للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا يَصح من الْحَائِض، وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ، وَلَكِن اخْتلفُوا فِي علته على حسب اخْتلَافهمْ فِي اشْتِرَاط الطَّهَارَة للطَّواف. فَقَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: هِيَ شَرط، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيست بِشَرْط، وَبِه قَالَ دَاوُد فَمن شَرط الطَّهَارَة قَالَ: الْعلَّة فِي بطلَان طواف الْحَائِض عدم الطَّهَارَة، وَمن لم يشترطها قَالَ: الْعلَّة فِيهِ كَونهَا مَمْنُوعَة من اللّّبْث فِي الْمَسْجِد.

قَوْله: (ضحى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أَزوَاجه) وَفِي رِوَايَة مُسلم: عَن نِسَائِهِ. قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا مَحْمُول على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، استأذنهن فِي ذَلِك، فَإِن تضحية الْإِنْسَان عَن غَيره لَا تجوز إِلَّا بِإِذْنِهِ.

٤ - (بَابُ: {مَا يُشْتَهي مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يَشْتَهِي كلمة مَا يجوز أَن تكون مَوْصُولَة وَيجوز أَن تكون مَصْدَرِيَّة وَذَلِكَ لِأَن الْعَادة بَين النَّاس الالتذاذ بِأَكْل اللَّحْم. وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {فَذكرُوا اسْم الله فِي أَيَّام مَعْلُومَات على مَا رزقهم من بَهِيمَة الْأَنْعَام} (الحجرات: ٢٨) وَمن اشْتهى اللَّحْم يَوْم النَّحْر لَا حرج عَلَيْهِ وَلَا يتَوَجَّه عَلَيْهِ مَا قَالَ عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حِين لَقِي جَابر بن عبد الله وَمَعَهُ حمال لحم بدرهم. فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قر منا إِلَى اللَّحْم. فَقَالَ لَهُ: أَيْن تذْهب هَذِه الْآيَة. {أَذهَبْتُم طَيِّبَاتكُمْ فِي حَيَاتكُم الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بهَا} (الْأَحْقَاف: ٢٠) لِأَن يَوْم النَّحْر مَخْصُوص بِأَكْل اللَّحْم، وَأما فِي غير زمن النَّحْر فَأَكله مُبَاح إلَاّ أَن السّلف كَانُوا لَا يواظبون على أكله دَائِما لِأَن اللَّحْم ضراوة كضراوة الْخمر.

٥٥٤٩ - حدَّثنا صَدَقَةُ أخْبَرَنَا ابنُ عُلَيَّةَ عَنْ أيُّوبُ عَنِ ابنِ سِيرِينَ عَنْ أنَسٍ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَوْمَ النَّحْرِ: مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةَ فَلْيُعِدْ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! إنَّ هاذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَذَكَرَ جِيرَانَهُ وَعِنْدِي جَذَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ. فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلا أدْرِي أبَلَغت الرُّخْصَةُ مَنْ سَواهُ أمْ لَا. ثُمَّ انْكَفَأَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَقَامَ النَّاسُ إلَى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعُوها. أوْ قَالَ فَتَجَزَّعُوها.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَصدقَة هُوَ ابْن الْفضل، وَابْن علية هُوَ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم الْمَعْرُوف بِابْن علية اسْم أمه، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَابْن سِيرِين مُحَمَّد.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعِيدَيْنِ فِي: بَاب الْأكل يَوْم النَّحْر.

قَوْله: (يَوْم النَّحْر) أَي: قَالَ فِي يَوْم النَّحْر. قَوْله: (فَقَامَ رجل) هُوَ أَبُو بردة بن نيار كَمَا فِي حَدِيث الْبَراء، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَوْله: (وَذكر جِيرَانه) أَي: ذكر احْتِيَاج جِيرَانه وفقرهم كَأَنَّهُ يُرِيد بِهِ عذره فِي تَقْدِيم الذّبْح على الصَّلَاة، وَفِي رِوَايَة مُسلم، وَإِنِّي عجلت فِيهِ نسيكتي لَا طعم أَهلِي وجيراني وَأهل دَاري. قَوْله: (وَعِنْدِي جَذَعَة) هِيَ جَذَعَة الْمعز. قَوْله: (خير من شاتَيْ لَحْم) ، أَي: أطيب لَحْمًا وأنفع لسمنها ونفاستها قَوْله: (فِي ذَلِك) أَي: فِي التَّضْحِيَة بِتِلْكَ الْجَذعَة من الْمعز قَوْله: (فَلَا أَدْرِي) كَلَام أنس إِنَّمَا قَالَ: لَا أَدْرِي لِأَنَّهُ لم يبلغهُ مَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لن تجزي عَن أحد بعْدك) . قَوْله: (من سواهُ) ، مَنْصُوب بقوله: (أبلغت) قَوْله: (ثمَّ انكفأ) بِالْهَمْز أَي: مَال وانعطف من كفأت الْإِنَاء إِذا أملته، وَالْمرَاد أَنه رَجَعَ من مَكَان الْخطْبَة إِلَى مَكَان الذّبْح. قَوْله: (غنيمَة) تَصْغِير غنم قَوْله: (فتوزعوها) أَي: فتفرقوها والتوزيع التَّفْرِقَة قَوْله: (أَو قَالَ فتجزعوها) شكّ من الرَّاوِي بِالْجِيم وَالزَّاي من الْجزع وَهُوَ الْقطع أَي: اقتسموها حصصا وَلَيْسَ المُرَاد أَنهم اقتسموها بعد الذّبْح فَأخذ كل وَاحِد قِطْعَة من اللَّحْم، وَإِنَّمَا المُرَاد أَخذ حِصَّة من الْغنم، والقطعة تطلق على الْحصَّة من كل شَيْء.

٥ - (بابُ: {مَنْ قَالَ: الأضْحَى يَوْمَ النَّحْرِ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من قَالَ: إِن الْأَضْحَى يَوْم النَّحْر، يَعْنِي: يَوْم وَاحِد وَهُوَ يَوْم النَّحْر، وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين، وَحَكَاهُ ابْن حزم عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أَنه كَانَ لَا يرى النَّحْر إلَاّ يَوْم النَّحْر. وَهُوَ قَول ابْن أبي سُلَيْمَان.

وَفِي هَذَا الْبَاب أَقْوَال: أَحدهَا: يَوْم النَّحْر ويومان بعده، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَأَصْحَابه وَالثَّوْري وَأحمد، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر وَعلي وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة وَأنس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ذكره ابْن الْقصار، وَذكره ابْن وهب عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>