للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤ - (بابُ عُمْرَةٍ فِي رَمَضَانَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل عمْرَة تفعل فِي شهر رَمَضَان، دلّ على هَذَا حَدِيث البابد فَلهَذَا اقْتصر على هَذَا اتلقدر من التَّرْجَمَة، وَلم يُصَرح فِيهَا بِشَيْء، وَقَالَ بَعضهم: لم يُصَرح فِي التَّرْجَمَة بفضيلة وَلَا غَيرهَا، وَلَعَلَّه أَشَارَ إِلَى مَا رُوِيَ (عَن عَائِشَة، قَالَت: خرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمْرَة فِي رَمَضَان فَأفْطر وَصمت، وَقصر وَأَتْمَمْت) الحَدِيث، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَ إِسْنَاده حسن، وَقَالَ صَاحب (الْهَدْي) إِنَّه غلط لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يعْتَمر فِي رَمَضَان، ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَيُمكن حمله على أَن قَوْلهَا فِي رَمَضَان مُتَعَلق بقولِهَا: خرجت وَيكون المُرَاد سفر فتح مَكَّة، فَإِنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَان. انْتهى. قلت: هَذَا كُله تعسف وَتصرف بِغَيْر وَجه بطرِيق تخمين، فَمن قَالَ: إِن البُخَارِيّ وقف على حَدِيث عَائِشَة الْمَذْكُور حَتَّى يُشِير إِلَيْهِ، وَقَوله: وَيُمكن حَملَة إِلَى آخِره مستبعد جدا لِأَن ذكر الْإِمْكَان هُنَا غير موجه أصلا، لِأَن قَوْلهَا فِي رَمَضَان يتَعَلَّق بقولِهَا: خرجت قطعا، فَمَا الْحَاجة فِي ذكر ذَلِك بالإمكان؟ وَلَا يساعده أَيْضا قَوْله؟ فَإِنَّهُ أَي: فَإِن فتح مَكَّة كَانَ فِي رَمَضَان فِي اعتذاره عَن البُخَارِيّ فِي اقْتِصَاره فِي التَّرْجَمَة على قَوْله: عمْرَة فِي رَمَضَان لِأَن عمرته فِي تِلْكَ السّنة لم تكن فِي رَمَضَان، بل كَانَت فِي ذِي الْقعدَة، فَإِنَّهُ أَيْضا صرح بقوله: وَاعْتمر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي تِلْكَ السّنة من الْجِعِرَّانَة لَكِن فِي ذِي الْقعدَة.

٢٨٧١ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدثنَا يَحْيَى عنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يخْبِرُنا يَقُولُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لإِمْرَأةٍ مِنَ الأنْصَارِ سَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ فَنَسِيتُ اسْمَها مَا مَنَعَكَ أنْ تَحُجِّينَ مَعَنَا قالَتْ كانَ لَنَا ناضِحٌ فَرَكِبَهُ أبُو فُلانٍ وابْنُهُ لِزَوْجِهَا وابْنِهَا وتَرَكَ ناضِحا نَنْضَحُ علَيْهِ قَالَ فإذَا كانَ رَمضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ فإنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ أوْ نَحْوا مِمَّا قالَ.

(الحَدِيث ٢٨٧١ طرفه فِي: ٣٦٨١) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (اعتمري فِيهِ) أَي: فِي رَمَضَان ... إِلَى آخِره.

وَرِجَاله: قد ذكرُوا غير مرّة، وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْحَج عَن مُحَمَّد بن حَاتِم عَن يحيى، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن حميد بن مسْعدَة عَن سُفْيَان بن حبيب، وَفِي الصَّوْم عَن عمرَان بن يزِيد.

قَوْله: (عَن عَطاء) وَفِي رِوَايَة مُسلم: (أَخْبرنِي عَن عَطاء) . قَوْله: (يخبرنا يَقُول) جملتان وقعتا حَالا، و: يَقُول، من الْأَحْوَال المترادفة أَو المتداخلة. قَوْله: (فنسيت اسْمهَا) ، الْقَائِل هُوَ ابْن جريج، قَالَ شَيخنَا زين الدّين فِي (شرح التِّرْمِذِيّ) : وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك مَعَ أَن الذِّهْن لَا يتَبَادَر إلَاّ إِلَى عَطاء أَنه هُوَ الْقَائِل، لِأَن البُخَارِيّ أخرج هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب حج النِّسَاء، من طَرِيق حبيب الْمعلم عَن عَطاء، فسماها. وَلَفظه: (لما رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حجَّته قَالَ لأم سِنَان الْأَنْصَارِيَّة: مَا مَنعك من الْحَج؟) الحَدِيث. فَعلم من هَذَا أَن الْمَرْأَة المبهمة فِي قَوْله (لامْرَأَة من الْأَنْصَار) هِيَ أم سِنَان الْأَنْصَارِيَّة، وَقد ورد فِي بعض طرق حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ ذَلِك لأم سليم، رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه من رِوَايَة يَعْقُوب بن عَطاء عَن أَبِيه (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: جَاءَت أم سليم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: حج أَبُو طَلْحَة وَابْنه، وتركاني، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أم سليم! عمْرَة فِي رَمَضَان تعدل حجَّة) . وَيَعْقُوب هَذَا هُوَ ابْن عَطاء بن أبي رَبَاح، وَفِي تَرْجَمته: روى ابْن عدي هَذَا الحَدِيث فِي (الْكَامِل) وروى قَول أَحْمد: فِيهِ ضعف، وَقَول ابْن معِين: ضَعِيف الحَدِيث، وَلَيْسَ بمتروك. قَوْله: (إِن تحجين مَعنا) ، هَكَذَا هُوَ بالنُّون فِي رِوَايَة كَرِيمَة، والأصيلي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: (أَن تحجي، بِحَذْف النُّون، وَهَذَا هُوَ الأَصْل، لِأَن: أَن، ناصبة فتحذف النُّون فِيهِ، وَقيل: كثيرا يسْتَعْمل بِدُونِ النصب، كَقَوْلِه تَعَالَى: {إلَاّ أَن يعفون أَو يعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} (الْبَقَرَة: ٧٣٢) . على قِرَاءَة من قَرَأَ بِسُكُون الْوَاو فِي: يعْفُو، وَكَقَوْلِه: {أَن يتم الرضَاعَة} (الْبَقَرَة: ٣٣٢) . بِالرَّفْع على قِرَاءَة مُجَاهِد. قَوْله: (نَاضِح) ، بالنُّون وَالضَّاد الْمُعْجَمَة الْمَكْسُورَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة: هُوَ الْبَعِير الَّذِي يستقى عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْن بطال: الناضح: الْبَعِير أَو الثور أَو الْحمار الَّذِي يَسْتَقِي عَلَيْهِ، لَكِن المُرَاد هُنَا الْبَعِير

<<  <  ج: ص:  >  >>