للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن بشار عَن ابْن أبي عدي عَن شُعْبَة عَن سُلَيْمَان عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن خباب ... إِلَى آخِره، وَأخرجه هُنَا عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث بن طلق النَّخعِيّ الْكُوفِي، قاضيها، عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي الضُّحَى مُسلم عَن مَسْرُوق إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. والقين، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: الْحداد.

قَوْله: (أما) ، حرف التَّنْبِيه وَجَوَاب الْقسم مَحْذُوف تَقْدِيره: لَا أكفر. قَوْله: (حَتَّى تَمُوت) غَايَة لَهُ، وَالْغَرَض التأييد كَمَا فِي قَوْلك: إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، وَبعد الْبَعْث لَا يُمكن الْكفْر. قَوْله: (فَلَا) أَي: فَلَا أكفر، ويروى هَكَذَا: فَلَا أكفر. فَإِن قلت: الْفَاء لَا تدخل جَوَاب الْقسم. قلت: الْمَذْكُور مُفَسّر للمقدر، ويروى: أمَّا، بتَشْديد الْمِيم، وَتَقْدِيره: أمَّا أَنا فَلَا أكفر، وَالله، وأمَّا غَيْرِي فَلَا أعلم حَاله، قَوْله: (وَإِنِّي) همزَة الِاسْتِفْهَام مقدرَة فِيهِ، وَإِنَّمَا أكد بِأَن وَاللَّام مَعَ أَن الْمُخَاطب هُوَ خباب غير مُنكر وَلَا مُتَرَدّد فِي ذَلِك، لِأَن الْعَاصِ فهم مِنْهُ التَّأْكِيد فِي مُقَابلَة إِنْكَاره، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَتَقول هَذَا الْكَلَام الْمُؤَكّد؟

٦١ - (بابُ مَا يُعْطَى فِي الرقَيَّةِ عَلى أحْياءِ الَعرَبِ بِفاتِحَةِ الْكِتابِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم مَا يعْطى فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب، وَلم يبين الحكم اكْتِفَاء بِمَا فِي الحَدِيث على عَادَته فِي ذَلِك. والرقية، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف: من رقاه رقيا ورقية ورقيا، فَهُوَ راقٍ: إِذا عوذه، وَصَاحبه رقاه. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَقد يُقَال: استرقيته، بِمَعْنى: رقيته. قَالَ: وَعَن الْكسَائي: ارتقيته، بِهَذَا الْمَعْنى، وَقَالَ ابْن درسْتوَيْه: كل كَلَام استشفي بِهِ من وجع أَو خوف أَو شَيْطَان أَو سحر فَهُوَ رقية، وَفِي مُعظم نسخ البُخَارِيّ وأكثرها هَكَذَا: بَاب مَا يعْطى فِي الرّقية على أَحيَاء الْعَرَب بِفَاتِحَة الْكتاب، وَاعْترض عَلَيْهِ بتقييده بأحياء الْعَرَب بِأَن الحكم لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمحَال وَلَا الْأَمْكِنَة، وَأجَاب بَعضهم بِأَنَّهُ ترْجم بالواقع وَلم يتَعَرَّض لنفي غَيره. قلت: هَذَا الْجَواب غير مقنع لِأَنَّهُ قَيده بأحياء الْعَرَب، والقيد شَرط إِذا انْتَفَى يَنْتَفِي الْمَشْرُوط، وَهَذَا الْقَائِل لم يكتف بِهَذَا الْجَواب الَّذِي لَا يرضى بِهِ حَتَّى قَالَ: والأحياء جمع حَيّ، وَالْمرَاد بِهِ: طَائِفَة مَخْصُوصَة، وَهَذَا الْكَلَام أَيْضا يشْعر بالتقييد، وَالْأَصْل فِي الْبَاب الْإِطْلَاق، فَافْهَم.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحَقُّ مَا أخَذْتُمْ عَلَيْهِ أجْرا كِتابُ الله

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة لقِرَاءَة الْقُرْآن وللتعليم أَيْضا وللرقيا بِهِ أَيْضا لعُمُوم اللَّفْظ، وَهُوَ يُفَسر أَيْضا الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة، فَإِنَّهُ مَا بَين فِيهِ حكم مَا يعْطى فِي الرّقية بِفَاتِحَة الْكتاب، وَهَذَا الَّذِي علقه البُخَارِيّ طرف من حَدِيث وَصله هُوَ فِي كتاب الطِّبّ فِي: بَاب الشَّرْط فِي الرّقية بقطيع من الْغنم، حَدثنِي سيدان بن مضَارب ... إِلَى آخِره وَفِي آخِره: إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله.

وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي أَخذ الْأجر على الرّقية بِالْفَاتِحَةِ، وَفِي أَخذه على التَّعْلِيم، فَأَجَازَهُ عَطاء وَأَبُو قلَابَة، وَهُوَ قَول مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي ثَوْر، وَنَقله الْقُرْطُبِيّ عَن أبي حنيفَة فِي الرّقية، وَهُوَ قَول إِسْحَاق. وَكره الزُّهْرِيّ تَعْلِيم الْقُرْآن بِالْأَجْرِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: لَا يجوز أَن يَأْخُذ الْأجر على تَعْلِيم الْقُرْآن، وَقَالَ الْحَاكِم من أَصْحَابنَا فِي كِتَابه (الْكَافِي) : وَلَا يجوز أَن يسْتَأْجر رجل رجلا أَن يعلم وَلَده الْقُرْآن وَالْفِقْه والفرائض أَو يؤمهم رَمَضَان أَو يُؤذن، وَفِي (خُلَاصَة الْفَتَاوَى) نَاقِلا عَن الأَصْل: لَا يجوز الِاسْتِئْجَار على الطَّاعَات كتعليم الْقُرْآن وَالْفِقْه وَالْأَذَان والتذكير والتدريس وَالْحج والغزو، يَعْنِي: لَا يجب الْأجر، وَعند أهل الْمَدِينَة: يجوز، وَبِه أَخذ الشَّافِعِي ونصير وعصام، وَأَبُو نصر الْفَقِيه وَأَبُو اللَّيْث رَحِمهم الله. وَالْأَصْل الَّذِي بنى عَلَيْهِ حُرْمَة الِاسْتِئْجَار على هَذِه الْأَشْيَاء: أَن كل طَاعَة يخْتَص بهَا الْمُسلم لَا يجوز الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا، لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء طَاعَة وقربة تقع على الْعَامِل. قَالَ تَعَالَى: {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إلَاّ مَا سعى} (النَّجْم: ٩٣) . فَلَا يجوز أَخذ الْأُجْرَة من غَيره كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة، وَاحْتَجُّوا على ذَلِك بِأَحَادِيث: مِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) : حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام الدستوَائي حَدثنِي يحى بن أبي كثير عَن أبي رَاشد الحبراني قَالَ: قَالَ عبد الرَّحْمَن بن شبْل: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إقرأوا الْقُرْآن وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَعنهُ: وَلَا تجفوا وَلَا تقلوا فِيهِ وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ، وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه أَيْضا فِي (مُسْنده) وَابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّزَّاق فِي (مصنفيهما) . وَمن طَرِيق عبد الرَّزَّاق رَوَاهُ عبد بن حميد وَأَبُو يعلى الْموصِلِي وَالطَّبَرَانِيّ. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي (مُسْنده) عَن حَمَّاد بن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عبد الرَّحْمَن

<<  <  ج: ص:  >  >>