للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَفا عَنهُ وَغفر لَهُ) إِنَّمَا قَالَ ابْن عمر هَذِه الْمقَالة أخذا من قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين توَلّوا مِنْكُم يَوْم التقى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا استزلهم الشَّيْطَان بِبَعْض مَا كسبوا وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم إِن الله غَفُور حَلِيم} (آل عمرَان: ٥٥١) . قَوْله: {يَوْم التقى الْجَمْعَانِ} (آل عمرَان: ٥٥١) . هُوَ يَوْم أحد، والجمعان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَصْحَابه، وَأَبُو سُفْيَان بن حَرْب مَعَ كفار قُرَيْش. قَوْله {بِبَعْض مَا كسبوا} أَي: بِبَعْض ذنوبهم السالفة. قَوْله: {وَلَقَد عَفا الله عَنْهُم} (آل عمرَان: ٥٥١) . أَي: عَمَّا كَانَ مِنْهُم من الْفِرَار. وروى الْبَيْهَقِيّ فِي (دَلَائِل النُّبُوَّة) من حَدِيث عمار بن غزيَّة عَن أبي الزبير عَن جَابر، قَالَ: انهزم النَّاس عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد وَبَقِي مَعَه أحد عشر رجلا من الْأَنْصَار، وَطَلْحَة بن عبيد الله وَهُوَ يصعد فِي الْجَبَل، الحَدِيث، وَقَالَ ابْن سعد: وَثَبت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَعْنِي يَوْم أحد، مَا زَالَ يَرْمِي عَن قوسه حَتَّى صَارَت شظايا،. وَثَبت مَعَه عِصَابَة من أَصْحَابه: أَرْبَعَة عشر رجلا، سَبْعَة من الْمُهَاجِرين فيهم أَبُو بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسَبْعَة من الْأَنْصَار، حَتَّى تحاجزوا. وَقَالَ البُخَارِيّ: لم يبْق مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَاّ اثْنَا عشر رجلا، على مَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَقَالَ البلاذري: ثَبت مَعَه من الْمُهَاجِرين أَبُو بكر وَعمر وَعلي وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وَقاص وَطَلْحَة بن عبيد الله وَالزُّبَيْر بن الْعَوام وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَمن الْأَنْصَار: الْحباب بن الْمُنْذر وَأَبُو دُجَانَة وَعَاصِم بن ثَابت ابْن أبي الْأَفْلَح والْحَارث بن الصمَّة وَأسيد بن حضير وَسعد بن معَاذ، وَقيل: وَسَهل بن حنيف. قَوْله: (تَحْتَهُ بنت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَهِي رقية، وروى الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) من طَرِيق حَمَّاد بن سَلمَة: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: خلف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عُثْمَان وَأُسَامَة بن زيد على رقية فِي مَرضهَا لما خرج إِلَى بدر، فَمَاتَتْ رقية حِين وصل زيد بن ثَابت بالبشارة، وَكَانَ عمرُ رُقية لما مَاتَت عشْرين سنة. قَوْله: (مَكَانَهُ) ، أَي: مَكَان عُثْمَان. قَوْله: (هَذِه يَد عُثْمَان) أَي: بدلهَا. قَوْله: (على يَده) أَي: الْيُسْرَى. قَوْله: (فَقَالَ هَذِه) ، أَي: الْبيعَة لعُثْمَان، أَي: عَن عُثْمَان. قَوْله: (إذهب بهَا الْآن مَعَك) ، أَي: إقرن هَذَا الْعذر بِالْجَوَابِ حَتَّى لَا يبْقى لَك فِيمَا أَجَبْتُك بِهِ حجَّة على مَا كنت تعتقده من غيبَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: قَالَه ابْن عمر تهكماً بِهِ، أَي: توجه بِمَا تمسكت بِهِ، فَإِنَّهُ لَا ينفعك بعد مَا بيّنت لَك.

٩٩٦٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عنْ سَعِيدٍ عنْ قَتَادَةَ أنَّ أنسَاً رَضِي الله تَعَالَى عنهُ حدَّثَهُمْ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أحُدَاً ومعَهُ أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ وعُثْمَانُ فرَجَفَ وَقَالَ اسْكُنْ أُحُدُ أظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ فلَيْسَ عَلَيْكَ إلَاّ نَبِيٌّ وصِدِّيقٌ وشَهِيدَانِ. (انْظُر الحَدِيث ٥٧٦٣ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وشهيدان، لِأَن أَحدهمَا هُوَ عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا الحَدِيث وَقع هُنَا عِنْد الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر والخطيب قبل حَدِيث مُحَمَّد بن حَاتِم بن بزيع عَن شَاذان فِي هَذَا الْبَاب، وَمر فِي مَنَاقِب أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى عَن سعيد عَن قَتَادَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (فَرَجَفَ) ، أَي: اضْطربَ أحد، وَقَالَ: ويروى فَقَالَ، بِالْفَاءِ أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (أحد) ، بِضَم الدَّال لِأَنَّهُ منادى مُفْرد وَحذف مِنْهُ حرف النداء، وَرُوِيَ: حراء، فَإِن صحت رِوَايَة أنس بِلَفْظ حراء فالتوفيق بَينهمَا يكون بِالْحملِ على التَّعَدُّد، وَوَقع لفظ حراء فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أخرجه مُسلم، قَالَ: كَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على حراء هُوَ وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر، فتحركت الصَّخْرَة فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إهدأ فَمَا عَلَيْك إلَاّ نَبِي وصدِّيق وشهيد، وَفِي رِوَايَة لَهُ: وَسعد.

٨ - (بَاب قِصَّةِ البَيْعَةِ والإتِّفاقِ علَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ وفيهِ مَقْتَلُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قصَّة الْبيعَة بعد عمر بن الْخطاب، واتفاق الصَّحَابَة على تَقْدِيم عُثْمَان بن عَفَّان فِي الْخلَافَة. قَوْله: (وَفِيه مقتل عمر بن الْخطاب) ، لم يُوجد إلَاّ فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ، والبيعة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة عبارَة عَن المعاقدة عَلَيْهِ والمعاهدة، فَإِن كل وَاحِد مِنْهُمَا بَاعَ مَا عِنْده من صَاحبه وَأَعْطَاهُ خَالِصَة نَفسه وطاعته ودخيلة أمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>