للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فكفوا عَن الصَّوْم) ، وَلَفظ ابْن مَاجَه: (إِذا كَانَ النّصْف من شعْبَان فَلَا صَوْم) ، وَفِي لفظ ابْن حبَان: (فأفطروا حَتَّى يَجِيء رضمان) ، وَفِي لفظ ابْن عدي: (إِذا انتصف شعْبَان فأفطروا) ، وَفِي لفظ الْبَيْهَقِيّ: (إِذا مضى النّصْف من شعْبَان فأمسكوا عَن الصّيام حَتَّى يدْخل رَمَضَان) قلت: أما أَولا: فقد اخْتلف فِي صِحَة هَذَا الحَدِيث، فصححه التِّرْمِذِيّ وَابْن حبَان وَابْن عَسَاكِر وَابْن حزم، وَضَعفه أَحْمد فِيمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن أبي دَاوُد، قَالَ: قَالَ أَحْمد: هَذَا حَدِيث مُنكر، قَالَ: وَكَانَ عبد الرَّحْمَن لَا يحدث بِهِ) وَأما ثَانِيًا: فَقَالَ قوم، مِمَّن لَا يَقُول بِحَدِيث الْعَلَاء: بِأَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَصُوم فِي النّصْف الثَّانِي من شعْبَان، فَدلَّ على أَن مَا رَوَاهُ مَنْسُوخ، وَقيل: يحمل النَّهْي على من لم يدْخل تِلْكَ الْأَيَّام فِي صِيَام أَو عبَادَة.

٠٧٩١ - حدَّثنا مُعاذُ بنُ فَضَالَةَ قَالَ حدَّثنا هِشَامٌ عنُ يَحْيَى عنْ أبِي سَلَمَةَ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا حدَّثَتْهُ قالَتْ لَمْ يَكُنْ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصُومُ شَهْرا أكْثَرَ مِنْ شَعْبانَ فإنَّهُ كانَ يَصُومُ شَعْبانَ كُلَّهُ وكانَ يَقُولُ خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فإنَّ الله لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَأحَبُّ الصَّلاةِ إلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وإنْ قَلَّتْ وكانَ إذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. (انْظُر الحَدِيث ٩٦٩١ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِشَام هُوَ الدستوَائي، وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير، والْحَدِيث أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ فِي الصَّوْم أَيْضا عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن معَاذ بن هِشَام عَن أَبِيه بِهِ.

قَوْله: (كُله) قَالَ فِي (التَّوْضِيح) : أَي: أَكْثَره، وَقد جَاءَ عَنْهَا مُفَسرًا: (كَانَ يَصُوم شعْبَان أَو عَامَّة شعْبَان) ، وَفِي لفظ: كَانَ يَصُومهُ كُله إلَاّ قَلِيلا) ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريبن. قَوْله: (خُذُوا من الْعَمَل مَا تطيقون) أَي تطيقون الدَّوَام عَلَيْهِ بِلَا ضَرَر أَو اجْتِنَاب التعمق فِي جَمِيع أَنْوَاع الْعبارَات قَوْله: (فَإِن الله لَا يمل) قَالَ النَّوَوِيّ: الْملَل والسامة بِالْمَعْنَى الْمُتَعَارف فِي حَقنا، وَهُوَ محَال فِي حق الله تَعَالَى، فَيجب تَأْوِيل الحَدِيث، فَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: مَعْنَاهُ: لَا يعاملكم مُعَاملَة الْملَل فَيقطع عَنْكُم ثَوَابه وفضله وَرَحمته حَتَّى تقطعوا أَعمالكُم. وَقيل: مَعْنَاهُ لَا يمل إِذا مللتم، و: حَتَّى، بِمَعْنى: حِين، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: لَا يمل أبدا مللتم أم لَا تملوا. وَقيل: سمي مللاً على معنى الأزدواج، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: ٤٩١) . فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يقطع عَنْكُم فَضله حَتَّى تملوا سُؤَاله. وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِطْلَاق الْملَل على الله تَعَالَى إِطْلَاق مجازي عَن ترك الْجَزَاء. قَوْله: (مَا دووم عَلَيْهِ) ، بواوين، وَفِي بعض النّسخ بواو، وَالصَّوَاب الأول لِأَنَّهُ مَجْهُول، ماضٍ من المداومة من: بَاب المفاعلة، ويروي (مَا ديم عَلَيْهِ) وَهُوَ مَجْهُول دَامَ، وَالْأول مَجْهُول داوم، وَقَالَ النَّوَوِيّ: الديمة الْمَطَر الدَّائِم فِي سُكُون، شبه عمله فِي دَوَامه مَعَ الاقتصاد بديمة الْمَطَر، وَأَصله الْوَاو فَانْقَلَبت يَاء لكسرة مَا قبلهَا، وَقد مر هَذَا الْكَلَام فِي هَذِه الْأَلْفَاظ فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب أحب الدّين إِلَى الله تَعَالَى أَدْوَمه.

٣٥ - (بابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وإفْطَارِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يذكر من صَوْم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من التَّطَوُّع وَبَيَان إفطاره فِي خلال صَوْمه، قيل: لم يضف البُخَارِيّ التَّرْجَمَة الَّتِي قبل هَذِه للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وأطلقها ليفهم التَّرْغِيب للْأمة فِي الِاقْتِدَاء بِهِ فِي إكثار الصَّوْم فِي شعْبَان، وَقصد بِهَذِهِ التَّرْجَمَة شرح حَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك. قلت: الْبَاب السَّابِق أَيْضا فِي شرح حَال النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي صَوْمه وَصلَاته، غير أَنه أطلق التَّرْجَمَة فِي ذَلِك لإِظْهَار فضل شعْبَان وَفضل الصَّوْم فِيهِ.

١٧٩١ - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ أبِي بِشْرٍ عنْ سَعيدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ مَا صَامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَهْرا كامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ ويَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لَا وَالله لَا يُفْطِرُ ويُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ لَا وَالله لَا يَصُومُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنه يبين صَوْمه وفطره.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة

<<  <  ج: ص:  >  >>