢ - (بابُ قَوْل الله تَعَالَى: {وإذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً} (الْبَقَرَة: ٠٣) .)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: {وَإِذ قَالَ رَبك ... } إِلَى آخِره، يَعْنِي: أذكر يَا مُحَمَّد حِين قَالَ رَبك للْمَلَائكَة ... الْآيَة، أخبر الله تَعَالَى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم فِي الْمَلأ الْأَعْلَى قبل إيجادهم بقوله: {وَإِذ قَالَ رَبك} وَحكى ابْن حزم عَن أبي عُبَيْدَة أَنه زعم أَن: إِذْ، هَهُنَا زَائِدَة وَأَن تَقْدِير الْكَلَام: وَقَالَ رَبك، ورد عَلَيْهِ ابْن جرير: قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَكَذَا رده جَمِيع الْمُفَسّرين حَتَّى قَالَ الزّجاج هَذَا اجتراء من أبي عُبَيْدَة. قَوْله: (إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة) ، أَي: قوما يخلف بَعضهم بَعْضًا، قرنا بعد قرن وجيلاً بعد جيل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي جعلكُمْ خلائف فِي الأَرْض} (الْأَنْعَام: ٥٦١ وفاطر: ٩٢) . قَالَ أَكثر الْمُفَسّرين: وَلَيْسَ المُرَاد هُنَا بالخليفة آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَقَط كَمَا قَالَه طَائِفَة إِذْ لَو كَانَ المُرَاد آدم عينا لم حسن قَول الْمَلَائِكَة: {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} (الْبَقَرَة: ٠٣) . وَقَوْلهمْ: {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} (الْبَقَرَة: ٠٣) . لَيْسَ على وَجه الِاعْتِرَاض، وَلَا على وَجه الْحَسَد، وَإِنَّمَا هُوَ سُؤال استعلام واستكشاف عَن الْحِكْمَة فِي ذَلِك مَعَ أَن فيهم من يفْسد فِي الأَرْض ويسفك الدِّمَاء، فَإِن كَانَ المُرَاد عبادتك فَنحْن نُسَبِّح بحَمْدك ونقدس لَك، أَي: نصلي، وَلَا يصدر منا شَيْء خلاف ذَلِك، فَقَالَ الله تَعَالَى: فِي جوابهم {إِن أعلم مَا لَا تعلمُونَ} (الْبَقَرَة: ٠٣) . أَي: إِنِّي أعلم بِالْمَصْلَحَةِ الراجحة فِي خلق هَذَا الصِّنْف على الْمَفَاسِد الَّتِي ذكرتموها، فَإِنِّي سأجعل فيهم الْأَنْبِيَاء وَالرسل، وَيُوجد فيهم الصديقيون وَالشُّهَدَاء والصالحون والعبَّاد والزهاد والأولياء والأبرار المقربون وَالْعُلَمَاء الْعَامِلُونَ والخاشعون والمتبعون رسله، وَفِي هَذَا الْمقَام مقَال كثير لَيْسَ هَذَا الْكتاب مَوْضِعه، وَإِنَّمَا ذكرنَا نبذة مِنْهُ لأجل التَّرْجَمَة.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ {لمَّا عَلَيْهَا حَافِظ} (الطارق: ٤) . إلَاّ عليْها حافِظٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} (الطارق: ٤) . ثمَّ فسر بِأَن: لما، هُنَا بمعني: إلَاّ الَّتِي هِيَ حرف الِاسْتِثْنَاء، وَاخْتلف الْقُرَّاء فِي تَشْدِيد: لما، وتخفيفه، فَقَرَأَ ابْن عَامر وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ بِالتَّشْدِيدِ على أَن تكون: إِن، نَافِيَة، وَتَكون: لما بِمَعْنى إلَاّ، وَهِي لُغَة هُذَيْل، يَقُولُونَ نشدتك الله لما قُمْت، يعنون: إِلَّا قُمْت، وَالْمعْنَى: مَا نفس إلَاّ عَلَيْهَا حَافظ من ربَّها، وَالْبَاقُونَ قرأوا بِالتَّخْفِيفِ جعلُوا: مَا، صلَة، وَإِن، مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة أَي: إِن كل نفس لعليها حَافظ من رَبهَا يحفظ عَملهَا ويحصي عَلَيْهَا مَا تكتسب من خير