عَلَيْهَا زَوجهَا حَتَّى يرضى) فَهَذَا الْإِطْلَاق يتَنَاوَل اللَّيْل وَالنَّهَار، وروى ابْن الْجَوْزِيّ فِي (كتاب النِّسَاء) من حَدِيث مُحَمَّد بن ربيعَة: حَدثنَا يحيى بن الْعَلَاء حَدثنَا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: لعن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المسوفة والمغلسة، أما المسوفة فَهِيَ الْمَرْأَة الَّتِي إِذا أرادها زَوجهَا قَالَت: سَوف، والمغلسة فِي لفظ المغسلة، هِيَ الَّتِي إِذا أرادها زَوجهَا قَالَت: إِنِّي حَائِض، وَلَيْسَ بحائض، وروى ابْن أبي شيبَة من حَدِيث لَيْث عَن عبد الْملك عَن عَطاء عَن ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله! مَا حق الزَّوْج على الْمَرْأَة؟ قَالَ: لَا تَمنعهُ نَفسهَا، وَإِن كَانَت على ظهر قتب. وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (كتاب الْعشْرَة) من حَدِيث يحيى بن الْعَلَاء بِلَفْظ: لَا تَمنعهُ نَفسهَا وَإِن كَانَت على رَأس تنور، وَرَوَاهُ ابْن عدي، وَلَفظه: على رَأس تنور أَو ظهر بَيت، وَيحيى بن الْعَلَاء ضَعِيف، وَفِي حَدِيث الْبَاب: إِن الْمَلَائِكَة تَدْعُو لأهل الطَّاعَة إِذا كَانُوا على طاعتهم وَتَدْعُو على أهل الْمعْصِيَة إِذا كَانُوا فِي مَعْصِيّة.
وَفِيه: جَوَاز لعن العَاصِي الْمُسلم إِذا كَانَ على سَبِيل الإرهاب عَلَيْهِ لِئَلَّا يواقع الْفِعْل فَإِذا واقعه فَإِنَّمَا يدعى لَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالْهدى.
٤٩١٥ - حدّثنا محمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ قَتَادَةَ عنْ زُرَارَةَ عنْ أبي هُرَيُرَةَ، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا باتَتِ المرْأةُ مُهاجِرَةً فِراش زَوْجِها لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتّى تَرْجِعَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ويوضح المُرَاد من التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة مُطلقَة، وزرارة بِضَم الزَّاي وبتكرير الرَّاء المخففة: ابْن أوفى بِالْوَاو وَالْفَاء مَقْصُورا.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي النِّكَاح عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار.
قَوْله: (مهاجرة) من بَاب المفاعلة فِي الأَصْل وَلَكِن هُنَا بِمَعْنى: هاجرة لِأَن فَاعل قد يَأْتِي بِمَعْنى فعل نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وسارعوا إِلَى مغْفرَة من ربكُم} (آل عمرَان: ٣٣١) أَي: اسرعوا، وتوضحه رِوَايَة مُسلم: إِذا باتت الْمَرْأَة هاجرة، وَهُوَ اسْم فَاعل من هجر ومهاجرة اسْم فَاعل من هَاجر، وَإِذا كَانَ الهجر مِنْهُ فَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا شَيْء من ذَلِك. قَوْله: (حَتَّى ترجع) أَي: عَن الْهِجْرَة (فَإِن قلت) هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة هم الْحفظَة أَو غَيرهم؟ (قلت) قيل: يحْتَمل الْأَمريْنِ وَأَنا أَقُول إِن الله عز وَجل خلق الْمَلَائِكَة على أَنْوَاع شَتَّى: مِنْهُم مرصدون لأمور كالموكلين بالقطر والرياح والسحب، والموكلين بمساءلة من فِي الْقُبُور، والسياحين فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ مجَالِس الذّكر، والموكلين بِقَذْف الشَّيَاطِين بِالشُّهُبِ، والموكلين بِأُمُور قَالَ فيهم: {لَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون} (التَّحْرِيم: ٦) وَيحْتَمل أَن تكون الْمَلَائِكَة الَّذين يلعنون نَاسا من بني آدم على أُمُور محظورة تقع مِنْهُم من هَذَا النَّوْع، وَهُوَ الظَّاهِر.
وَفِيه: الْإِرْشَاد إِلَى مساعدة الزَّوْج وَطلب مرضاته. وَفِيه: أَن صَبر الرجل على ترك الْجِمَاع أَضْعَف من صَبر الْمَرْأَة. وَفِيه: أَن أقوى التشويشات على الرجل دَاعِيَة النِّكَاح. وَلذَلِك حض الشَّارِع النِّسَاء على مساعدة الرجل فِي ذَلِك.
٦٨
- (بابٌ لَا تَأذن المَرْأةُ فِي بيْتِ زَوْجِها لأحدٍ إلاّ بإذْنهِ) ٢.
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: لَا تَأذن الْمَرْأَة إِلَى آخِره، وَالْمرَاد بِبَيْت زَوجهَا مَسْكَنه سَوَاء كَانَ ملكه أم لَا.
٥٩١٥ - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ حَدثنَا أبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يحلّ للْمَرْأةِ أنْ تصُومَ وزَوْجُها شاهِدٌ إلاّ بإذْنِهِ، وَلَا تأذَنَ فِي بيْتِهِ إِلَّا بإذْنِهِ، وَمَا أنْفَقَتْ مِنْ نَفَقةٍ عنْ غيْرِ أمره فإِنّهُ يُؤَدَّى إليْهِ شطْرُهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا تَأذن فِي بَيته إلَاّ بِإِذْنِهِ) وَهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه قد مر غير مرّة لمتون مُخْتَلفَة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة دِينَار الْحِمصِي، وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون: عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج هُوَ عبد الرحمان بن هُرْمُز.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن مَيْمُون عَن أبي الْيَمَان بِقصَّة الصَّوْم.
وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على ثَلَاثَة أَحْكَام: الأول: فِي صَوْم الْمَرْأَة تَطَوّعا وَقد مر عَن قريب. الثَّانِي: قَوْله: (وَلَا تَأذن فِي بَيته) أَي: لَا تَأذن الْمَرْأَة فِي بَيت زَوجهَا لَا لرجل وَلَا لامْرَأَة يكرهها زَوجهَا، لِأَن ذَلِك يُوجب سوء الظَّن وَيبْعَث على الْغيرَة الَّتِي هِيَ سَبَب القطيعة، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق همام عَن أبي هُرَيْرَة: وَهُوَ شَاهد إلَاّ بِإِذْنِهِ، وَهَذَا الْقَيْد لَا مَفْهُوم لَهُ، بل خرج مخرج