للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يجوز من الهجران لمن عصى، وَقَالَ الْمُهلب: غَرَض البُخَارِيّ من هَذَا الْبَاب أَن يبين صفة الهجران الْجَائِز وَأَن ذَلِك متنوع على قدر الإجرام، فَمن كَانَ جرمه كثيرا فَيَنْبَغِي هجرانه واجتنابه وَترك مكالمته، كَمَا جَاءَ فِي كَعْب بن مَالك وصاحبيه، وَمَا كَانَ من المغاضبة بَين الْأَهْل والإخوان فالهجران الْجَائِز فِيهَا ترك التَّحِيَّة وَالتَّسْمِيَة وَبسط الْوَجْه، كَمَا فعلت عَائِشَة فِي مغاضبتها مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَقَالَ كَعْبٌ، حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَنَهَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنا، وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً.

أَي: قَالَ كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ. قَوْله: (حِين تخلف) فِي غَزْوَة تَبُوك، وَهُوَ لَيْسَ ظرفا لقَالَ بل لمَحْذُوف أَي: حِين تخلف، كَانَ كَذَا وَكَذَا وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْكَلَام مَعَه مَعَ صَاحِبيهِ مرَارَة بن الرّبيع وهلال بن أُميَّة الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا، وَذكر أَن زمَان هجر الْمُسلمين عَنْهُم كَانَ خمسين لَيْلَة، وَهَذَا الَّذِي ذكره طرف من حَدِيث طَوِيل مُسْتَوفى فِي آخر الْمَغَازِي.

٦٠٧٨ - حدَّثنا مُحَمَّدٌ أخبرنَا عَبْدَةُ عَن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنِّي لأعْرِفُ غَضَبَكِ وَرِضاكِ. قالَتْ: قُلْتُ: وَكَيْفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: إنَّكِ إذَا كُنْتِ راضِيَةً قُلْتِ: بَلَى وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذَا كُنْتِ ساخِطَةً قُلْتِ: لَا وَرَبِّ إبْرَاهِيمَ. قالَتْ: قُلْتُ: أجَلْ لَسْتُ أُهاجِرُ إلَاّ اسْمَكَ. (انْظُر الحَدِيث ٥٢٢٨.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لست أُهَاجِر إلاّ اسْمك) وَهَذَا من الهجران الْجَائِز كَمَا ذكرنَا عَن الْمُهلب الْآن صفة الهجران الْجَائِز، وَقَالَ القَاضِي: مغاضبة عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، هِيَ من الْغيرَة الَّتِي عفى عَنْهَا للنِّسَاء وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ عَلَيْهَا فِي ذَلِك من الْحَرج مَا فِيهِ، لِأَن الْغَضَب على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَبِيرَة عَظِيمَة، وَفِي قَوْلهَا: إِلَّا إسمك، دلَالَة على أَن قَلبهَا مَمْلُوء من الْمحبَّة، وَإِنَّمَا الْغيرَة فِي النِّسَاء لفرط الْمحبَّة.

وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام، وَعَبدَة بِفَتْح الْعين وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْكلابِي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير.

قَوْله: (أجل) بِوَزْن: نعم وَبِمَعْنَاهُ، وَقَالَ الْأَخْفَش: إلَاّ أَن نعم أحسن من أجل فِي جَوَاب الِاسْتِفْهَام، وَأجل أحسن من نعم فِي التَّصْدِيق.

٦٤ - (بابٌ هَلْ يَزُورُ صاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ أوْ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً؟)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يزور الشَّخْص صَاحبه كل يَوْم أَو يزور فِي طرفِي النَّهَار بكرَة وَعَشِيَّة: فالبكرة أول النَّهَار من طُلُوع الشَّمْس إِلَى نصف النَّهَار، والعشية آخِره، وَفِي كثير من النّسخ: وعشياً، بِدُونِ التَّاء وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْعشي والعشية من صَلَاة الْمغرب إِلَى الْعَتَمَة وَقيل: الْعشي من الزَّوَال إِلَى الْعَتَمَة، وَقيل: إِلَى الْفجْر، وَقَالَ بَعضهم: وَقَالَ ابْن فَارس: وَالْعشَاء بِالْفَتْح وَالْمدّ من الزَّوَال إِلَى الْعَتَمَة. قلت: هَذَا غلط، قَالَ الْجَوْهَرِي: الْعشَاء بِالْمدِّ وَالْفَتْح الطَّعَام بِعَيْنِه، وَالظَّاهِر أَن ابْن فَارس قَالَ: الْعشَاء بِالْمدِّ وَالْكَسْر، والغلط من النَّاقِل.

٦٠٧٩ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخبرنَا هِشامٌ عَنْ مَعْمَرِ.

(ح) ، قَالَ اللَّيْثُ: حدّثني عُقَيْلٌ قَالَ ابنُ شِهابٍ: فَأَخْبرنِي عُروةُ بنُ الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ: أُمْ أعْقِلْ أبَوَيَّ إلَاّ وَهُما يَدِينانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِما يَوْمٌ إلَاّ يَأْتِينا فِيهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، طَرَفَي النَّهارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَبَيْنَما نَحْن جُلُوسٌ فِي بَيْتِ أبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قائِلٌ: هاذا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ساعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأتِينا فِيها، قَالَ أبُو بَكْر: مَا جاءَ بِهِ فِي هاذِهِ السَّاعَةِ إلَاّ أمْرٌ. قَالَ: إنِّي قَدْ أُذِنَ لِي بالخُرُوجِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إلَاّ يأتينا فِيهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، طرفِي النَّهَار بكرَة وَعَشِيَّة) وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>