مُطلق، وَالْمرَاد بِهِ الْأَصَابِع الثَّلَاث الَّتِي أَمر بِالْأَكْلِ بهَا كَمَا فِي حَدِيث أنس أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا أكل طَعَاما لعق أَصَابِعه الثَّلَاث وَبَين الثَّلَاث فِي حَدِيث كَعْب بن عجْرَة الْمَذْكُور أنفًا: وَهَذَا يدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يَأْكُل بِهَذِهِ الثَّلَاث الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث كَعْب. وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: فَإِن شَاءَ أحد أَن يَأْكُل بالخمس فَليَأْكُل فقد كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يتعرق الْعظم وينهش اللَّحْم وَلَا يُمكن أَن يكون ذَلِك فِي الْعَادة إلَاّ بالخمس كلهَا. وَقَالَ شَيخنَا: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ يُمكن بِالثلَاثِ، وَلَئِن سلمنَا مَا قَالَه: فَلَيْسَ هَذَا أكلا بالأصابع الْخمس، وَإِنَّمَا هُوَ مُمْسك بالأصابع فَقَط لَا آكل بهَا، وَلَئِن سلمنَا أَنه آكل بهَا لعدم الْإِمْكَان فَهُوَ مَحل الضَّرُورَة كمن لَيْسَ لَهُ يَمِين، فَلهُ الْأكل بالشمال. قلت: حَاصِل هَذَا أَن شَيخنَا منع اسْتِدْلَال ابْن الْعَرَبِيّ بِمَا ذكره، وَالْأَمر فِيهِ أَن السّنة أَن يَأْكُل بالأصابع الثَّلَاث وَإِن أكل بالخمس فَلَا يمْنَع، وَلكنه يكون تَارِكًا للسّنة إلَاّ عِنْد الضَّرُورَة فَافْهَم.
الْخَامِس: أَنه ورد أَيْضا اسْتِحْبَاب لعق الصحفة أَيْضا على مَا روى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من لعق الصحفة ولعق أَصَابِعه أشبعه الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي الْيَمَان. قَالَ: حَدَّثتنِي أم عَاصِم، وَكَانَت أم ولد لسنان بن سَلمَة قَالَت: دخل علينا نُبَيْشَة الْخَيْر وَنحن نَأْكُل فِي قَصْعَة، فحدثنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: من أكل فِي قِطْعَة ثمَّ لحسها استغفرت لَهُ الْقَصعَة، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث غَرِيب، ونبيشة، بِضَم النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبشين مُعْجمَة: ابْن عبد الله بن عَمْرو بن عتاب بن الْحَارِث بن نصير بن حُصَيْن بن رابغة، وَقيل: لرابغة بن لحيان بن هُذَيْل بن مدركة بن الياس بن مُضر بن نزار الْهُذلِيّ، وَيُقَال لَهُ نُبَيْشَة الْخَيْر، وَيُقَال: الْخَيل بِاللَّامِ، وَهُوَ ابْن عَم سَلمَة بن المحبق.
السَّادِس: مَا المُرَاد باستغفار الْقَصعَة؟ يحْتَمل أَن الله تَعَالَى يخلق فِيهَا تمييزا أَو نطقا تطلب بِهِ الْمَغْفِرَة، وَقد ورد فِي بعض الْآثَار أَنَّهَا تَقول: آجرك الله كَمَا آجرتني من الشَّيْطَان، وَلَا مَانع من الْحَقِيقَة. وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك مجَازًا كنى بِهِ.
٥٣ - (بَابُ: {المِنْدِيلِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر المنديل. قَالَ الْجَوْهَرِي: المنديل مَعْرُوف. تَقول مِنْهُ: تندلت بالمنديل وتمندلت، وَأنكر الْكسَائي تمندلت. قلت: هَذَا يدل على أَن الْمِيم فِيهِ زَائِدَة وَذكره أَيْضا. فِي بَاب ندل، وَذكر فِي بَاب منديل: تمدل بالمنديل لُغَة فِي تندل، وَهَذَا يدل على أَن النُّون فِيهِ زَائِدَة.
٥٤٥٧ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِر قَال حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أبِي عَنْ سَعِيدٍ بنِ الحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ بنِ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنْهُمَا أنَّهُ سَألَهُ عَن الوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ فَقَالَ: لَا قَدْ كُنَّا زمَانَ النَبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الطَّعامِ إلَاّ قَلِيلاً فَإذا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إلَاّ أكُفَّنا وَسَوَاعِدَنا وَأقْدَامَنَا ثُمَّ نُصَلِّي وَلا نَتَوَضَأُُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لم يكن لنا مناديل) . وَمُحَمّد بن فليح: بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام يروي عَن أَبِيه فليح بن سُلَيْمَان الْمدنِي، وَسَعِيد بن الْحَارِث بن أبي الْعلَا الْأنْصَارِيّ قَاضِي الْمَدِينَة.
والْحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا فِي الْأَطْعِمَة عَن أبي الْحَارِث مُحَمَّد بن سَلمَة الْمصْرِيّ.
قَوْله: (أَنه) ، أَي: أَن سعيد بن الْحَارِث سَأَلَ جَابر بن عبد الله عَن الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار، يجب أم لَا؟ فَقَالَ جَابر: لَا يجب. قَوْله: (مثل ذَلِك) ، أَي: مِمَّا مست النَّار. قَوْله: (إلَاّ أكفنا) ، بِفَتْح الْهمزَة وَضم الْكَاف جمع كف، أَرَادَ أَنهم إِذا أكلُوا من الْأَطْعِمَة مِمَّا يَحْتَاجُونَ فِيهَا إِلَى مسح أياديهم وَلم يكن لَهُم مناديل يمسحون بأكفهم وسواعدهم وأقدامهم، وَكَانَ عمر، رَضِي الله عَنهُ، يمسحها برجليه. قَالَه مَالك عَنهُ، وَحكم الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار قد تقدم فِي كتاب الطَّهَارَة.
٥٤ - (بَاب: {مَا يَقُولُ إذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يَقُول الْآكِل إِذا فرغ من أكل طَعَامه، وَحَدِيث الْبَاب يبين مَا يَقُوله.
٥٤٥٨ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ عَنْ أبِي أُُمَامَةَ أنَّ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم