للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ٍ قَالَ حدَّثني أعْلَمُهُم بِذَاكَ يَعْنِي ابنَ عبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرَجَ إِلَى أرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعاً فَقَالَ لِمَنْ هذِهِ فقالُوا أكتراها فُلانٌ فَقَالَ أمَّا إنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إيَّاهُ كانَ خَيْراً لَهُ مِنْ أنْ يأخُذَ عَلَيْهَا أجْراً مَعْلُوماً.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (أما أَنه لَو منحها إِيَّاه) إِلَى آخِره، لِأَنَّهُ يدل على فضل المنيحة، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الْبَصْرِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار الْمَكِّيّ، وَقد مر الحَدِيث فِي الْمُزَارعَة. قَوْله: (يَهْتَز) ، من الهز وَهُوَ الْحَرَكَة، وَالْمعْنَى إِلَى أَرض تتحرك وترتاج لأجل الزَّرْع الَّذِي عَلَيْهَا، وكل من خف لأمر وارتاح لَهُ، فقد اهتز لَهُ. قَوْله: (لَو منحها) ، أَي: لَو أَعْطَاهَا الْمَالِك، فلَانا المكترى على طَرِيق المنحة، لَكَانَ خيرا لَهُ، لِأَنَّهَا أَكثر ثَوابًا، وَلِأَنَّهُم كَانُوا يتنازعون فِي كِرَاء الأَرْض أَو لِأَنَّهُ كره لَهُم الافتتان بالزراعة. لِئَلَّا يقعدوا بهَا عَن الْجِهَاد.

٦٣ - (بابٌ إذَا قَالَ أخْدَمْتُكَ هَذِهِ الجَارِيَةَ على مَا يتَعَارَفُ النَّاسُ فَهْوَ جائزٌ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا قَالَ رجل لآخر: أخدمتك هَذِه الْجَارِيَة. قَوْله: (على مَا يتعارف النَّاس) أَي: على عرفهم فِي صُدُور هَذَا القَوْل مِنْهُم، أَو على عرفهم فِي كَون الأخدام أم هبة أَو عَارِية. قَوْله: (فَهُوَ جَائِز) جَوَاب: إِذا، وَحَاصِله أَن عرفهم فِي قَوْله: أخدمتك هَذِه الْجَارِيَة إِن كَانَ هبة تكون هبة، وَإِن كَانَ عرفهم أَن هَذَا عَارِية تكون عَارِية. وَقَالَ ابْن بطال: لَا أعلم خلافًا بَين الْعلمَاء أَنه إِذا قَالَ: أخدمتك هَذِه الْجَارِيَة أَو هَذَا العَبْد، أَنه قد وهب لَهُ خدمته لَا رقبته، وَأَن الإخدام لَا يَقْتَضِي تمْلِيك الرَّقَبَة عِنْد الْعَرَب، كَمَا أَن الإسكان لَا يَقْتَضِي تمْلِيك رَقَبَة الدَّار. انْتهى. وَقَالَ أَصْحَابنَا: إِذا قَالَ: أخدمتك هَذَا العَبْد، يكون عَارِية لِأَنَّهُ أذن فِي استخدامه، وَإِذا كَانَ عَارِية، فَلهُ أَن يرجع فِيهَا مَتى شَاءَ.

وَقَالَ بعْضُ النَّاسِ هذِهِ عارِيَّةٌ

قَالَ الْكرْمَانِي: قيل: أَرَادَ بِهِ الْحَنَفِيَّة وغرضه أَنهم يَقُولُونَ: لَا إِنَّه إِذا قَالَ: أخدمتك هَذَا العَبْد، فَهُوَ عَارِية، وقصة هَاجر تدل على أَنه هبة. انْتهى. قلت: لَيْسَ فِي قصَّة هَاجر مَا يدل على الْهِبَة إلَاّ قَوْله: (فأعطوها هَاجر) ، وَقَوله: (وأخدمها هَاجر) ، لَا يدل على الْهِبَة.

وإنْ قَالَ كسَوْتُكَ هذَا الثَّوْبَ فَهْوَ هِبَةٌ

قَالَ ابْن بطال: لم يخْتَلف الْعلمَاء أَنه إِذا قَالَ: كسوتك هَذَا الثَّوْب، مُدَّة يسميها، فَلهُ شَرطه، وَإِن لم يذكر أَََجَلًا فَهُوَ هبة، لِأَن لفظ الْكسْوَة يَقْتَضِي الْهِبَة، لقَوْله تَعَالَى: {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين أَو كسوتهم} (الْمَائِدَة: ٩٨) . وَلم تخْتَلف الْأمة أَن ذَلِك تمْلِيك الطَّعَام وَالثيَاب.

٥٣٦٢ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ قَالَ حدَّثنا أَبُو الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هاجَرَ إبْرَاهِيمُ بِسَارَةَ فأعْطُوها آجَرَ فَرَجِعَتْ فقالتْ أشَعَرْتَ أنَّ الله كبَتَ الكافِرَ وأخْدَمَ وليدَةً وَقَالَ ابنُ سِيرِينَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخْدَمَها هاجَرَ..

هَذَا قِطْعَة من حَدِيث فِي قصَّة إِبْرَاهِيم وَهَاجَر، سلخها من الحَدِيث الَّذِي ذكره بِتَمَامِهِ فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب شِرَاء الْمَمْلُوك من الْحَرْبِيّ، وَذكر أَيْضا قِطْعَة مِنْهُ، معلقَة فِي: بَاب قبُول الْهَدِيَّة من الْمُشْركين، وَذكر هَذِه الْقطعَة هُنَا مَوْصُولَة عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أبي الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون: عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرَّحْمَن ابْن هُرْمُز الْأَعْرَج، عَن أبي هُرَيْرَة وَأَرَادَ بهَا الِاسْتِدْلَال على الْحَنَفِيَّة فِي قَوْلهم: إِن قَول الرجل: أخدمتك هَذَا العَبْد عَارِية،

<<  <  ج: ص:  >  >>