الله عَنْهُمَا وَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِذا رفع يَدَيْهِ حَذْو صَدره فَهُوَ الدُّعَاء، وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يَدْعُو بباطن كفيه، وَعَن أنس مثله. وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ صَالح بن كيسَان عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ عَن ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا سَأَلْتُم الله عز وَجل فَاسْأَلُوهُ ببطون كفكم وَلَا تسألوه بظهورها، وامسحوا بهَا وُجُوهكُم. وَمِنْهُم من اخْتَار رفع أَيْديهم إِلَى وُجُوههم، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُم وَمِنْهُم من اخْتَار رفع أَيْديهم حَتَّى يحاذوا بهَا وُجُوههم وَظُهُورهمَا مِمَّا تلِي وُجُوههم، وَمِنْهُم من يَجْعَل بطونهما إِلَى السَّمَاء فِي الرَّغْبَة وَإِلَى الأَرْض فِي الرهبة، وَقيل: يَجْعَل بطونهما إِلَى السَّمَاء مُطلقًا فِي كل حَال. وَقَالَ الدَّاودِيّ: رُوِيَ حَدِيث فِي إِسْنَاده نظر: أَن الدَّاعِي يمسح وَجهه بيدَيْهِ عِنْد آخر دُعَائِهِ. قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ مُحَمَّد بن كَعْب عَن ابْن عَبَّاس، هَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بطرق، قَالَ الْحَافِظ الْمزي: كلهَا ضَعِيفَة.
٢٤ - (بابُ الدُّعاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء حَال كَون الدَّاعِي غير مُسْتَقْبل الْقبْلَة.
٦٣٤٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مَحْبُوبٍ حدّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ قَتادَةَ عنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: بَيْنا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقَامَ رجُلٌ فَقَالَ: يَا رسولَ الله! ادْعُ الله أنْ يَسْقِينَا. فَتَغَيَّمَتِ السَّماءُ ومُطِرْنا حَتَّى مَا كادَ الرَّجُلُ يَصِلُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ المقُبِلَةِ، فقامَ ذلِكَ الرَّجُلُ أوْ غَيْرُهُ فَقَالَ: ادْعُ الله أنْ يَصْرفَهُ عَنَّا فَقَدْ غَرِقْنا. فَقَالَ: أللَّهُمَّ حَوالَيْنا وَلَا عَلَيْنا، فَجَعَلَ السَّحابُ يَتَقَطَّعُ حَوْلَ المَدِينَةِ وَلَا يُمْطِرُ أهْلَ المَدِينَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (أللهم حوالينا وَلَا علينا) لِأَنَّهُ دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَكَانَ على الْمِنْبَر وظهره إِلَى الْقبْلَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَوضِع التَّرْجَمَة قَوْله: (يخْطب) إِذا لخطيب غير مُسْتَقْبل الْقبْلَة.
وَمُحَمّد بن مَحْبُوب من الْمحبَّة أَبُو عبد الله الْبَصْرِيّ، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وبالنون الوضاح الْيَشْكُرِي الوَاسِطِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي الاسْتِسْقَاء عَن مُسَدّد. وَفِي الْأَدَب أَيْضا عَنهُ.
قَوْله: (فتغيمت السَّمَاء) الْفَاء فِيهِ فَاء الفصيحة الدَّالَّة على مَحْذُوف أَي: فَدَعَا فَاسْتَجَاب الله دُعَاء فتغيمت، يُقَال: تغيمت السَّمَاء إِذا أطبق عَلَيْهَا الْغَيْم. قَوْله: (حوالينا) بِفَتْح اللَّام مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة أَي: أمطر حوالينا وَلَا تمطر علينا، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: مَعْنَاهُ: أللهم أنزل الْغَيْث فِي مَوَاضِع النَّبَات لَا فِي مَوَاضِع الْأَبْنِيَة.
٢٥ - (بابُ الدُّعاءِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء حَال كَون الدَّاعِي مُسْتَقْبل الْقبْلَة، وَقد سَقَطت هَذِه التَّرْجَمَة من رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي فَصَارَ حَدِيثهَا من جملَة الْبَاب الَّذِي قبله.
٦٣٤٣ - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ حدّثنا وُهَيْبٌ حَدثنَا عَمْرو بنُ يَحْيَى عنْ عبَّادِ بنِ تَمِيمٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ زَيْدٍ قَالَ: خَرَجَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى هَذَا المُصَلى يَسْتَسْقِي، فَدَعَا واسْتَسْقاى ثُمَّ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ.
قيل: لَا يُطَابق الحَدِيث التَّرْجَمَة، لِأَن ظَاهره أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتقْبل الْقبْلَة بعد الدُّعَاء، فَلذَلِك قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: هَذَا الحَدِيث مُطَابق للتَّرْجَمَة الَّتِي قبل هَذَا، وَقَالَ الْكرْمَانِي: تستفاد التَّرْجَمَة من السِّيَاق حَيْثُ قَالَ: خرج يَسْتَسْقِي، وَالِاسْتِسْقَاء هُوَ الدُّعَاء، ثمَّ قسم الاسْتِسْقَاء إِلَى مَا قبل الِاسْتِقْبَال وَإِلَى مَا بعده. انْتهى. قلت: لَا دلَالَة على قسْمَة الاسْتِسْقَاء، بل الَّذِي يدل عَلَيْهِ الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، دَعَا واستسقى ثمَّ بعد الدُّعَاء وَالِاسْتِسْقَاء اسْتقْبل الْقبْلَة، فَلَا يدل ذَلِك على أَنه حِين دَعَا كَانَ مُسْتَقْبل الْقبْلَة، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَعَلَّ البُخَارِيّ أَرَادَ أَنه لما تحول وقلب رِدَاءَهُ دَعَا حينئذٍ أَيْضا، وَهَذَا كَلَامه بعد