للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٥ - (بابُ فَضْلِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل اتِّبَاع الْجَنَائِز، وَالْمرَاد من الإتباع أَن يتبع الْجِنَازَة وَيُصلي عَلَيْهَا، وَلَيْسَ المُرَاد أَن يتبع ثمَّ ينْصَرف بِغَيْر صَلَاة. فَإِن قلت: مَا تدل التَّرْجَمَة على الحكم؟ قلت: المُرَاد إِثْبَات الْأجر وَالتَّرْغِيب فِيهِ لَا تعْيين الحكم وَقيل: المُرَاد من الِاتِّبَاع الْقدر الَّذِي يحصل بِهِ مُسَمَّاهُ الَّذِي يحصل بِهِ القيراط من الْأجر.

وقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ: إذَا صَلَّيْتَ فَقَدْ قَضَيْتَ الَّذِي عَلَيْكَ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الصَّلَاة على الْمَيِّت لَا تحصل إِلَّا باتباعه، وَزيد بن ثَابت بن الضَّحَّاك بن زيد الْأنْصَارِيّ النجاري أَبُو خَارِجَة الْمدنِي، قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وَهُوَ ابْن إِحْدَى عشرَة سنة، وَكَانَ يكْتب الْوَحْي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة، وَمن أَصْحَاب الْفَتْوَى، توفّي سنة خمس وَأَرْبَعين بِالْمَدِينَةِ، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق عُرْوَة عَنهُ، وَوَصله ابْن أبي شيبَة عَن أبي مُعَاوِيَة ووكيع عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت: (إِذا صليتم على الْجِنَازَة فقد قضيتم مَا عَلَيْكُم فَخلوا بَينهَا وَبَين أَهلهَا) . قَوْله: (إِذا صليت) أَي: على الْمَيِّت (فقد قضيت) حَقه (الَّذِي عَلَيْك) ، من الْوَاجِب الَّذِي هُوَ على الْكِفَايَة، وَإِذا أَرَادَ الِاتِّبَاع بعد ذَلِك إِلَى قَبره فَلهُ زِيَادَة الْأجر.

وَقَالَ حُمَيْدُ بنُ هِلَالٍ: مَا عَلِمْنَا علَى الجَنَازَةِ إذْنا وَلاكِنْ مَنْ صَلَّى ثُمَّ رَجَعَ فَلَهُ قِيرَاطٌ

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (من صلى ثمَّ رَجَعَ) لِأَن الصَّلَاة تكون بالاتباع، وَحميد، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة: ابْن هِلَال ابْن هُبَيْرَة أَبُو نصر الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ، مر فِي: بَاب يرد الْمُصَلِّي من يمر بَين يَدَيْهِ. قَوْله: (إِذْنا) ، بِكَسْر الْهمزَة أَي، مَا ثَبت عندنَا أَنه يُؤذن على الْجِنَازَة، وَلَكِن ثَبت من صلى ... إِلَى آخِره، هَذَا أَن الصَّلَاة على الْجِنَازَة حق الْمَيِّت، ولابتغاء الْفضل وَلَيْسَ للأولياء فِيهَا حق حَتَّى يتَوَقَّف الِانْصِرَاف بعد الصَّلَاة على الْأذن. وَفِي هَذَا الْبَاب اخْتِلَاف، فَروِيَ عَن زيد بن ثَابت وَجَابِر بن عبد الله وَعُرْوَة بن الزبير وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَالْحسن وَقَتَادَة وَابْن سِيرِين وَأبي قلَابَة: أَنهم كَانُوا يَنْصَرِفُونَ بعد الصَّلَاة وَلَا يستأذنون، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَجَمَاعَة من الْعلمَاء، وَقَالَت طَائِفَة: لَا بُد من الْإِذْن فِي ذَلِك، وَرُوِيَ عَن عمر وَابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة والمسور بن مخرمَة وَالنَّخَعِيّ: أَنهم كَانُوا لَا يَنْصَرِفُونَ حَتَّى يستأذنون، وروى ابْن عبد الحكم عَن مَالك قَالَ: لَا يجب لمن يشْهد جَنَازَة أَن ينْصَرف عَنْهَا حَتَّى يُؤذن لَهُ، إلَاّ أَن يطول ذَلِك. فَإِن قلت: روى عبد الرَّزَّاق من طَرِيق عَمْرو بن شُعَيْب (عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أميران وليسا بأميرين: الرجل يكون مَعَ الْجِنَازَة يُصَلِّي عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع حَتَّى يسْتَأْذن وَليهَا) الحَدِيث، وروى الْبَزَّار من حَدِيث جَابر مَرْفُوعا: (أميران وليسا بأميرين: الْمَرْأَة تحج مَعَ الْقَوْم فتحيض، وَالرجل يتبع الْجِنَازَة فَيصَلي عَلَيْهَا لَيْسَ لَهُ أَن يرجع حَتَّى يستأمر أهل الْجِنَازَة) . وروى أَحْمد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة يرفعهُ: (من تبع جَنَازَة فَحمل من علوها، وحثى فِي قبرها، وَقعد حَتَّى يُؤذن لَهُ رَجَعَ بقيراطين) . قلت: أما حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب فَهُوَ مُنْقَطع مَوْقُوف. فَإِن قلت: روى عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أَيْضا؟ قلت: قَالَ أَبُو جَعْفَر الْعقيلِيّ: لم يُتَابع عَلَيْهِ. وَأما حَدِيث جَابر فَهُوَ ضَعِيف، وَكَذَلِكَ حَدِيث أَحْمد ضَعِيف.

٣٢٣١ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا جَرِيرُ بنُ حازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ نافِعا يَقُولُ حُدِّثَ ابنُ عُمَرَ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم يقُولُ مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً فَلَهُ قِيرَاطٌ فَقَالَ أكْثَرَ أبُو هُرَيْرَةَ عَلَيْنَا. فَصَدَّقَتْ يَعْنِي عائِشَةَ أبَا هُرَيْرَةَ وَقالَتْ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُهُ فَقَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَرِجَاله قد مضوا غير مرّة، وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي وَجَرِير، بِفَتْح الْجِيم

<<  <  ج: ص:  >  >>