التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ عَن معن عَن مَالك عَن أبي النَّضر وَحده بِهِ، وَقَالَ: حسن صَحِيح، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة الْمرَادِي الْمصْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: عَن أَحْمد وَإِسْحَاق من أَن حَدِيثي عَائِشَة مَعْمُول بهما، وَهُوَ قَول الْجُمْهُور وَبَقِيَّة الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم خلافًا لمن منع الِانْتِقَال من الْقيام إِلَى الْقعُود عِنْد عدم الضَّرُورَة لذَلِك، وَهُوَ غلط، كَمَا تقدم وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا وَقَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن منيع أخبرنَا خَالِد وَهُوَ الْحذاء عَن عبد الله ابْن شَقِيق (عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَ: سَأَلتهَا عَن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تطوعه؟ قَالَت: كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَويلا قَائِما وليلاً طَويلا قَاعِدا، فَإِذا قَرَأَ وَهُوَ قَائِم ركع وَسجد وَهُوَ قَائِم، وَإِذا قَرَأَ وَهُوَ جَالس ركع وَسجد وَهُوَ جَالس) . قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. وَأخرجه بَقِيَّة السِّتَّة خلا البُخَارِيّ، فَرَوَاهُ مُسلم عَن يحيى بن يحيى وَأَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَفِي بعض النّسخ عَن أَحْمد بن منيع كِلَاهُمَا عَن هشيم، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد وَالنَّسَائِيّ عَن أبي الْأَشْعَث، كِلَاهُمَا عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن خَالِد الْحذاء، وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة حميد الطَّوِيل، وروى التِّرْمِذِيّ أَيْضا من حَدِيث حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَ: حَدثنَا الْأنْصَارِيّ حَدثنَا معن حَدثنَا مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن السَّائِب بن يزِيد عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي (عَن حَفْصَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا قَالَت: مَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِي سبحته قَاعِدا حَتَّى كَانَ قبل وَفَاته بعام، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي سبحته قَاعِدا وَيقْرَأ بالسورة ويرتلها حَتَّى تكون أطول من أطول مِنْهَا) . وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح. فَإِن قلت: بَين حَدِيثي حَفْصَة وَعَائِشَة مُنَافَاة ظَاهرا؟ قلت: لَا، لِأَن قَول عَائِشَة: كَانَ يُصَلِّي جَالِسا، لَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون صلى جَالِسا قبل وَفَاته بِأَكْثَرَ من عَام، فَإِن كَانَ لَا يَقْتَضِي الدَّوَام بل وَلَا التّكْرَار على أحد قولي الْأُصُولِيِّينَ، وعَلى تَقْدِير أَن يكون صلى فِي تطوعه جَالِسا قبل وَفَاته بِأَكْثَرَ من عَام فَلَا يُنَافِي حَدِيث حَفْصَة، لِأَنَّهَا إِنَّمَا نفت رؤيتها، لَا وُقُوع ذَلِك جملَة وَفِي الْبَاب عَن أم سَلمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أخرج حَدِيثهَا النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة أبي إِسْحَاق السبيعِي (عَن أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة قَالَت: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى كَانَ أَكثر صلَاته قَاعِدا إلاّ الْمَكْتُوبَة) . وَعَن أنس أخرج حَدِيثه أَبُو يعلى قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكار حَدثنَا حَفْص بن عمر قَاضِي حلب حَدثنَا مُخْتَار بن فلفل (عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى على الأَرْض فِي الْمَكْتُوبَة قَاعِدا، وَقعد فِي التَّسْبِيح فِي الأَرْض فَأَوْمأ إِيمَاء) وَحَفْص بن عمر ضَعِيف، وَعَن جَابر ابْن سَمُرَة أخرج حَدِيثه مُسلم من رِوَايَة حسن بن صَالح عَن سماك بن حَرْب (عَن جَابر بن سَمُرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يمت حَتَّى صلى قَاعِدا) . قَالَ شَيخنَا زين الدّين: هَكَذَا أدخلهُ غير وَاحِد من المصنفين فِي: بَاب الرُّخْصَة فِي صَلَاة التَّطَوُّع جَالِسا، وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِك، فَلَعَلَّ جَابِرا أخبر عَن صلَاته وَهُوَ قَاعد للمرض، وَعَن عبد الله بن الشخير أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة زيد بن الْحباب عَن شَدَّاد بن سعيد عَن غيلَان بن جرير (عَن مطرف بن عبد الله بن الشخير عَن أَبِيه قَالَ: أتيت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُصَلِّي قَائِما وَقَاعِدا وَهُوَ يقْرَأ {أَلْهَاكُم التكاثر} حَتَّى خَتمهَا.
لَيست الْبَسْمَلَة مَذْكُور فِي رِوَايَة أبي ذَر.
٩١ - (كتابُ التَّهَجُّدِ)
١ - (بابُ التَّهَجُّدِ بِاللَّيْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّهَجُّد بِاللَّيْلِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني من اللَّيْل وَهُوَ أوفق للفظ الْقُرْآن، وَفِي بعض النّسخ: كتاب التَّهَجُّد بِاللَّيْلِ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ
وَقَوله: بِالْجَرِّ عطف على مَا قبله، دَاخل فِي التَّرْجَمَة، وَزَاد أَبُو ذَر فِي رِوَايَة: أسهر بِهِ، وَحَكَاهُ الطَّبَرِيّ كَذَلِك، وَفِي كتاب (الْمجَاز) لأبي عُبَيْدَة {فتهجد بِهِ} (الْإِسْرَاء: ٩٧) . أَي: إسهر بِصَلَاة، يُقَال: تهجدت أَي سهرت، وهجدت أَي: نمت وَفِي (الموعب) لِابْنِ التياني عَن صَاحب (الْعين) : هجد الْقَوْم هجودا: نَامُوا، وتهجدوا أَي: استيقظوا للصَّلَاة أَو لأمر، قَالَ تَعَالَى: {فتهجد بِهِ} (الْإِسْرَاء: ٩٧) . أَي: انتبه بعد النّوم، واقرأ الْقُرْآن، وَقَالَ قطرب: التَّهَجُّد، الْقيام، وَقَالَ كرَاع: التَّهَجُّد صَلَاة اللَّيْل خَاصَّة، وَعَن الْأَصْمَعِي: هجد يهجد هجودا: نَام،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute