مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ووراد، بِفَتْح الْوَاو وَالرَّاء الْمُشَدّدَة وبالدال الْمُهْملَة: اسْم لمولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة وكاتبه، وَسعد بن عبَادَة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاب الْمُوَحدَة: ابْن دليم الخزرجي السَّاعِدِيّ نقيب بني سَاعِدَة قيل: شهد بَدْرًا وَنزل الشَّام فَأَقَامَ بحوران إِلَى أَن مَاتَ سنة خمس عشرَة، وَقيل: قَبره بالمنيحة، فِرْيَة من قرى غوطة دمشق.
وَوصل البُخَارِيّ هَذَا الْمُعَلق الَّذِي ذكره هُنَا مُخْتَصرا فِي كتاب الْحُدُود: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن دَاوُد. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُلَيْمَان بن بِلَال عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة.
قَوْله:(غير مصفح) بِضَم الْمِيم وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَكسرهَا أَي: غير ضَارب بعرضه بل بحده، تَأْكِيدًا لبَيَان ضربه بِهِ لقَتله. قَالَ عِيَاض: فَمن فَتحه جعله وَصفا للسيف وَحَالا مِنْهُ، وَمن كَسره جعله وَصفا للضارب وَحَالا مِنْهُ. يُقَال: أصفحت بِالسَّيْفِ فَأَنا مصفح وَالسيف مصفح بِهِ إِذا ضربت بعرضه، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: أصفحت بِالسَّيْفِ إِذا ضربت بعرضه، وَقَالَ ابْن التِّين: مصفح، بتَشْديد الْفَاء فِي سَائِر الْأُمَّهَات، وللسيف صفحتان وهما وجهاه العريضان، وَله حدان، فَالَّذِي يضْرب بِالْحَدِّ يقْصد الْقَتْل، وَالَّذِي يضرف بالصفح يقْصد التَّأْدِيب. وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: غير مصفح عَنهُ، قَالَ بَعضهم: هَذِه يتَرَجَّح فِيهَا كسر الْفَاء وَيجوز الْفَتْح أَيْضا على الْبناء للْمَجْهُول. قلت: قَوْله: على الْبناء للْمَجْهُول غلط فَاحش، وَالصَّوَاب أَن يُقَال: على الْبناء للْمَفْعُول، وَقد يفرق بَينهمَا من لَهُ أدنى مسكة من علم التصريف. قَوْله:(أتعجبون) ؟ الْهمزَة فِيهِ للاستفهام يجوز أَن يكون على سَبِيل الاستخبار، وَيجوز أَن يكون على سَبِيل الانكار، يَعْنِي: لَا تعجبوا من غيرَة سعد وَأَنا أغير مِنْهُ، أَي من سعد، وَاللَّام فِي قَوْله:(لأَنا) للتَّأْكِيد، وأكده بِاللَّامِ وَبِالْجُمْلَةِ الإسمية. قَوْله:(وَالله أغير مني) قد ذكرنَا الْآن معنى غيرَة العَبْد، وَأما معنى غيرَة الله تَعَالَى فالزجر عَن الْفَوَاحِش وَالتَّحْرِيم لَهَا وَالْمَنْع مِنْهَا، لِأَن الغيور هُوَ الَّذِي يزْجر عَمَّا يغار عَلَيْهِ، وَقد بَين ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمن غيرته حرم الْفَوَاحِش، أَي: زجر عَنْهَا وَمنع مِنْهَا. وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غيرَة الله أَن لَا يَأْتِي الْمُؤمن مَا حرم الله عَلَيْهِ.
وَمعنى الحَدِيث سعد: أَنا أزْجر عَن الْمَحَارِم مِنْهُ، وَالله أزْجر مني وَاسْتدلَّ ابْن الْمَوَّاز من الْمَالِكِيَّة بِحَدِيث سعد هَذَا أَنه إِن وَقع ذَلِك ذهب دم الْمَقْتُول هدرا، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب الْحُدُود. وَقيل: الْغيرَة محمودة ومذمومة، وَقد جَاءَت التَّفْرِقَة بَينهمَا فِي حَدِيث جَابر بن عتِيك وَعقبَة بن عَامر، فَحَدِيث جَابر بن عتبيك رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) ، وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من رِوَايَة يحيى بن أبي كثير عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن جَابر بن عتِيك الْأنْصَارِيّ عَن جَابر بن عتِيك: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن من الْغيرَة مَا يُحِبهُ الله، وَمِنْهَا مَا يبغضه