للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ. قَوْله: (ذَلِك الْألف) ، ويروى: (تِلْكَ الْألف) ، وَجه التَّأْنِيث ظَاهر، وَوجه التَّذْكِير بِاعْتِبَار اللَّفْظ. قَوْله: (وَإِن لم يكن) شَرط على سَبِيل الْمُبَالغَة أَي: هَل لَهُ أَن يَأْكُل، وَإِن لم يَجْعَل ربحها صَدَقَة! فَقَالَ الزُّهْرِيّ: لَيْسَ لَهُ وَإِن لم يَجْعَل، وَيُقَال: إِنَّمَا لَا يَأْكُل مِنْهَا إِذا كَانَ فِي غنى عَنْهَا، وَإِمَّا إِن احْتَاجَ، وافتقر فمباح لَهُ الْأكل مِنْهَا وَيكون كَأحد الْمَسَاكِين. وَقَالَ ابْن حبيب: وَهَذَا مَذْهَب مَالك وَجَمِيع أَصْحَابنَا يَقُولُونَ: إِنَّه ينْفق على ولد الرجل وَولد وَلَده من حَبسه إِذا احتاجوا، وَإِن لم يكن لَهُم فِي ذَلِك أَسمَاء فَإِذا استغنوا فَلَا حق لَهُم، وَاسْتحْسن مَالك أَن لَا يوعبوها، إِذا احتاجوا، وَأَن يكون سهم مِنْهَا جَارِيا على الْفُقَرَاء لِئَلَّا يدرس، قَالَه ربيعَة وَيحيى بن سعيد.

٥٧٧٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيى قَالَ حدَّثنا عُبَيْدُ الله قَالَ حدَّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ عُمَرَ حَمَلَ علَى فرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ الله أعْطَاهَا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا رجُلاً فأخْبَرَ عُمَرَ أنَّهُ قَدْ وقفَهَا يَبِيعُها فَسألَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَبْتَاعَهَا فَقَالَ لَا تَبْتَعْهَا ولَا تَرْجِعَنَّ فِي صَدَقَتِكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حمل على فرس لَهُ فِي سَبِيل الله) وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الْهِبَة فِي: بَاب لَا يحل لأحد أَن يرجع فِي هِبته. قَوْله: (فَأخْبر عمر) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (أَن يبتاعها) ، أَي: يَشْتَرِيهَا. قَوْله: (وَلَا ترجعن) ، بنُون التَّأْكِيد الثَّقِيلَة.

٢٣ - (بابُ نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقْفِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان نَفَقَة الْقيم، أَي: الْعَامِل على الْوَقْف، وَيدخل فِيهِ الْأَجِير والناظر وَالْوَكِيل.

٦٧٧٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ أبِي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يَقْتَسِمْ ورَثَتِي دِيناراً مَا تَرَكْتُ بَعْدُ نَفَقَةِ نِسَائِي ومَؤُونَةِ عَامِلِي فَهْوَ صَدَقَةٌ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ومؤونة عَامِلِي) ، وَالْعَامِل هُوَ الْقيم، وَقَالَ ابْن بطال: أَرَادَ البُخَارِيّ بتبويبه أَن يبين أَن المُرَاد بقوله (مؤونة عَامِلِي) أَنه عَامل أرضه الَّتِي أفاءها الله عَلَيْهِ من بني النَّضِير، وفدك وسهمه من خَيْبَر، وَفِي (التَّلْوِيح) : وَفِي حَوَاشِي (السّنَن) قيل: أَرَادَ حافر قَبره، واستبعد لأَنهم لم يَكُونُوا يحفرون بِأُجْرَة، فَكيف لَهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ وَقيل: أَرَادَ الْخَلِيفَة بعده، قَالَ الْكرْمَانِي: عَامِلِي، أَي: خليفتي، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخراج عَن القعْنبِي كلهم عَن مَالك.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَلَا تقتسم) ، قَالَ ابْن عبد الْبر: لَا تقتسم، بِرَفْع الْمِيم على الْخَبَر، أَي: لَيْسَ تقتسم. وَقَالَ الطَّبَرِيّ فِي (التَّهْذِيب) : لَا تقتسم ورثتي، بِمَعْنى النَّهْي، لِأَنَّهُ لم يتْرك دِينَارا وَلَا درهما، فَلَا يجوز النَّهْي عَمَّا لَا سَبِيل إِلَى فعله، وَمعنى الْخَبَر: لَيْسَ تقتسم ورثتي. وَقيل: يجوز بِإِسْكَان الْمِيم على النَّهْي. قلت: الضَّم أشهر، وَبِه يَسْتَقِيم الْمَعْنى حَتَّى لَا عَارض مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة وَغَيرهَا: أَنه لم يتْرك، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَالا يُورث عَنهُ. فَإِن قلت: مَا وَجه النَّهْي؟ قلت: هُوَ أَنه لم يقطع بِأَنَّهُ لَا يخلف شَيْئا، بل كَانَ ذَلِك مُحْتملا، فنهاهم عَن قسْمَة مَا يخلف إِن اتّفق أَنه خلف. قَوْله: (ورثني) ، سماهم وَرَثَة بِاعْتِبَار أَنهم كَذَلِك بِالْقُوَّةِ، وَلَكِن مَنعهم من الْمِيرَاث الدَّلِيل الشَّرْعِيّ، وَهُوَ قَوْله: (وَلَا نورث مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة) قَوْله: (دِينَارا) ، وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى الأندلسي (دَنَانِير) ، وَتَابعه ابْن كنَانَة، وَسَائِر الروَاة يَقُولُونَ: دِينَارا؟ قَالَ أَبُو عمر: هُوَ الصَّوَاب، لِأَن الْوَاحِد هُنَا أَعم عِنْد أهل اللُّغَة. قَوْله: (بعد نَفَقَة نسَائِي) ، قَالَ الْخطابِيّ: بَلغنِي عَن ابْن عُيَيْنَة أَنه كَانَ يَقُول: أَزوَاج سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي معنى المعتدات لِأَنَّهُنَّ لَا يجوز لَهُنَّ أَن ينكحن أبدا، فجرت لَهُنَّ النَّفَقَة تركت حجرهن لَهُنَّ يسكنَّها.

<<  <  ج: ص:  >  >>